كشف تقرير نشرته وكالة أنباء البحرين «بنا» أمس، أن نقطة الربط لجسر الملك حمد الجديد يقع في منطقة سهيلة، لافتاً إلى وجود خيارين لمسار السكة الحديدية الخليجية شمال المملكة. وأكد التقرير أن الجسر الجديد يجعل من البحرين مركز خدمات إقليمي في قطاعات مختلفة، ويوفر أكثر من 22 ألف فرصة عمل «مباشرة ومساندة» لمواطني الدولتين. وأعلن أن مهام تحديد مسار السكة الخليجية داخل البحرين أسندت لسلاح المهندسين العسكري الأمريكي، لافتاً إلى أن شركة كندية تعد دراسة جسر الملك حمد ومن المؤمل إنجازها نهاية العام الجاري.
وقال التقرير إن طول الجسر يقارب 20 كيلو متراً، ويربط بين محطة القطارات بالمملكة العربية السعودية، ومحطة في البحرين مزمع دفنها على جزيرة بالمدينة الشمالية.
جسر المحبة
في حدث تاريخي جرى الإعلان عن إنشاء جسر ثان يربط البحرين بالسعودية، ووجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى إطلاق اسم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة على الجسر الجديد، في خطوة تظهر مدى تطور العلاقات البحرينية السعودية ومدى الترابط بين البلدين قيادة وشعباً.
وتتميز العلاقات بين البحرين والسعودية بالفرادة، فهي تقوم على التواصل والود الدائمين بين قيادتي وشعبي البلدين، وتشهد على الدوام تطوراً مستمراً على المستويات كافة، انطلاقاً من الثوابت والرؤى المشتركة الجامعة بين البلدين تجاه مختلف القضايا.
وتضاف هذه العلاقات إلى روابط الأخوة ووشائج القربى والمصاهرة والنسب ووحدة المصير والهدف المشترك بين البلدين، فضلاً عن جوارهما الجغرافي وعضويتهما في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية.
وإذا تتبعنا التاريخ نجد أن العلاقات بين المملكتين تعود إلى عهد الدولة السعودية الأولى (1745 - 1818) وتميزت فيها العلاقات بالتعاون والمؤازرة، وتوطدت هذه العلاقات في الدولة السعودية الثانية (1840 - 1891)، إذ شهدت هذه المرحلة أول زيارة رسمية من أمير سعودي إلى البحرين، وهي زيارة الأمير سعود بن فيصل بن تركي عام 1870. وبعد نحو 7 أعوام من تولي الشيخ عيسى بن علي آل خليفة الحكم في البحرين، استقبل عبدالرحمن بن فيصل والد الملك عبدالعزيز مؤسس الدولة السعودية الثالثة، والتي تعتبر اليوم القوة الإقليمية الأكبر، وكان ذلك إبان عام 1876. وعاد الشيخ عيسى بن علي ليستقبل ضيفه عبدالرحمن بن فيصل مرة أخرى عام 1891، وكان بصحبته هذه المرة ابنه عبدالعزيز، ولم يكن حينها قد تجاوز العاشرة من عمره. ويعود أول لقاء بين المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود مؤسس الدولة السعودية، وأخيه صاحب السمو الشيخ عيسى بن علي آل خليفة إلى عام 1930، وكانت انطلاقة كبيرة في توطيد العلاقات بين البلدين. وقوبل الملك عبدالعزيز خلال زيارته البحرين، بحفاوة بالغة من قبل الشيخ عيسى، واستمرت إقامة الملك يومين كان فيهما موضع حفاوة وتكريم من قبل الحكام والشعب على السواء. وبعد زيارة الملك عبدالعزيز بحوالي 7 سنوات وتحديداً في 15 ديسمبر 1937، زار الملك سعود بن عبدالعزيز البحرين، وكان حينها ولي عهد المملكة العربية السعودية، والتقى الشيخ حمد بن عيسى شيخ البحرين. وتوالت الزيارات بين القيادتين منذ بدأ فجر جديد على تأسيس المملكة العربية السعودية، وتوجت ببناء جسر المحبة عام 1986 في عهد المغفور له سمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، وجلالة الملك فهد بن عبدالعزيز، كعنوان للمحبة المتجذرة بين المملكتين.
إرث التاريخ
وكان للإرث التاريخي المجيد من العلاقات بين البلدين دور كبير في تطويرها، حتى وصلت إلى ما نشهده اليوم من تقدم ونمو، في ظل صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود.
ونتذكر هنا توجه جلالة الملك في مستهل حكمه إلى الرياض، وما لها من دلالات على الالتزام بالمواثيق والعلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين، بينما كانت للزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين إلى البحرين في أبريل 2010 الأولى منذ توليه الحكم إبان عام 2005، وجاءت لتكرس متانة العلاقات الثنائية بين البلدين، وسط ظروف تمر بها المنطقة تبعاً للمتغيرات الإقليمية والدولية.
واستمرت الزيارات المتبادلة بين القيادتين في جميع المناسبات والإنجازات بين البلدين توالت وتشعبت لتشمل مجمل الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والثقافية.
وشهدت العلاقات بين البلدين على الصعيد السياسي قدراً كبيراً من التنسيق في المواقف، حيال القضايا الإقليمية والدولية المتداولة في مؤتمرات قمم مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة وغيرها من المحافل الدولية.
وعلى الصعيد الاقتصادي وباعتباره أبرز مجالات التعاون بين البلدين، تعد السعودية الشريك التجاري الأول للبحرين، حيث تجاوزت الاستثمارات السعودية في المملكة نحو 13 مليار ريال سعودي، فيما بلغ عدد الشركات الفاعلة المستثمرة في البحرين نحو 315 شركة، بينما بلغ عدد الشركات السعودية العاملة والمسجلة في البحرين نحو 43 شركة، بينما توجد نحو 896 شركة سعودية مساهمة في المملكة تعمل في مجالات السفر والشحن والتجارة والهندسة وغيرها من المجالات.واستطاعت البحرين بفضل ما تتمتع به من سياسات اقتصادية قائمة على الانفتاح وتنويع مصادر الدخل وسن تشريعات تحمي المستثمرين والاستثمارات، أن تستقطب الكثير من الاستثمارات السعودية إليها، حتى أصبحت تستحوذ على النصيب الأوفر من السوق الاستثمارية البحرينية.
وتشهد الحركة السياحة بين البلدين تنامياً ملحوظاً بفضل إجراءات اتخذتها الدولتين فيما يتعلق بالدخول والخروج عبر جسر الملك فهد، ومنها القرار الصادر عام 2003 بالاستغناء عن ختم جوازات السفر، والسماح للسعوديين والبحرينيين بالدخول في كلا الاتجاهين ببطاقات الهوية فقط.
وبالنسبة للجوانب الاجتماعية فهناك ترابط تاريخي بين العوائل البحرينية ونظيرتها السعودية، وكان لجسر الملك فهد دور كبير في توطيد هذه العلاقات، وبسببه أصبح الترابط والتواصل أسرع وبشكل يومي.
الربط السككي الخليجي
وبعد 28 عاماً على إنشاء جسر الملك فهد الشريان الرابط بين البحرين والسعودية، وفي حدث تاريخي جديد ينبئ بتطور أكبر في العلاقات البحرينية السعودية، أعلنت المملكتان عن إنشاء جسر ثاني يربط بينهما، أطلق عليه خادم الحرمين الشريفين اسم «جسر الملك حمد»، عرفاناً وتقديراً لدور جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين.
ويعتبر إطلاق اسم جلالة الملك على الجسر الجديد، لفتة كريمة من خادم الحرمين الشريفين تبرهن على ما يتمتع به جلالة الملك من مكانة لدى المملكة العربية السعودية قيادة وشعباً، وهو مجد تاريخي يستحقه جلالته، حيث يحفر اسمه بحروف من نور على أحد أهم المشروعات الرابطة بين المملكتين ودول مجلس التعاون الخليجي، وبرهان على الطبيعة الخاصة للعلاقات البحرينية السعودية بعد أن تخطت العلاقات التقليدية بين الدول.
وقوبلت اللفتة الكريمة لخادم الحرمين الشريفين بتسمية الجسر باسم جسر الملك حمد، بالثناء والشكر من جلالة الملك، إذ أعرب عن بالغ شكره لخادم الحرمين الشريفين على مباركة جلالته لمشروع جسر الملك حمد، وتفضل جلالته بإصدار التوجيهات السامية للمضي قدماً في تنفيذ المشروع، تأكيداً على ما تقدمه السعودية من دعم ومساندة لشقيقتها البحرين، مثمناً المواقف المشرفة للسعودية، ودورها الريادي بقيادة خادم الحرمين الشريفين في دعم ومساندة مسيرة التعاون الخليجي.
ويعتبر مشروع إنشاء جسر الملك حمد جزءاً لا يتجزأ من مشروع سكة حديد دول مجلس التعاون، والذي جاء بمباركة سامية من لدن أصحاب الجلالة و السمو قادة دول المجلس في الدورة (30) للمجلس عام 2009.
وتشكلت لجنة من الجهات المختصة بدول المجلس لاستكمال الدراسات التفصيلية للمشروع والتنسيق بين الدول الأعضاء تحت مظلة الأمانة العامة لدول مجلس التعاون، فيما يخص إنشاء سكة حديد دول الخليج، والتأكد من توائمها وتكاملها مع شبكات السكك لحديدية الوطنية بدول المجلس. ويربط المشروع الدول الست من الكويت شمالاً وحتى مسقط جنوباً، وتخصص كل دولة من الدول الست مسارات المشروع في أراضيها، وتتولى تنفيذها وتهيئتها للربط مع بقية الدول.
ويبلغ طول الخطوط الحديدية المزمع مدها نحو 2170 كيلومتراً، تبدأ من دولة الكويت مروراً بالأراضي السعودية «الدمام» والدوحة والبحرين والإمارات «أبوظبي والعين»، وصولا إلى سلطة عمان «صحار ثم مسقط».
واتخذت عدد من الخطوات في سبيل إنشاء جسر الملك حمد منذ عام 2009، وبقرار من وزراء المالية والاتصالات الخليجيين تم تكليف فريق من المؤسسة العامة لجسر الملك فهد للعمل مع وزارة المواصلات ووزارة المالية في البحرين والسعودية، على دراسة الجدوى لمشروع الجسر وتحديد المسار الأفضل له، ودراسة طرق التمويل، وتم تعيين شركة استشارية كندية (SNC Lavalin) لتنفيذ الدراسة اللازمة. وعلى ضوء النتائج المحققة جرى الاتفاق على توفير مسارات خاصة للمركبات وأخرى للقطارات على الجسر، وتم دراسة عدة خيارات للمسار حيث تم تحديد المسار الأفضل من الناحية العملية والفنية والمالية، ومن المؤمل إنجاز الدراسة مع نهاية العام الحالي.
ويقدر طول الجسر وفقاً للدراسة بـ20 كيلو متراً، ومن المقرر أن يربط بين محطة القطارات في المملكة العربية السعودية ومحطة القطارات المزمع إنشاؤها على جزيرة مزمع دفنها في الجانب الشمالي الغربي للمدينة الشمالية بالبحرين.
وتبلغ الكلفة التقديرية للبنية التحتية لجسر الملك حمد ما بين 3,8 إلى 4 مليارات دولار غير شاملة تكاليف المقطورات وأعمال البنية التحتية داخل أراضي البلدين.
وجرى تعيين سلاح المهندسين العسكري الأمريكي (US Arms Corps of Engineers) لدراسة وتحديد المسار الأفضل لسكة حديد دول مجلس التعاون داخل أراضي البحرين، ونقطة الربط مع الجانب السعودي بالتنسيق مع الجهات المعنية ممثلة بوزارات البلديات والأشغال والداخلية، ودراسة عدة خيارات بإشراف اللجنة الوزارية للخدمات والبنية التحتية.
وتحددت نقطة الربط لجسر الملك حمد شمال غرب البحرين «منطقة سهيلة»، مع تحديد خيارين شمال المملكة للمسار الأفضل المستقبلي لسكة الحديد داخل أراضي البلاد.
ويجري التنسيق حالياً بين وزارتي البلديات والأشغال لتطوير شبكة الطرق في منطقة الربط، ومن المتوقع أن تقارب سرعة قطارات الركاب 200 كم/ سا، أما سرعة قطارات نقل البضائع فتتراوح بين 80 و120 كم/ سا.