في أُولى المحاولات الناجحة للهندسة الوراثية على البعوض، غيّر باحثو معهد «هوارد هيوز الطبي» بأميركا، طريقة استجابة تلك الحشرات للروائح، بما في ذلك رائحة البشر والمواد الطاردة للبعوض المسماة «دي إي إي تي». ولا يوضح البحث فحسب، القدرة على تغيير البعوض وراثياً، بل يمهد الطريق أيضاً لفهم انجذاب الحشرة بشكل كبير نحو البشر، وكيفية منع ذلك.
هندسة وراثية
خلال عام 2007، أعلــن الباحثون انتهاءهم من التسلسل الكلي لجينوم بعوضة «الحمى الصفراء»، نوع من البعوض من جنس «الزاعجة»، الذي ينقل حمى الضنك والحمى الصفراء. وبعد ذلك بعام، تحول تركيزهم نحو هندسة البعوض وراثياً. نظراً لأهميتها كناقل للأمراض، فضلاً عن انجذابها الفريد نحو البشر.
في البداية، تم تقصي جين يسمى «أوركو»، ونقلت مجلة «ساينس ديلي» عن قائدة فريق البحث قولها: «كنا نعلم بأهمية هذا الجين بالنسبة إلى الذباب، في التفاعل مع الروائح التي تستجيب لها»، لذلك اعتبرت إمكانية قراءة تفاعل «أوركو» على البعوض رهاناً جيداً.
حشرات متحولة
استخدم الفريق البحثي أداة هندسة وراثية تدعى «نيوكلييز إصبع الزنك» لتغيير جين «أوركو» في البعوضة الزاعجة. وتم حقنها في أجنة البعوض، وما إن نضجت الأجنة، وتحددت معالم الحشرات المتحولة، تمكن الباحثون من إيجاد سلالات بعوض متحولة، مكنتهم من دراسة دور جين «أوركو» في بيولوجيا البعوض.
بالمقابل، أظهر البعوض المهندس وراثياً تقلص الأنشطة في خلايا عصبية مرتبطة برائحة الاستشعار. بعدها، كشفت الاختبارات السلوكية عن المزيد من التغييرات.
وفي ما يخص الاختيار بين الإنسان وأي حيوان آخر، تتحرك «بعوض الحمى الصفراء» الطبيعية مصدرةً طنينها باتجاه الإنسان. ولكن البعوض الذي تم حقنه بجين «أوركو» أظهر انخفاضاً لتفضيل رائحة البشر، حتى مع وجود ثاني أكسيد الكربون، الذي يعتقد بدوره كعامل مساعد في استجابة البعوض لرائحة البشر.
مواد طاردة للبعوض
يطمح فريق البحث في معهد «هوارد هيوز الطبي» بأميركا بإجراء دراسة مفصلة أكثر لكيفية تفاعل بروتين «أوركو» مع مستقبلات الرائحة لدى البعوض، بغية السماح لها باستنشاق الروائح. وكذلك إلقاء نظرة على عمل المواد الطاردة للحشرات، من ثم البدء في تشكيل نظرة متقدمة حول ماهية مكونات المواد المستقبلية الطاردة للحشرات.