^ بالأمس نشرت الوطن عرضاً حول مقدمة كتابي الجديد (حرب اللاعنف في البحرين.. هكذا تم تجنيدي لإسقاط النظام)، والمقدمة تضمنت عدداً كبيراً من المنظمات الناشطة ضد الدولة البحرينية. من تقديـــــري الشخصــــي بعد متابعة وتحليل أنشطة هذه المنظمات أن أكثرها إثارة للانتباه والاهتمام مؤسسة راند للأبحاث. هذه المؤسسة الأمريكية العريقة التي تقدم الاستشارات للعديد من الحكومات حول العالم، ومن بينها بعض بلدان مجلس التعاون الخليجي، وتحديداً دولة قطر الشقيقة. هذه المؤسسة تعد أيضاً أول مؤسسة بحثية تقدم خدماتها للقوات المسلحة الأمريكية، وما يهمنا في هذا السياق دورها البارز قبل ظهور أحداث الربيع العربي بنحو عامين فقط. ففي العام 2008 تلقت المؤسسة طلباً من مكتب وزير الدفاع الأمريكي لإعداد دراسة حول تأثير مبادرات الإصلاح والتغيير السياسي الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط. وكانت فكرة هذه الدراسة بحث جدوى إمكانية التغيير السياسي وفقاً لنظرية جذور العشب أو (Grassroots) بالإنجليزية. وهي نظرية تم تطويرها على يد هذه المؤسسة بشكل لافت، إذ تقوم على كيفية نقل القوة السياسية من قمة الهرم السياسي ـ حيث الحاكم ـ إلى أسفله ـ حيث الجماهير والقواعد الشعبية. وكان التصور القائم آنذاك أن تكون الحالة الدراسية حول حركة كفاية المصرية التي تأسست على يد عدة تيارات سياسية أبرزها الإخوان في القاهرة. الدراسة خلصت إلى تقديم مجموعة من التوصيات أعتقد أن أهمية الموضوع تقتضي إفراد جانب واسع لها خلال الأيام المقبلة. ولكنني سأتحدث هنا تحديداً عن السياق الذي جاءت فيه هذه الدراسة التي كانت مهملة جداً لدى الباحثين العرب، وحتى الحكومات العربية، رغم أنها دراسة منشورة ومتاحة للجميع على شبكة الإنترنت. هذه الدراسة جاءت في سياق هام يتعلق بتغيير الاستراتيجية الأمريكية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ومساعي المحافظين الجدد خلال حكم الرئيس السابق جورج بوش الابن لإعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط. ففي تلك الفترة ثبت تورط واشنطن في تغيير العديد من الأنظمة السياسية في آسيا الوسطى وأوروبا الشرقية للقضاء على الإرهاب تارة، وللقضاء على بقايا الاستبداد تارة أخرى، وأحياناً يكون الهدف المعلن نشر الديمقراطية والحرية وإتاحة المجال للشعوب للتعبير عن ذاتها وتقرير مصيرها. هذه الحالة قادت إلى مرحلة الثورات الملونة التي شهدتها عدة بلدان مثل أوكرانيا وجورجيا وصربيا وغيرها من الدول. وسميّت بالثورات الملونة لسبب بسيط أنها حملت شعارات متشابهة (قبضة اليد)، ولكنها كانت بألوان مختلفة. ويمكن من خلال قراءة تفاصيل الدراسة إجراء مقارنات واسعة بين كافة الثورات العربية، وغيرها من الثورات التي شهدتها بلدان آسيا الوسطى وأوروبا الشرقية خلال السنوات العشر الماضية.