كتب - أحمد الجناحي:
قال العازف العراقي إلهام مدفعي إن الجمهور البحريني متذوق ومطلع على أخبار الموسيقى ويختار الأشياء الجميلة، وهذا واضح من خلال الأعمال الفنية والموسيقى المتنوعة التي تطرحها البحرين، مشيراً إلى أن الموسيقى العربية بخير.
وأشار إلهام مدفعي، في حوار مع «الوطن» على هامش مشاركته في مهرجان صيف البحرين، إلى أن الموسيقى العربية كبرت وتوسعت، وصار لها أساليب كثيرة في التقديم من خلال المحطات المختلفة، حتى أصبحت الموسيقى اليوم رقمية «دجيتال»، تعتمد 70% على هندسة الصوت، و30% على الإبداع، معتبراً الهندسة هي التي تخلق الأغنية بأساليب مختلفة، ومؤمناً في النهاية بأن الإنسان هو من العنصر الذي من خلاله يمكن تقديم الأعمال بصورة جميلة وإبداعية.
وأضاف أن «الموسيقى اليوم توسعت على عدة أساليب، وهناك أسماء كبيرة، تعزف الموسيقى الغربية من العرب، وصراحة أرى أن الإبداع أصبح كبيراً والساحة تكبر كل يوم».
وبين أن مفهوم الحداثة الصحيح الذي لا يستفز المستمع «ليس كل تحديث يكون جيداً أو صالحاً، من المهم أن يكون التحديث بأسلوب مقنع، وأسلوب لايستفز المستمع، يجب أن يكون التحديث من الوجدان وأن يكون متصلاً بمعادلة وجدان المستمع». وأضاف «عندما نكون سوية بالمعادلة يمكننا أن نقدم عملاً متميزاً، والأمر الأساسي في حياة الفنان هو أين يرى نفسه، أين المسرح وأين الواقع»؟ ولابد أن يقف بشكل صحيح ليتمكن من تقديم الأعمال بصورة صحيحة.
ورداً على النقاد الذين اتهموه بتخريب الأغنية العراقية وإعادة صياغتها، يقول مدفعي «نحن لم نمس جوهر الأغنية العراقية، بل حافظنا على الجوهر الأساسي، وعملنا من حولها، وأشعر أني اخترت الطبقة الصحيحة لتقديم الأغنية، وطبقة غنائي معروفة، وكل النقاد الذين تحدثوا وكتبوا لم يفيدوني بشيء، في الحقيقة لم أستفد من نقدهم، بل كانوا يحاولون إيقاف هذه المسيرة، وأنا أتحدث عن مسيرة 40، و50 سنة، وهي ليست بالقليلة في تاريخ الموسيقى الحديثة».
وأضاف «قدمت الأعمال بشكل صحيح أحبه العالم واستوعبه، واليوم موجود ويسمع ولم يندثر، هناك أعمال لا أحد يعرفها، عرفتها من عائلتي واصدقائي وبعض المصادر، أغاني عراقية تراثية قديمة، نبحث عن الأغاني ونسمعها هل هي نافعه أم لا، والعمل ليس بقليل، والعمل معروف والجهد واضح، وجميع من تكلم أين أصبحوا اليوم، اتمنى أن نجلس في جلسة ودية لا لنتحاسب، ولكن لأعاتب، وهناك من حاول منعي من السفر أيضاً، ولكن الحمدلله استطعنا أن نقف على رجلينا ونستمر».
الجيتار صديق العمر
ويعتبر مدفعي جيتاره الشخصي صديق عمر مخلص، «الجتيار هو آلتي، الموضوع في نقل المشاعر التي بداخلي من خلال الآلة، التي استطعت أن توافقني في كل الأعمال سوية، وهو صديق عمر، واليوم النغم العراقي والشرقي والعربي يحتاج إلى هذا النوع من الإحساس، بين العازف والآلة، لكي يقدم شيئاً صحيحاًَ بإحساس كبير».
أغنية «بغداد» للشاعر نزار قباني، كونت علاقة حميمية مع الفنان، حيث اعتبرها قريبة جداً منه، لأنها تعكس مشهداً كان يراه كل يوم بعينه «أغنية بغداد تعني لي الكثير، نزار قباني تربطني به علاقة عائلية من جهة والدتي، شعرت أن هذه القصيدة التي كتبها من باب بيت بلقيس في الأعظمية على جانب شط دجله، والصفحة الثانية للنهر، كنا نرى الشمس، وفي المساء كانت قباب المساجد تضيئ وتكون مشهد جميلة حقيقةً مازلت أتذكره، وكل ذلك كان ينعكس على نهر دجله وكأنه مرآه تعكس كل شيء جميل، شعر في الأغنية من البداية، وفعلاً وكأنه عشق مبانيها وجمالها من خلال بلقيس».
وفي سؤاله عن حين ينظر الهام مدفعي الحالي الى الهام مدفعي الستينات ماذا يقول له، أجاب مازحاً أقول له «استناني شو بصير!»، «الستينات كانت مزج ما بين الرياضة والموسيقى في آن واحد، كانت النبتة في بدايتها تنمو، ولا كنت أعرف أي ريح ستأخذني حينها، مررت في عدة ظروف مختلفة من ثورة 58 إلى اليوم، والعراق تمر بظروف مختلفة وظروف إلى الأسوأ، لم تكن هناك ظروف تحسن حقيقة نشعر فيها بالاستقرار، ليست لي علاقة بالسياسة، لكن الشعب العراقي يستحق من الحياة أكثر، والعراق تستحق أكثر، وبغداد تستحق أن يغني فيها الناس وفي جمالها أكثر»، ويضيف المدفعي «نشعر بالسنين عندما نمر في ضواحي بغداد ونرى الشجرة ارتفعت حوالي 80 متراً، ونعرف أن عمرها في الـ 70 أو الـ 80 سنة، وكنا عندما نعبر تلك الضواحي قديماً كانت تلك الشجرة صغيرة، ولكن الصورة مطبوعة لهذا اليوم بالذاكرة، نمشي بالضواحي بنفس الذكريات، وكل من حولك يحمل نفس الانفعال، والحياة مجموعة من الأشياء الجميلة».

الجمهور البحريني متذوق
ويشارك المدفعي في حفل بمهرجان صيف البحرين ويقول «تلقينا دعوة المشاركة في مهرجان صيف البحرين بكل سرور وسعادة، وأشعر من خلال مشاركتي بأني سأقف أمام جمهور اشتقلت له، حيث كانت زيارتي الأخيرة قبل 10 سنوات في حفل افتتاح الفورملا 1، وكانت وقتها المشاريع الكبيرة التي صارت على مستوى العالم من البحرين، وبقينا على ذلك الحلم منذ ذاك الوقت، نحلم بلقاء الجمهور حتى رجعنا اليوم لنتواصل معه، الفرصة جميلة، والحقيقة كنا ننتظر الفرصة المناسبة».
ويرى المدفعي أن الجمهور البحريني متذوق ومطلع على أخبار الموسيقى «الجمهور يتابع أخبار الموسيقى والفن، وهو متابع لأخباري من خلال الأعلام، وأشعر بأن الجمهور متذوق يختار الأشياء الجميلة، وهذا واضح من خلال الأعمال الفنية والموسيقى المتنوعة التي تطرحها ممكلة البحرين، وهذا دليل على رفع مستوى الذوق الكبير والعظيم للبحرين».
ويشير إلى أحد الأصوات الجميلة البحرينية التي التقى بها في برنامج على قناة الأم بي سي «قبل 3 سنوات، كنت في برنامج على قناة الأم بي سي، وكان هناك شاب بحريني صوته جميل جدا، كان نتيجة أحد برنامج الغناء، وقدم أغاني جدا جميلة، وحينها شعرت بأن الموسيقى في البحرين بخير، وهناك اسلوب راقي في تقديم الأغنية الحديثة، والحداثة لاتعني أن أضع كيبورد، الحداثة هو أن تقدم شيئاً صحيحاً بمفردات صحيحة، والموزع يختار المرادف للحن من خلال التوزيع، ولكلٍ أسلوبه».
وعن أحلامه التي حققها يقول «لم أحقق كل الأحلام حقيقة، لم أكن أعرف أي رياح ستعصف بي عند الأحلام، كثير من الأمور بقيت على ماهي عليه، والنجاح كان من سعينا وجهودنا، واليوم صفينا أنا وبعض الأحلام كل منا في مكان».
ويرى أن المرأة كتاب عنوانه «حواء» مكون من 300 صحفة، ومن يحاول قراءته يجده فارغاً.
ويستعد الفنان الهام مدفعي لطرح ألبوم جديد في الأسواق، ويعمل على تطوير موسيقى «الهام»، ويستعد لمجموعة من الأعمال في انجلترا وبيريطانيا.
ويتمنى التواصل الدائم مع جماهيره، ويعتبر وجوده في البحرين من أسعد اللحظات، ويعد الجماهير بتقديم أعمال جديدة قريباً، «أشعر بالسعادة بالبحرين، ومن خلال تعاملي مع الناس في البحرين أشعر بأنعم أقربائي وتربطني بهم صداقة متينه وقوية، وأتمنى للبحرين قيادة وشعباً مزيداً من التقدم والازدهار».
إلهام مدفعي مغنٍ وعازف كردي عراقي يستخدم الدمج بين عزف الغيتار الغربي والأغنية الفولكلورية العراقية، ولد في بداية الأربعينات من القرن الماضي في بغداد، وبدأ نشاطه على آلة الغيتار منذ الثانية عشرة من عمره، وهو من الأوائل الذين قاموا بعمل فرقة موسيقية في العراق عرفت باسم الأعاصير، انتقل بعدها إلى إنجلترا لدراسة الهندسة.
ومن المعروف أن الفنان إلهام مدفعي المولود في بغداد عام 1940 قام خلال مسيرته المتميزة بعدة خطوات لتحديث التراث العربي الغنائي من خلال مزجه بإيقاع لاتيني مع الحفاظ على كيان وجوهر الأغنية، ويرى أن هذا التبسيط يعطي السامع متعة كبيرة.