كتبت - عايدة البلوشي:
أليس من حقه كإنسان أن يخالط أقرانه؟ أن يتزوج ويكون أسرة ويحظى ببنين وبنات، أن ينخرط في وظيفة تلبي احتياجاته وتغنيه عن السؤال، هل ماضيه مع الإدمان عار لن يمحي؟!
مدمن متعافٍ يطلب الغفران وفرصة حياة جديدة، يأمل من الآخرين تفهم وضعه، وأنه بات مختلفاً عما كان عليه، إنساناً سوياً شأنه شأن الآخرين، ألسنا من يدعي الرأفة بحال المدمن والاستعداد لمساعدته؟ فلماذا لا نمد له يد العون عندما يقلع عن عادته ويطلق الإدمان؟!
بطل القصة فضل عدم الكشف عن هويته لأسباب معلومة، يقول إن دلع أهله ودلالهم دفعه لسلك طرق غير سوية، بدأت بالتدخين ومخالطة رفاق السوء وانتهت بالإدمان.
هو آخر العنقود بين أربع أخوات، حمل اسم والده، كان الأب والأم دائمي الدعاء لله سبحانه وتعالى ليرزقهم بولد ذكر، واستجاب المولى لدعائهم بعد مرور 12 عاماً من الزواج، جاء الولد لينور عليهم البيت ولكنه ما لبث أن حرق لهما حلمهما الجميل.
كان منذ طفولته الابن المدلل، جميع طلباته تلبى دون مناقشة، لم يحلم بشيء إلا وتحقق بالتو واللحظة، بفضل الله أولاً ودلع الوالدين ثانياً، لم يعرف التعب والمسؤولية والاعتماد على النفس أبداً، لأنه ببساطة وجد من يحقق أحلامه وهو يريح رجلاً على أخرى، فالوالدان هدفهما الأول والأخير إرضاؤه وسعادته، ولكنهم لم يتنبهوا إلى أن الدلال يؤدي لطريق مجهول غامض.
في المرحلة الابتدائية تفوق على أقرانه في الدراسة، وفي المرحلة الإعدادية تعرف على أصدقاء جدد وبدأ التدخين، حيث جميع «الشلة» من المدخنين على اعتبار أن ذلك من الرجولة!
أكثر ما شجعه وحثه على التدخين توفر النقود في جيوبه دوماً، حينها اضطر والده للسفر إلى الخارج لمدة 4 أشهر للعمل، وبدأت تظهر عليه علامات التغيير، كان كثير السهر مع أصدقائه، وإذا حدثته والدته بشأن غيابه المتكرر عن المنزل صرخ بوجهها «وين باروح يعني..».
في المرحلة الثانوية واصل انحرافه.. تعرف على مجموعة جديدة من الشباب تعلم منهم إدمان المخدرات، وبعدها بأقل من سنة عرفت الأسرة بالموضوع حاولوا معه كثيراً دون جدوى، أمه بكت بحرقة وأخواته خيم عليهن حزن دائم ووالده أصبح دائم التفكير.
حكم عليه بالسجن 10 سنوات، وبعدها دخل بيت التعافي وأصبح الموضوع بالنسبة له ماضياً منسياً، ولكن الناس والجيران والأهل والمعارف مازالوا ينظرون إليه بعين الشفقة وأحياناً النكران، وهو لا يستطيع الرجوع إلى الحياة الطبيعية شأن الآخرين، وثمة عقبات أمام تكوين الأسرة، تقدم لثلاث فتيات وقوبل بالرفض، والسبب على حد قولهم «ما في نصيب».. هو يطلب شيئاً واحداً فقط الصفح والغفران!
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}