يعرف عن الموسيقى أنها تهذب الروح وتسكن القلوب، لكن يبدو أنها أيضاً قادرة على تحسين نوعية الزراعة، بحسب ما لاحظ مزارعون دأبوا على إسماع كرومهم موسيقى كلاسيكية فصارت ذات نوعية أجود.
ويقول كارل فان دير ميرفي مدير مزرعة ديمورغنيزون في الكاب «يبدي كثيرون شكوكاً حول ما نقوم به وحول جدواه، ولا سيما جيراننا». ففي تلك المزرعة الواقعة على مرمى حجر من مدينة ستيلينبوش في نواحي الكاب في جنوب أفريقيا، تبث عشرة مكبرات صوت على مدار الساعة موسيقى تعود إلى عصر الباروك الذي ساد في أوروبا بين القرنين السادس عشر والسابع عشر.
ويقول «نحن نستخدم موسيقى الباروك والموسيقى الكلاسيكية حصراً، لأنها موسيقى قائمة على أسس رياضية، وقد تبين أن موجاتها الصوتية لها أثر إيجابي على الحياة الطبيعية».
وتبلغ مساحة هذه المزرعة التي يعني اسمها «شمس الصباح» 55 هكتاراً، وهي تقع بين عدد من التلال، وتنبعث من مساحة أربعة هكتارات منها على الدوام موسيقى لباخ وموزار وغيرهما من رواد النهضة الموسيقية الأوروبية.
وتنتج هذه المساحة نوعية أجود من سائر الكروم في المساحات الأخرى، وكرمة ذات مذاق أفضل وأعذب مع نسبة أقل من الكحول.
ومع أن نتاج المساحة «الموسيقية» يخلط في نهاية المطاف مع سائر الإنتاج في الوقت الحالي، إلا أن إدارة المزرعة تعتزم تخصيصها في المستقبل بإنتاج منفصل.
وفي الوقت الحالي، يخزن إنتاج كل المزرعة في أقبية تنبعث فيها موسيقى الباروك والموسيقى الكلاسيكية الأوروبية، من موسيقى ألبينوني وباخ وكوبران وهاندل، إلى هايدن ولولي وموزار ورامو.
وإذا كان تأثير الموسيقى على الكائنات الحية من إنسان وحيوان ونبات معروفاً، فإن «النبيذ يكاد أن يكون كائناً حياً، إذ تعيش فيه أعداد كبيرة من البكتيريا، ويعتمد تخمره على تفاعلات كائنات مجهرية حية»، بحسب كارل فان دير ميرفي.
وتحتل كروم هذه المزرعة مكاناً مرموقاً في إنتاج النبيذ في جنوب أفريقيا، وهي تباع بسعر يتراوح بين 75 رانداً إلى 250، أي بين خمسة يوروهات إلى 17، للزجاجة الواحدة. ويصدر إنتاجها أيضاً إلى أوروبا والولايات المتحدة حيث يباع بما بين عشرة يوروهات إلى عشرين.
في العام 2003، اشترى وندي وهاري ابلبوم هذه المزرعة، وهما شغوفان إلى حد كبير بالموسيقى الكلاسيكية، وتملك وندي ثروة كبيرة، أما هاري فهو مؤسس إذاعة «كلاسيك اف ام».
وفي العام 2009 بدأ بإسماع كرومهما الموسيقى. ويقول كارل فان دير ميرفي «نقوم أحياناً بأمور في الحياة فقط لأننا نؤمن بها، وغالباً ما نكتشف بعد حين أنها ذات جدوى يفسرها العلم ويفسر سبب نجاحها». لكن هذه الموسيقى الكلاسيكية قد لا تروق لكل العاملين في المزرعة، فبعضهم لا يتوانى عن وضع سماعات على أذنيه يسمع منها الموسيقى التي يفضلها. لكن بعضاً آخر يبدي استمتاعه بالموسيقى الكلاسيكية، مثل أحد العمال الذي يقول «العمل هنا شيء جيد، أحياناً تجعلنا هذه الموسيقى نرغب بالرقص».