حذر علماء ودعاة من «آفة سوء الظن»، مشيرين إلى أنها «من أشد الآفات فتكاً بالأفراد والمجتمعات، ذلك أنها إن تمكنت قضت على روح الألفة، وقطعت أواصر المودة، وولدت الشحناء والبغضاء».
وأوصى العلماء «بضرورة حسن الظن بالله وبالآخرين»، موضحين أن «بعض مرضى القلوب لا ينظرون إلى الآخرين إلا من خلال منظار أسود، والأصل عندهم في الناس أنهم متهمون، بل مدانون، ومما لاشك فيه أن هذه الظنون السيئة مخالفة لكتاب الله ولسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولهدي السلف رضي الله عنهم».
من جهته، قال الداعية الشيخ عادل المطيرات، إن «مرض سوء الظن من الآفات المنتشرة في مجتمعاتنا، فهو يفت في عضدها، مستشهداً بالآية الكريمة في سورة الحجرات التي تنهى عن سوء الظن في قوله تعالى «يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثمٌ ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله توابٌ رحيمٌ»».
وأضاف «تفسير الآية الكريمة، هي أن الله سبحانه وتعالى يقول، يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله، لا تقربوا كثيراً من الظن بالمؤمنين، وذلك أن تظنوا بهم سوءاً، فإن الظان غير محق، وقال جل ثناؤه، «اجتنبوا كثيراً من الظن»، ولم يقل: «الظن كله»، إذ كان قد أذن للمؤمنين أن يظن بعضهم ببعض الخير».
وتابع الشيخ المطيرات «أما السنة فقد ورد فيها قول الرسول صلى الله عليه وسلم «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث»، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم المسلمين حسن الظن، فقد جاءه رجل يقول «إن امرأتي ولدت غلاماً أسود، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل لك من إبل؟ قال: نعم، قال: فما ألوانها؟ قال: حمر، قال: هل فيها من أورق؟ «يعني فيه سواد»، قال: إن فيها لأورقاً، قال: فأنى أتاها ذلك، قال: عسى أن يكون نزعه عرقٌ، قال: وهذا عسى أن يكون نزعه عرق»».
وذكر أن «العلماء قسموا سوء الظن إلى قسمين كلاهما من الكبائر وهما، سوء الظن بالله، وهو أعظم إثماً وجرماً من كثير من الجرائم، لتجويزه على الله تعالى أشياء لا تليق بجوده سبحانه وكرمه، وهناك سوء الظن بالمسلمين، وهو أيضاً من الكبائر، فمن حكم على غيره بشر بمجرد الظن حمله الشيطان على احتقاره وعدم القيام بحقوقه وإطالة اللسان في عرضه والتجسس عليه، وكلها مهلكات منهيٌ عنها»، مضيفاً أن «كل من رأيته سيئ الظن بالناس طالباً لإظهار معايبهم فاعلم أن ذلك لخبث باطنه، وسوء طويته، فإن المؤمن يطلب المعاذير لسلامة باطنه، والمنافق يطلب العيوب لخبث باطنه».
من جهته، قال الداعية الشيخ عمر عبدالكافي إن «السلف الصالح رضي الله عنهم وأرضاهم نأوا بأنفسهم عن هذا الخلق الذميم، فكانوا يلتمسون الأعذار لبعضهم، حتى قال بعضهم: «إني لألتمس لأخي المعاذير من عذر إلى سبعين، ثم أقول: لعل له عذراً لا أعرفه»».
في السياق ذاته، دعا الشيخ الدكتور العربي كشاط «المسلمين إلى تنقية قلوبهم من آفة سوء الظن»، مؤكداً أن «الحرص على ذلك يحمي المجتمع من تلك الآفة الخطيرة، التي إن تمكنت قضت على روح الألفة، وقطعت أواصر المودة، وولدت الشحناء والبغضاء».