لم يدر بخلد السيد حاجي، وهو يعتزم افتتاح مطعم شعبي في قلب العاصمة المنامة في نهاية الخمسينات من القرن الماضي؛ أن هذا المطعم الصغير سيتحول ليصبح أحد المعالم السياحية في المنامة، يعيد زواره إلى زمن الأيام البسيطة، التي قلما كان الناس يشكون فيها من التخمة والسكري والضغط المرتفع الناتج من الطعام.
واليوم وبعد مرور أكثر من 55 عاماً على بدء نشاط المطعم، الذي تحول إلى مقهى شعبي يقدم المأكولات التقليدية والشعبية التي اعتاد عليها البحرينيون منذ القدم؛ بات المقهى يعرف ليس على مستوى البحرين فحسب، بل أصبح أحد المعالم السياحية التي تزخر بها العاصمة، لاسيما وأنه يقع في قلب المنامة على بعد خطوات من باب البحرين.
يقول زهير حاجي الذي آثر الاهتمام بالمقهى وتطويره استكمالاً لما بدأه والده «منذ فترة بسيطة تفرغت للاهتمام بإدارة المقهى، وبعد القيام بالتوسعة الأخيرة بات المقهى يستقبل يومياً ما يتراوح ما بين 600 - 700 زبون، يحضرون لتناول الوجبات المختلفة التي يقدمها المقهى الذي يقدم لزبائنه وجبات الفطور والغداء والعشاء».
وبسؤاله حول ما إذا كانت لديهم تطلعات مستقبلية لفتح فروع للمقهى في أماكن مختلفة، أكد حاجي أن هناك عدداً من الأفكار والخطط المطروحة للنقاش إلا أن جميع ما يطرح لا يتعارض مع الاحتفاظ بالمقهى الأم في موقعه الحالي.
ويستذكر حاجي تاريخ المقهى الذي يعتبر من أوائل محطات تقديم الطعام في المنامة، كما أنه كان الأقرب لما كان يعرف بـ»فرضة المنامة» حيث كان الساحل، لافتاً إلى أن البحارة والصيادين كانوا من أكثر الزبائن ارتياداً للمطعم.
وبشأن الإقبال المتزايد من جميع الأعمار على المأكولات الشعبية في الوقت الذي تمتاز فيه البحرين بتوفر المطاعم ذات الطابع الحديث والمعاصر، علق حاجي «ربما يكون السبب في إقبال الناس على المأكولات الشعبية نابعاً من رغبتهم للعودة إلى الزمن الذي نفتقده ببساطته حالياً. فاليوم تغلب المادة على مظاهر الحياةـ ولعلنا نفتقد متع الحياة البسيطة التي كان يمتاز بها الماضي. لكن من الملاحظ أن كثيراً من المطاعم قد شيدت لتقديم المأكولات الشعبية، ومزج ذلك بالطابع العصري سواء في أسلوب التقديم أم التصميم الداخلي للمطعم نفسه، إلا أن وصفة العودة إلى الماضي الجميل تتميز بالبساطة.. نحن نستقبل يومياً ما يقارب 700 زبون يمثلون مختلف شرائح وفئات المجتمع، ومن بينهم شخصيات هامة وموظفو البنوك والشركات وأصحاب الأعمال وكذلك الطلبة والأسر التي تقوم بزيارة سوق المنامة ومن ثم تنعطف تجاه المقهى للتلذذ بالشاي أو وجبة غذاء».
وأضاف أن مقاعدنا شهدت حضورالغني والفقير ويجمعهما حبهما للمأكولات التقليدية. ونشهد حضوراً لافتاً للسياح سواء من دول الخليج أو من الأجانب الذين تجذبهم النفحات الشعبية في تاريخ البحرين.. وفي الإجازات والمناسبات يرتفع عدد الزبائن إلى ألف زبون، يتم استقبالهم وتلبية طلباتهم من خلال الخدمة السريعة والسعي لإرضاء كل زبون، «سعدنا بمشاركة وزارة الثقافة في توسعة المقهى، الأمر الذي يؤكد الحرص على الاهتمام بالإرث الشعبي للبلاد بصفته رافداً من روافد الثقافة الأصيلة التي تمتاز بها بحريننا الغالية».