انسحبت قوات النظام السوري أمس (الأحد) من آخر معاقلها في محافظة الرقة في شمال سوريا، لتصبح هذه المحافظة بكاملها تقريباً تحت سيطرة تنظيم «داعش» الذي بات ينتشر على مساحات شاسعة مترابطة من العراق وسوريا.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان والإعلام الرسمي السوري وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أن تنظيم «داعش» تمكن في اليوم السادس من المعــارك العنيفــة والهجمات المتتاليـة على مطــار الطبقة العسكري في محافظة الرقة من اقتحام المطار صباحاً، وصولاً إلى السيطرة عليه بشكل شبه كامل.
واقر التلفزيون السوري الرسمي بـ«إخلاء المطار» بعد «معارك عنيفة خاضتها الوحدات المدافعة»، متحدثاً عن «عملية إعادة تجميع ناجحة» للقوات الحكومية.
وذكر المرصد السوري أن القوات النظامية انسحبت خصوصاً إلى بلدة اثريا في محافظة حماة الواقعة إلى جنوب غرب الطبقة.
إلا أنه أشار إلى وجود عشرات الجثث في أرض المطار، عدد منها مقطوعة الرؤوس.
وعلى عادة مؤيدي التنظيم المتطرف، بدأ هؤلاء بنشر صور مروعة لرؤوس مقطوعــة على حساباتهـــم على «تويتر».
ويجمع الخبراء على أن تنظيم «داعش» يستخدم أسلوب استعراض القوة الوحشي هذا لنشر الرعب حيث يحل. وقال مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن إن «محافظة الرقة هي المحافظة السورية الأولى التي باتت خالية من أي وجود لقوات النظام أو حتى للكتائب المقاتلة المعارضة له، باستثناء بعض القرى في شمال غرب الرقة القريبة من بلدة كوباني (حلب) التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية».
واندلعت المعارك في محيط المطار في منتصف أغسطس، وشهدت تصعيداً منذ مساء الثلاثاء.
وحتى السبت، كانت حصيلة معارك مطار الطبقة تجاوزت 100 قتيل بالنسبة إلى تنظيم «داعش» و25 قتيلاً بالنسبة إلى قوات النظام.
وترافقت المعارك مع غارات جوية مكثفة نفذتها طائرات النظام على محيط مطار الطبقة ومدينة الطبقة.
وبات تنظيم «داعش» الذي أعلن في نهاية يونيو إقامة «خلافة إسلامية» منذ ذلك الوقت، يسيطر على مساحات كبيرة من شمال وشرق سوريا من بلدة منبج في محافظة حلب (شمال) إلى مدينة البوكمال في محافظة دير الزور (شرق). وهي أراض متصلة ببعضها تضم كل محافظة الرقة وبعض المناطق في محافظة الحسكة (شمال شرق) وأجزاء كبيرة من محافظتي حلب ودير الزور (شرق).
وفي إطار تعزيز وجوده في مناطقه المترابطة جغرافياً، انسحب عناصر التنظيم خلال الساعات الماضية من ريف حمص الشمالي، بحسب ما ذكر المرصد وناشطون.
كما تتصل هذه المناطق السورية بمناطق أخرى واسعة من شمال العراق وغربه بسط التنظيم المتطرف سيطرته عليها خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة. ودخلت محافظـة الرقـة النزاع العسكري في سبتمبر 2012. وكانت تعتبر قبل الحرب من المناطق السورية الأكثر فقراً والأقل تنمية.
وفي مارس 2013، باتت تحت سيطرة مقاتلي المعارضة بعد سقوط مدينة الرقة وانسحاب النظـام من كل أنحاء المحافظة نتيجة معارك أو ضغوط، محتفظاً بمراكز عسكرية أبرزها مقرا اللواء 93 والفرقة 17 في مدينة الرقة ومطار الطبقة.
وتمكن تنظيم «الدولة الإسلامية» تدريجياً من طرد مقاتلي المعارضة الآخرين من المحافظــة نتيجــة ممارسات وتنكيل وأعمال خطف وقتل عشوائية. وتحولت محافظة الرقة إلى أول معقل للتنظيم المتطرف فرض عليه قوانينه بينها ارتداء النساء للنقاب وإطلاق الرجال لحاهم وإقامة محاكمات شرعية وتنفيذ إعدامات مبنية على تكفير كل من يعارضه.
وفي جنوب البلاد، قتـل 32 عنصـراً في كتائب مقاتلة في كمين نصبته لهم قوات النظام السوري في ريف درعا الغربي فجر أمس، وجرح وفقد العشرات غيرهم.
وأكد التلفزيون الرسمي السوري حصــول الكمين، مشيراً إلى القضـاء على «عشرات الإرهابيين».