لماذا لا تعيش الصمت والصمت هو مساحة خصبة لزراعة الفضائل الخيرة في بستانك، هو الفضاء حيث يمكن للأفكار الجديدة أن تظهر في فلك تفكيرك. في جلسة الصمت أنت في الحقيقة تضغط الفرامل على عجلة التفكير والكلام، وتعطي نفسك مساحة والوقت لتكون منتبهاً لمراقبة نفسك، فعندما يسكت لسانك يستعد قلبك للتكلم.
إن الصمت الحقيقي ليس الكف عن الكلام أو اعتزال الناس أو الهروب من الضجيج والانسحاب من الحياة، بل الصمت تسكين الجسـد والحواس والعقل بطريقة تجعلها أكثر يقظة و أقدر على استيعاب المعرفة الحقة والنبيلة والتخلص من ثم من كل ما هو زائف ولا قيمة له، الروح التي تتغذى في التأمل تنتظر بصبر لحظة يقظتها الموعودة فعندما تصمت تصبح عيناك هي النوافد التي تنظر منها للعالم الخارجي لأنه في الصمت يعبر بما لا يمكن التعبير بنطقه. لا تخلط بين مفهوم الصمت والبلادة أو عدم المشاركة، ليس هدف الصمت تحرير عقولنا من التفكير وفرض حالة من الخواء الذهني والسلبية، بل على العكس من ذلك إن الصمت عنصر أساس لكفاءتنا وتفكيرنا الإيجـــابي.
الصمت يعني الانسجام الجسدي و العقلي مع كل الملكات بحيث يصير كل جزء منها يؤدي وظيفته في انسجام تام مع كافة الأجزاء الأخرى، حينها يتناغم الأداء دون أن تشعر بأي خلل أو احتكاك مثل آلة تعمل في سلاسة و مرونة و لا يصدر عنها أي ضجيج، ما أكثر أن تصدق هذه الحال على حياتنا اليومية، فالحياة التي تسير في انسجام ودون أي احتكاك هي الحياة الأكثر جمالاً.

علي العرادي
اختصاصي تنمية بشرية