^ « مع الأخذ في الاعتبار التحفظ على وصف ما يجري في البحرين بالثورة -حيث يرى أغلب السياسيين أنَّه مجرد احتجاجات ستنتهي قريباً، خصوصاً في ظل وجود قيادة حكيمة وحكومة متفهّمة مرنة وفي ظل توفّر الرغبة في الاتجاه نحو الحوار الذي هو الطريق الذي لابد منه- فإنَّ ما حدث الجمعة الفائتة من أعمال تخريب غريبة على مجتمع البحرين يؤكد أنَّ هذا التحرّك بغض النظر عن تسميته هو فعل ضد النور وضد الحياة، وإلاّ فما هو مبرّر تحطيم عمود النور في الدراز وحرق آخر في سترة؟ الحجة المعلنة هي أنَّ العمودين يحملان كاميرات، وأنَّ عمل تلك الكاميرات هو مراقبة تحرّكات الشباب الذين يقومون بتلك العمليات التخريبية مثل قطع الطرق وإشعال الإطارات فيها وتفجير إسطوانات الغاز وإلقاء زجاجات “المولوتوف” على رجال حفظ الأمن وغيرها من أعمال عدوانية تتسبّب في تعطيل الحياة وإرهاب المواطنين والمقيمين، ما يعني أنَّها تؤثر سلباً على تلك العمليات. طبعاً دون أيِّ اعتبار إلى أنَّ من وضع الكاميرات هي الدولة وأنَّ للدولة سلطة، وأنَّها مع هذا حرصت على الحصول على موافقة مجلس النواب، وذلك بعدما كثرت تلك العمليات التي يتضرر منها الجميع، أي أنَّ الكاميرات وضعت بشكل قانوني ولمصلحة عامة، وهي ليست بطلب من الحكومة فقط ولكن بطلب وإلحاح من الناس أيضاً، حيث من حقهم على الدولة حمايتهم وتوفير الأمن والأمان للجميع. تحطيم عمود النور والكاميرات عمل عدواني مرفوض وينبغي من الدولة أن تعُاقب من قام بهذا الفعل غير الحضاري وتُحاسب منظمي الفعالية كذلك، كما ينبغي من الجهات التشريعية أن تُعيد النظر في قانون التجمّعات بإضافة مواد جديدة تحدّد المسؤولين عن مثل هذه الأعمال وتلزم مقدّمي إشعار تنظيم مثل تلك الفعاليات ضبط الجمهور المُشارك فيها واعتبارهم مسؤولين عن أيِّ تجاوز، وإلاّ فإنَّ أفعالاً كهذه ستتكرّر لا مع أعمدة النور التي تحمل الكاميرات، لكن مع النور نفسه! فالذي يُعادي عمود النور لا يتردّد عن معاداة النور وشن “هجمات حيدرية” عليه! يقول العرب مَنْ أمِن العقوبة أساء الأدب، ويقول البعض ممَّنْ وصل إلى قناعة مفادها أنَّ ما يحدث من أعمال تخريبيّة صار أمراً لا يُطاق، خصوصاً أنَّه بات يعرِّض حياة الناس للخطر ويفرض على وزارة الداخلية أن تنتقل في طريقة معالجتها لما يحدث إلى مرحلة جديدة تتيح لها السيطرة على الأمور بشكل أفضل، حيث الواضح أنَّ ضبط النفس والتأنّي واعتماد الحكمة في التعامل مع المستجدات أسلوب رغم أنَّه حضاري ويهتم بالتأكيد عليه دائماً وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة إلا أنَّه يبدو غير ذي جدوى خاصة مع تطوّر الأحداث بشكل لافت ومحيّر ولأن الآخر لا يقدّره ويعتبره ضعفاً ينبغي الاستفادة منه ضد الحكومة. إنَّ ما يحدث بشكل يومي يستدعي تغيير منهج التعامل مع تلك الفئة التي فقدت رشدها حتى عادت غير قادرة على تحديد مطالبها! فهي مرّة تطالب بإسقاط النظام وأخرى تكتفي بالمطالبة بإصلاحه، مرّة تعبِّر عن حماسها لمحاولات الدخول في الحوار وتعتبره فرصة مهمة ينبغي استغلالها ومرة تعبِّر عن رفضها للحوار من أساسه أو أنَّها تضع شروطاً تُعتبر تعجيزية أو غير مقبولة من الحكومة ومن غيرها من الأطراف التي دخلت الساحة وفرضت نفسها وصار الحلّ غير ممكن من دونها . كان أمراً طيّباً قيام من اعتدى على عمود النور بتوثيقه ونشره ليكون وثيقة اعتراف وإدانة، فالفعل غير حضاري وقبيح، ومؤسف وصف ما قام به أولئك بالهجمة الحيدرية، ذلك أنَّه فعل لا يقبل به من استغل اسمه عنوة في هكذا أفعال. كرم الله وجهه.