في القرآن الكريم كثير من الآيات التي تفيد بأن الهداية إنما هي توفيق من الله سبحانه وتعالى لعباده، غير أن هذا لا ينافي أن يتعرض العبد لأسباب الهداية، طلباً لها، وسعياً للوصول إليها، لينال رضا الله في الدنيا والآخرة. كالمريض يأخذ الدواء طلباً للشفاء، مع أن الشافي في الحقيقة هو الله رب العالمين، لكنه سبحانه أقام أمر الدين وكذلك أمر الدنيا على أسباب لابد للإنسان أن يعمل على تحصيلها، لكيلا يكون للناس على الله حجة يوم القيامة. ومن الآيات التي تؤكد ذلك المعنى قوله تعالى في الآية 40 من سورة النور «ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور». وجاءت هذه الآية في سياق بيان أعمال الذين كفروا، مشبهة أعمالهم بالسراب، الذي يبدو للناظر كأنه ماء، وهو في حقيقة الأمر ليس إلا سراباً خادعاً، لا يروي من عطش، ولا يغني من ظمأ، فجاءت هذه الآية تذييلاً لما سبقها، لتقرر حقيقة مهمة مفادها أن الهداية من الله سبحانه، فمن لم يوفقه الله لأسبابها، فلا سبيل له إليها.