كتب - إبراهيم الزياني:
شرع مجلس الشورى أمس، في مناقشة مشروع قانون تنظيم عملية استخراج الرمال البحرية وبيعها، إذ أقر حظر تصديرها خارج المملكة إلا بموافقة مجلس الوزراء، واشترط الحصول على ترخيص من الوزير المسؤول للبدء في استخراج الرمال البحرية، وحدد المشروع، رسم لا يقل عن 10 آلاف دينار ولا يزيد عن 50 ألفاً سنوياً، للحصول على ترخيص للنشاط، ووافق المجلس في جلسته، على مواد المشروع، عدا المادتين (4) و(8)، واللتين أرجعهما إلى لجنة المرافق العامة والبيئة لمزيد من الدراسة.
ووافق المجلس، على مقترح وزير «البلديات» د.جمعة الكعبي، بإعطاء صلاحية الموافقة على تصدير الرمال المستخرجة، إلى خارج المملكة لمجلس الوزراء بدلاً مما كان ينص عليه تعديل اللجنة، عند الوزير المسؤول. وقال «هناك بعض الاستراتيجيات المشتركة بين دول المنطقة تتطلب استخدام الرمال، واقترح أن تتم بموافقة مجلس الوزراء».
واختلف شوريون، حول الرسم المحددة في الفقرة الثالثة من المادة الأولى، والناصة على انه «يتولى مجلس الوزراء تحديد رسم لا يقل عن عشرة آلاف دينار ولا يزيد عن خمسين ألف دينار سنوياً للحصول على ترخيص لنشاط استخراج الرمال البحرية. وتحدد اللائحة التنفيذية للقانون الشروط اللازمة لإصدار الترخيص للشخص الطبيعي أو الشخص الاعتباري»، ورأى أعضاء أن مبلغ الرسم كبير، ويشكل عائق أمام الشركات المتوسطة ويقتل المنافسة، ويبعد المستثمرين ويحتكرها، خاصة وأن المبلغ يتعلق في الترخيص، واعتبر آخرون أن الرسم المحدد مناسب، إذ من الضروري أن تكون الشركة المستخرجة ذات كفاءة وخبرة عالية، وتمتلك معدات متطورة لا تسبب ضرراً للبيئة، فيما اقترح وزير شؤون مجلسي الشورى والنواب عبدالعزيز الفاضل، ترك تحديد الرسم إلى مجلس الوزراء، ليقدرها بشكل كامل.
رسوم تُكرّس الاحتكار
وذكرت رباب العريض، أن «الرسم الوارد في النص مناسب للترخيص، ولا يمكن أن نرفض إيرادات تدخل على الدولة، إذ إنها تزيد في التنمية، والشركات العاملة في المجال تدر أرباحاً كبيرة، كما إننا لا نريد أي شركة أن تستخرج الرمل، بل من المهم لدينا معيار المحافظة على البيئة».
واتفق عبدالرحمن جمشير مع سابقته، وقال إن «الرمال ثروة يجب الحفاظ عليها والحد من استخراجها، باستثناء الشركات التي تملك قدرات فنية للحفاظ على البيئة، إذ أن التكنولوجيا المتطورة في المجال تستثمر فيها الشركات أصحاب الرأس مال الكبير، وهي محدودة وليست بالمئات».
وبين فؤاد الحاجي، أن «مقترح وزير المجلسين، بترك تحديد الرسم إلى مجلس الوزراء، فيه شبهة العوار الدستوري، إذ توجد مادة دستورية صريحة وواضحة، تنص على أنه لا تحدد الرسوم أو الضرائب إلا بقانون»، ورأى أن المبلغ المنصوص عليه في المادة مناسب، إذ أن «الشركات العاملة في المجال عملاقة ومحدودة، ولها تأثير على البيئة وقت عملها وبعده، ولا أعتقد أن المبلغ المفروض على شركات تتعامل بالملايين، بالكبير»، مشيراً إلى أنه «لا توجد شركة صغيرة أو متوسطة تعمل في هذا المجال».
من جهته، تطرق د.عبدالعزيز أبل للقضية من جانب اقتصادي، وقال إن «الرسم المحدد يكرس حالة احتكار القلة، ويسبب ارتفاع الأسعار، والمتضرر هو المواطن المستهلك الأخير، لذا يجب أن نشجع على زيادة المستثمرين لخفض الأسعار»، وتوافق النائب الأول لرئيس المجلس جمال فخرو مع سابقه، وذكر أن «السوق مفتوح، ومن تنطبق عليه الشروط يمنح الترخيص، وهناك فرق بين الترخيص لممارسة الشركة عملها وتسعير الرمال المستخرجة، إذ في السابق تستخرج الشركة الرمال دون رسوم أو عائد، فيما المشروع المنظور ينظم العملية».
واختلفت دلال الزايد مع أبل وفخرو، وقالت «لا اتفق مع رأي ربط رسم الترخيص بالتشجيع على الاستثمار في المجال، والسعودية نصت في قانونها على ارتفاع قيم رسوم الترخيص، للتأكد من ملائمة الشركة مالياً، وكفاءتها فنياً، لممارسة مثل هذه النشاط»، لافتة إلى أن الشركات «تستفيد مالياً من نشاطها»، وأقر المجلس المادة كما وردت من اللجنة دون تعديل.
لا مبرر للتفويض
واقترحت رباب العريض، تعديل المادة (3) من المشروع، والناصة على أنه «للوزير المسؤول عن تنظيم صيد واستغلال وحماية الثروة البحرية أن يصدر قراراً مسبباً برفض منح الترخيص إذا لم يكن مستوفياً للشروط المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية والقرارات الصادرة تنفيذاً لهذا القانون. ولطالب الترخيص التظلم من هذا القرار خلال أسبوعين من تاريخ إخطاره به، وعلى الوزير البت في التظلم وإخطار المتظلم بالقرار الصادر بشأنه خلال أسبوعين من تاريخ تقديمه، ويجوز لمن رفض تظلمه الطعن به أمام المحكمة المختصة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إخطاره برفض التظلم أو من تاريخ انقضاء الميعاد المحدد للبت في التظلم إذا لم يصدر الوزير قراراً بشأنه»، بإضافة «أو لمن يفوضه» بعد الوزير المسؤول، إذ أنه يمكن أن يكون مسافراً، ولعدم حصر الموضوع لدى الوزير، وتعطيل مصلحة المواطنين، معتبرة النص الحالي «غير عملي، وصياغة المادة ركيكة».
وبين المستشار القانوني للمجلس أن «قرار الترخيص يصدر حصراً من الوزير ولا يمكن أن يفوض أحداً كما نصت عليه المادة الأولى، ويجب أن يكون هناك انسجام بين المادتين-منح الترخيص والتظلم على الرفض-، وأعتقد أنه لا مبرر للإضافة المقترحة»، فيما رد وزير «البلديات» د.جمعة الكعبي على تخوف غياب الوزير، وذكر «في حالة كان الوزير في إجازة، فإن مجلس الوزراء يوكل أحداً في غيابه»، ورفض المجلس مقترح العريض بالتعديل على المادة وأقرها دون تعديل.
«المصلحة العامة»
وتساءلت العريض، عن الخلل الجسيم الذي يقصد به في الفقرة الثانية من المادة الرابعة، والناصة على أنه «يجوز للوزير إلغاء الترخيص في أي من الحالات الآتية: 1-إذا فقد المرخص له شرطاً من شروط منح الترخيص. 2-إذا أخل المرخص له إخلالاً جسيماً بأحكام هذا القانون واللوائح والقرارات الصادرة تنفيذاً له، أو بأي شرط من شروط الترخيص. 3-إذا لم يبدأ المرخص له استخراج الرمال خلال ثلاثة أشهر من تاريخ منحه الترخيص. 4-إذا اقتضت المصلحة العامة إلغاء الترخيص، وفي هذه الحالة يجب تعويض المرخص له تعويضاً عادلاً عن الأضرار التي لحقت به جراء هذا القرار. وللمرخص له في هذه الأحوال التظلم من قرار إلغاء الترخيص والطعن فيه طبقاً للمدد والإجراءات المنصوص عليها في المادة (3) من هذا القانون»، لافتة إلى أن «الفقرة الرابعة، والناصة على إلغاء التصريح إذا اقتضت المصلحة العامة، فضفاضة».
واتفق جمال فخرو مع العريض، وقال إن «البند الرابع خطير، ولن يساعد المملكة على استقطاب أي استثمار، وهي جملة عامة، كما أن هناك قوانين أخرى تعاقب مرتكبي مخالفة للمصلحة العامة».
من جهته، قال مقرر اللجنة عبدالرحمن جواهري، إن «الهدف من البند الرابعة، تنظيم عملية الخروج عن نطاق استخراج الرمال المحدد أو تدمير البيئة»، وأردف «الوزير هو المختص بمنح الترخيص، ولا يمكن أن يسحبه دون مبرر، وأن نفترض سوء النية، أما البند الثاني، فقد يلغى التصريح لدواعٍ أمنية أو اقتصادية، فيجب إعطاء الوزير الصلاحية».
وتساءل الشيخ د.خالد آل خليفة «ما هي المصلحة العامة ومن سيحددها؟ الفقرة تفتح باباً للفساد في تطبيقها، إذ يمكن التعذر بحجة المصلحة العامة لإلغاء أي تصريح»، قبل أن يتداخل وزير «البلديات» ويضرب مثلاً في المصلحة العامة «كان لدينا تراخيص كبيرة لصيد السمك، ما أدى لتدهور المخزون السمكي، وجاءت الدراسة بوجوب خفض رخص الصيد، إذ إن المساحة لا تستوعب العدد الكبير من الصيادين، وعندما شرعنا بإلغاء الرخص طالبونا بتعويض، وهو من حقهم»، ودعا لتوضيح آلية التعويض حال إلغاء الرخص، ووافق المجلس على إعادة المادة إلى اللجنة لمزيد من الدراسة.
عقوبات الجرائم
وأرجع المجلس المادة (8) إلى اللجنة، بعد نقاشات طويلة بين الأعضاء، وتنص على أنه «1-يُعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف دينار ولا تجاوز مائة ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يخالف أحكام هذا القانون. وفي حالة تكرار المخالفة تضاعف العقوبة. 2-يعاقب على الشروع في ارتكاب الجريمة بنصف العقوبة المقررة للجريمة التامة».
وأوضحت رباب العريض، أن «المادة تعاقب الشخص الطبيعي لا الاعتباري، والقانون سيعمل مع الفئة الثانية بشكل أكبر، واقترح إضافة فقرة لمعاقبة الشخص الاعتباري»، قبل أن تشير إلى أن العقوبات في المادة «لا تتناسب مع الجرائم». وتساءل د.عبدالعزيز أبل «ما هي الأحكام المخالفة التي تستوجب فرض غرامة 50 ألف دينار؟ المادة عامة ومن السهل الطعن بها دستورياً، إذ لا عقوبة ولا جريمة إلا بنص».