يحتم اجتثاث تنظيم «الدولة الإسلامية» على أمريكا ملاحقة الحركة الراديكالية في «ملاذها الآمن بسوريا»، إلا أن إقرار الرئيس، باراك أوباما، فجر الجمعة، بعدم وجود استراتيجية واضحة لجهة كيفية التعامل مع التنظيم الذي يعرف بـ «داعش» وسط تأكيدات مسؤول أمريكي، بأن قراراً في هذا الشأن سوف يتخذ في غضون أسبوع أو أكثر.
وصرح أوباما، إنه طلب من كبار العسكريين وضع «خيارات مختلفة» لاستراتيجية ملاحقة «داعش» قال عنها النائب الديمقراطي، آدم سميث، «ليس هناك ما يدعى استراتيجية دون مخاطر.. الأمر برمته يتمحور حول اختيار المخاطر الصحيحة وموازنتها لاتخاذ الخيار الصحيح». ومن الاحتمالات الخمسة التي قد تحجم أو تلجأ واشنطن لاتخاذها:
قوات برية
بعد هجمات 11/9 عام 2001، قررت أمريكا استعراض جبروتها العسكري بعملية عسكرية واسعة في أفغانستان، متواصلة منذ سنوات حتى اللحظة، راح ضحيتها أكثر من 2300 جندي أمريكي.
التكلفة الباهظة -بشرياً ومادياً- قد تعتبر من أكبر العوامل التي قد تدفع أمريكا الإحجام عن تكرار هذا السيناريو مجدداً في سوريا.
تمسكت واشنطن بقرارها الرافض بشدة إرسال قوات برية إلى العراق، حيث تربطها علاقة قوية بحكومة بغداد، هذا مؤشر آخر يصب في إطار تأكيد بأن أمريكا لن تبعث بقوات مقاتلة إلى سوريا.
ورجح الناطق باسم البنتاغون الأديمرال جون كيربي، خلال مقابلة مع الشبكة الأسبوع الماضي عمليات صغيرة و»مستهدفة» في سوريا، خاصة بعد عملية نفذتها قوة من نخبة القوات الأمريكية الخاصة لمحاولة إنقاذ رهائن يحتجزهم «داعش» بينهم الصحافي جيمس فولي، في سيناريو يمكن إعادته لمساعدة الحملة الجوية الأمريكية.
لكن الأمر برمته يعتمد على تنفيذ «داعش» أو «القاعدة» هجمات داخل أمريكا، وهذا ما لم يحدث بعد، وأن اعتبره خبراء أمنيون مجرد «مسألة وقت».
ضربات جوية
فوض أوباما الجيش الأمريكي القيام بحملة جوية لوقف تقدم «داعش» وهي خطوة لم يقدم عليها في الحرب الأهلية الطاحنة بسوريا، منذ أكثر من ثلاثة أعوام، حيث يجمع العداء لـ «داعش» الفرقاء السوريين؛ نظام الأسد، والمعارضة الساعية للإطاحة به.
ورغم سعي النظام السوري للقضاء على «داعش» وإعلانه إمكانية التعاون، إقليمياً ودولياً للقضاء على التنظيم وحركات إرهابية أخرى، رفضت واشنطن العرض السوري، بالتأكيد بأن أي عملية عسكرية ضد «داعش» لن تتم بالتنسيق مع دمشق، في خطوة قد لا تثير استياء سوريا وحدها بل حليفها الروسي، الذي قد يجهض أي تفويض دولي بمجلس الأمن لتوجيه ضربات دولية داخل سوريا.
دعم فصائل سورية لمقاتلة «داعش»
أبدت واشنطن، مراراً، دعمها للفصائل السورية المعتدلة التي تقاتل قوات النظام السوري و»داعش» على حد سواء، دون تقديم مساعدات فعلية لتلك القوات، قد يبدو منطقياً، تسليح تلك الجماعات، منهم «الجيش الحر» للتصدي لداعش، لكن لدى النظر بمدى قوة التنظيم الراديكالي، فإن هزيمته للأول يعني وقوع أسلحة أمريكية بأيديه، تماماً كما حدث في السيناريو العراقي.
ويرى خبراء وسياسيون ضرورة تشكيل تحالف محلي للقضاء على «داعش» ويقول أحد أعضاء اللجنة العسكرية بمجلس النواب: «القوة العسكرية الأمريكية وحدها لا تكفي لاحتواء داعش.. نحن بحاجة إلى شركاء محليين.. ينبغي دعمهم بقوة ليتمكنوا من الانتصار».
قطع مصادر تمويل «داعش»
إن لم تتمكن من إرضاخ الحركة عسكرياً، تجفيف مصادر تمويلها قد يكون كفيلاً بتحقيق ذلك، وذلك من خلال تدابير عقابية منها تجميد الأرصدة، ورغم فعالية الخطوة لكنها تبقى محدودة الفعالية وقد تستغرق نتائجها بعض الوقت.
«داعش» ليست كأي جماعة إرهابية أخرى هدفها الرئيس، هو السيطرة على مناطق وحكمها، أثبت قدرته القتالية بسيطرته على أسلحة، بجانب قدراته على الإدارة، بتوفير المواد الغذائية والكهرباء والرعاية الصحية، للمناطق الخاضعة تحت سيطرته، وصفهم النائب الجمهوري، مايك روجزر: «إنهم يسعون لترسيخ أنفسهم على نحو يمكنهم من خلاله التمسك بأراض وتوسيع نطاقها.»... أما السؤال بشأن إذا ما كانت حكومة فعالة، أما لا، فهذا لا يغير من واقع اندفاعهم نحو قضية يؤمنون بها واستعدادهم للتضحية بمدنيين من المعارضين.
بناء تحالف دولي حقيقي
هناك حقيقة على أمريكا استثمارها.. عداء الجميع لـ»داعش» رغم الدعم الذي تلاقاه من قبل بعض الدول الغنية، ونجاحها في استقطاب مقاتلين أجانب، تشير تقديرات وزير العدل الأمريكي أريك هولدر إلى تجاوزهم 7 آلاف شخص يقاتلون تحت لواء التنظيم في سوريا. قال الداعية البريطاني المتشدد أنجم شودري المؤيد لـ «داعش» هناك معسكران في عالم اليوم؛ أولئك من يؤمنون بأن السيادة والتفوق في العالم ملك لـ (الله) وهم الدولة الإسلامية.. وآخرون يعتقدون أنها ملك الإنسان». النهج الدموي لـ «داعش» من ذبح وصلب، ورجم إلى المذابح الجماعية للأقليات وحتى معارضيهم من المسلمين وأوجد المزيد من العداءات للحركة. مخاوف توسع «داعش» التي لا تؤمن بالحدود، بالزحف نحو دولة أخرى، لا سيما في حال تناميها بشرياً ومادياً، ينبغي أن يدفع واشنطن للتدخل عاجلاً وليس آجلاً، وفق خبراء، لافتين إلى اعتبارات أخرى قد تدفع حتى الدول غير المجاورة إلى سوريا والعراق للقلق منها تنامي فكر الجماعة وسط الشباب، ممن قد ينضمون للقتال بصفوفها، والعودة بأفكارهم وخبراتهم القتالية لاحقاً إلى الوطن.
ويطالب البعض بتشكيل تحالف، تكون أمريكا جزءاً منه، تشارك فيه دول، على نحو متساو أو تضطلع فيها أخرى بدور أكبر، في عمليات عسكرية ضد «داعش».

(سي إن إن)