كتبت - مروة العسيري:
وصف نواب ونواب سابقون وشوريون بدء تطبيق التعديل الدستوري المادة (46) بداية الفصل التشريعي المقبل بمشاركة المجلس النيابي في وضع برنامج عمل الحكومة لأول مرة في تاريخ البحرين السياسي بالمشروع الإصلاحي التقدمي ضمن المسيرة الديمقراطية البحرينية. وشددوا، في تصريحات لـ«الوطن»، أن النواب لن يختلفوا على برنامج الحكومة متى ما جاء متوافقاً مع احتياجات المواطنين المتشابه بين جميع الجمعيات والتكتلات والتي تتركز في الإسكان وتعديل مستوى المعيشة.
وأضافوا أن المادة أضافت تغييراً على العمل المشترك بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، حيث إنها منحت النواب حق قبول أو رفض برنامج الحكومة بعد أن كانت الحكومة تعرض برنامجها من باب العلم وللنواب حق التمني بأن يكون شيء من مرئياتهم موجوداً ضمن البرنامج ولم تكن ملاحظات النواب حينها ملزمة كذلك.
وأكدوا أن التطور السياسي في البحرين والديمقراطية تتدرج سنة عن سنة عن طريق هذه التعديلات خطوة بخطوة، وأن الصلاحيات الممنوحة للنواب مؤخراً متى ما عرف النواب كيفية التعامل معها بأسلوب حرفي ومثقف قانونياً وسياسياً، متى ما تحققت النتائج المرجوة من النواب.
وأشاروا إلى أنه «يقع على عاتق البرلمان الجديد الابتعاد عن الكتل التي تخدم نفسها وأن يتم تشكيل نظرة واحدة لبرنامج واحد للحكومة يخدم البحرين ككل (حكومة وشعباً).
وقالوا إن هذا التطور في المادة المشار إليها يضع مسؤولية أكبر على البرلمان البحريني فهذه المشاركة في اختيار البرنامج أيضاً تعني مسؤولية البرلمان في وضع البرنامج الحكومي ومما يعني المشاركة في المسؤولية فيما إذا نجح أو فشل البرنامج.
لا اختلاف على برنامج يوافق الاحتياجات
قال رئيس لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بمجلس النواب أحمد الملا إن الفصل المقبل سيشهد تفعيلاً للتعديلات الدستورية التي أجريت الفصل المنصرم، وهي للمرة الأولى في تاريخ البحرين السياسي سيقوم النواب بالمشاركة في اختيار برنامج الحكومة، منوهاً إلى أن هذا التعديل أعطى النواب صلاحيات تفوق ما يطالب به الآخرون.
وأشار أحمد الملا إلى أن المادة (46) من الدستور بينت أن على الحكومة تقديم برنامجها خلال ثلاثين يوماً من أداء اليمين الدستورية إلى مجلس النواب، وان لم يقر النواب البرنامج خلال الفترة المحددة بأغلبية أعضائه تقوم الحكومة بإعادة تقديمه بعد إجراء التعديلات خلال 21 يوماً من تاريخ الرفض، لافتاً إلى أن تحديد المدد التنظيمية تمنع أي تأخير لإقرار البرنامج، وهو ما يؤكد جودة هذه المادة المعدلة.
وأوضح أن كل جمعية وكل تكتل نيابي لديه أهدافه ومطالبه من برنامج الحكومة، وأن أهم الاحتياجات لجميع التكتلات تكاد تتشابه وهي الإسكان وتعديل مستوى المعيشة للمواطنين، لافتاً إلى أن النواب لن يختلفوا على برنامج الحكومة متى ما جاء متوافقاً مع هذه الاحتياجات.
وبحسب المادة (46) المعدلة من الدستور فإن رئيس مجلس الوزراء والوزراء يؤدون أمام الملك، وقبل ممارسة صلاحياتهم اليمين المنصوص عليها في المادة (78) من الدستور نفسه، ويقدم برنامج الحكومة خلال ثلاثين يوماً من أداء اليمين الدستورية إلى مجلس النواب، أو في أول اجتماع له إذا كان غائباً. وإذا لم يقر المجلس هذا البرنامج خلال ثلاثين يوماً بأغلبية أعضائه تقوم الحكومة بإعادة تقديمه إلى المجلس بعد إجراء ما تراه من تعديلات خلال واحد وعشرين يوماً من تاريخ رفض المجلس له، فإذا أصر مجلس النواب على رفض البرنامج للمرة الثانية خلال فترة لا تتجاوز واحد وعشرين يوماً بأغلبية ثلثي أعضائه قبل الملك استقالة الوزارة.
وإذا لم يقر المجلس برنامج الوزارة الجديدة بذات الإجراءات والمدد السابقة، كان للملك أن يحل المجلس أو يقبل استقالة الوزارة ويعين وزارة جديدة، ويجب على المجلس أن يصدر قراراً بقبول برنامج الحكومة أو رفضه خلال المدد المنصوص عليها، فإذا مضت إحدى هذه المدد دون صدور قرار من المجلس عدّ ذلك قبولاً للبرنامج.
ونوه الملا إلى أن الأغلبية المطلوبة لرفض برنامج الحكومة عند العرض للمرة الأولى هي أغلبية أعضاء المجلس أي (21) صوتاً أما رفض برنامج الحكومة عند العرض للمرة الثانية يشترط أن تكون بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس أي 27 صوتاً والسبب في رفع النصاب في المرة الثانية نظراً للأثر المترتب عن عدم الموافقة كما أن في حالة مضي المدة المقررة للمجلس لاتخاذ قراره بشأن البرنامج عد ذلك قبولاً للبرنامج ويعد هذا الحق من الإضافات النوعية التي تضمنتها التعديلات الدستورية لزيادة الصلاحيات لمجلس النواب.
الابتعاد عن كتل تخدم نفسها
من جهته، قال عضو مجلس الشورى الشيخ د.خالد آل خليفة إن «التعديلات الدستورية التي أقرها المجلس الوطني وخاصة في المادة (46) بمشاركة البرلمان في برنامج الحكومة يعتبر تطوراً سياسياً تاريخياً في حركة الإصلاح لجلالة الملك وهذا التطور الملموس يعتبر نقلة نوعية نحو ديمقراطية بحرينية نابعة من المجتمع البحريني نفسه وبناء على التدرج في التطوير وعدم الانغماس في الجمود، ولكن هذا التطور في المادة المشار إليها يضع مسؤولية اكبر على البرلمان البحريني فهذه المشاركة في اختيار البرنامج أيضا تعني مسؤولية البرلمان في وضع البرنامج الحكومي ومما يعني المشاركة في المسؤولية فيما إذا نجح أو فشل البرنامج».
وأضاف الشيخ د.خالد «نرتكز على خلفية 12 سنة من الممارسة الديمقراطية البرلمانية مما يجعلنا كبرلمانيين أو مجتمع مؤهلين لتنفيذ مثل هذا التطور، وعلى البرلمان الجديد أن يعي هذه المسؤولية وأن يرتبط برامج انتخابات أعضاء المجلس النيابي في حملاتهم الانتخابية ببرنامج الحكومة الذي سيوضع بعد تشكيل المجلس الجديد فعلى كل المرشحين اليوم أن يعوا لأهمية هذه المادة وأن يربطوها ببرامج إنتخابية جيدة وواقعية وممكنة التحقيق، لكي يجاز تحقيقها من خلال هذه المشاركات».
وأكد أنه «يقع على عاتق البرلمان الجديد الابتعاد عن الكتل التي تخدم نفسها وأن يتم تشكيل نظرة واحدة لبرنامج واحد للحكومة يخدم البحرين ككل (حكومة وشعبا).
وبالنسبة للإجراءات التي تحددت في المادة (46) من الدستور فإن الفترات المجازة للحكومة والبرلمان تثبت جديه الطرح، و? تترك مجالاً للتأخير أو التسويف، كما أعطت الملك صلاحية حل الحكومة أو البرلمان في حال التأخير أو التجاوز.. مما ? يترك أي مجال لأي تأخير في الاتفاق على برنامج الحكومة.
مشروع إصلاحي تقدمي بالمسيرة الديمقراطية
من جانبها، قالت رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس النواب سوسن تقوي إن التعديلات الدستورية الأخيرة تعتبر مشروعاً إصلاحياً تقدمياً بالمسيرة الديمقراطية البحرينية.
وأكدت سوسن قوي أن «هذه التعديلات الدستورية جاءت في ضوء مقررات حوار التوافق الوطني وحازت على الإجماع الشعبي من خلال عرضها ومناقشتها وإقرارها من مجلسي النواب والشورى ومن ثم صادق عليها جلالة الملك وأصدرها، مشيرة إلى أن هذه التعديلات الدستورية عززت من صلاحيات مجلس النواب بشكل كبير، ومن بينها مشاركة النواب في بلورة برنامج عمل الحكومة.
وأضافت أن «الإجراء المعمول به قبل التعديلات الدستورية هو أن تقدم الحكومة برنامج عملها طوال الأربع سنوات وهو عمر المجلسين اللذان يقدمان مرئياتهما وملاحظاتهما على برنامج عمل الحكومة، وأن هذه الملاحظات غير ملزمة للحكومة لإجراء التعديل، أما بالنسبة للتعديل الدستوري الجديد فإنه اشترط موافقة مجلس النواب على برنامج عمل الحكومة، وذلك يعتبر صلاحية دستورية جديدة للمجلس المنتخب، وبالتالي يجب على الحكومة إجراء المشاورات اللازمة مع مجلس النواب لبلورة برنامج عملها طوال عمر المجلس.
وبينت تقوي أن هذه الصلاحية الدستورية المهمة تسهم في توحيد وتنسيق المسيرة التنموية للحكومة والبرلمان طوال السنوات الأربع وبالتالي فإن ذلك يسهم في تعزيز العلاقة بين السلطتين وهو ما يسهم في تحقيق أكبر قدر ممكن من الفائدة والمصلحة للوطن والمواطنين.
المادة الدستورية حجة النواب على الحكومة
وقارن النائب السابق يوسف الهرمي بين الفصول التشريعية الثلاث السابقة، مشيراً إلى أن كل تعديل يحدث في دستور البحرين دليل تطور حياتنا السياسية وهو دليل على أن تجربتنا في التعامل مع الديمقراطية تسير خطوة بخطوة وهي الطريقة الصحيحة.
ولفت يوسف الهرمي إلى أن تجربة 12 سنة في العمل السياسي بالبحرين لا تزال متواضعة، وبدأ المجتمع حالياً مهيأ لاختيار النواب المناسبين للتعامل مع الصلاحيات الجديدة الممنوحة لمجلس النواب بأسلوب احترافي وواعي ومثقف قانونياً ودستورياً وسياسياً.
ولفت الهرمي إلى أن النواب فيما سبق لم يكن بإمكانهم حتى مجرد التمني بإضافة شئ في برنامج الحكومة، وكان يعرض على النواب فقط من باب العلم، ويقوم النواب بإبداء ملاحظات ليست ملزمة للحكومة، معتقدا أن التطور الكبير هو أن السلطة التشريعية لها الحق في رفض أو قبول هذا البرنامج مع إبداء ملاحظاتها للحكومة وعلى الحكومة أن تأخذ بهذه الملاحظات محاولة لاسترضاء النواب على برنامجها وهنا يتحقق التعاون الوطني من أجل العمل بفكر سياسي واحد يخدم المصلحة العليا.
وواصل الهرمي أن «التعامل مع هذه المادة بانفتاح وبثقافة قانونية عاليه يعطي مجلس النواب قوة، حيث أن هذه المادة تعطي النواب حجة على الحكومة في حال قصرت في تنفيذ أحد خططها المذكورة بالبرنامج، إضافة إلى ذلك يمكن للنواب المشاركة في مشاريع الحكومة عن طريق إجازتها أو رفضها، وإبداء ملاحظاتهم عليها لتأخذ بها الحكومة وتعدل على برنامجها استرضاء للنواب الذين هم أساساً ممثلون عن شعب وليس عن أجسادهم الشخصية فقط، فبذلك يكون الشعب هو من شارك الحكومة في وضع برنامجها، وهذا أكبر دليل على مشاركة الشعب في صنع القرارات.
وشرح الهرمي أن التعايش السياسي بين السلطتين التنفيذية والتشريعية ستسوده الصراحة المتناهية وهذه هي الديمقراطية والشفافية على أصولها، وستخلق مواقعاً فكرية جديدة لبرامج الحكومة عن طريق الأخذ بمقترحات النواب، وإن رفض النواب البرنامج بعيداً عن المصالح الشخصية سيكون الرفض إيجابي من أجل مستقبل البحرين.
ونصح الهرمي النواب المقبلين بأن يعملوا بفكر وعقل سياسي واحد في بداية الفصل بعيداً عن الحزبيات والتكتلات ليتم وضع برنامج حكومي مرضٍ للشعب تقوم الحكومة من خلاله بانجاز الكثير، وهنا يقع العبء الأكبر على الناخبين أنفسهم في إيصال المرشح الذي يستحق تحمل الأمانة وأن يكون نائباً يصنف تحت خانة الامتياز.
استخدام المادة
قالت عضو الشورى المحامية جميلة سلمان «بداية لابد من الإشارة إلى أن التعديلات الدستورية التي اجريت على الدستور في 2012 ومنها المادة (46) جاءت بناء على طلب جلالة الملك للرغبة الملكية في تطوير النظام السياسي في البحرين بما يحقق الكثير من الديمقراطية وتوافقاً مع ما نتج من حوار التوافق الوطني من مخرجات».
وأشارت إلى أن تعديل المادة (46) جاء لتعزيز دور السلطة التشريعية في منح الثقة للحكومة وذلك بإقرار أو عدم إقرار البرنامج الذي تقدمه الحكومة لمجلس النواب. وقد حدد نص المادة مدة ثلاثين يوماً ليقدم رئيس الوزراء برنامج الحكومة بعد أداء الوزارة لليمين الدستورية إلى مجلس النواب، فإذا قبل مجلس النواب البرنامج، فقد حازت الحكومة على ثقة المجلس وأيضاً إذا مضت المدة دون أن يتخذ المجلس قراراً صريحاً بالموافقة أو عدم الموافقة على البرنامج اعتبر ذلك قبولاً من المجلس ببرنامج الحكومة، وبالتالي حيازة الحكومة على ثقة المجلس.
وأوضحت أنه في حال رفض المجلس لبرنامج الحكومة خلال ثلاثين يوماً تقوم الحكومة بإعادة تقديمه بعد إجراء ما تراه من تعديلات خلال واحد وعشرين يوماً، فإذا اصر المجلس على رفض البرنامج قبل الملك استقالة الحكومة وتشكيل وزارة جديدة تقوم بعرض برنامج على المجلس بذات الكيفية وجدير بالذكر أنه بإمكان مجلس النواب أن يقترح بعد عرض برنامج الوزارة أن يطلب بعد التشاور مع الحكومة إدخال تعديل على برنامجها قبل التصويت عليه.
وأضافت جميلة سلمان حول أهمية هذا التعديل وإيجابياته أنه سيؤدي إلى حرص الحكومة على تقديم برنامج يحوز على قبول وموافقة مجلس النواب، مما سينعكس إيجاباً على أمور كثيرة منها الأداء وتطلعات المواطنيين فيما ستقدمه الحكومة من إنجازات، مما سيؤدي إلى مزيد من رقي وتقدم المملكة.
وقالت «نأمل أن لا يساء استخدام هذه المادة من قبل من سيصل إلى قبة البرلمان بهدف تعطيل عمل الحكومة أو تعطيل العمل البرلماني، إذ أنه من حق المجلس الاعتراض على برنامج الحكومة إذا كان لهذا الرفض أسبابه الجدية لا من أجل أهداف لا تخدم الصالح العام وتضر بمصالح الشعب والدولة».
وأشارت إلى أن هناك الكثير من التجارب البرلمانية في الدول الأخرى إذ أثر انتهاج هذا الأسلوب على الحياة البرلمانية وعطلها، وخلق نوعاً من عدم الاستقرار السياسي وأضر بالعملية التشريعية، وأدى إلى تأخرها وأثر على إحراز التقدم في البناء والتنمية. لذا لابد من التعامل المستقبلي القادم مع هذه المادة بما يخدم الصالح العام بعيداً عن أية أهداف أخرى.