الجمعيات التأزيمية المعادية للوطن مصابة بالعمى السياسي


دعا وكيل الوزارة للشؤون الإسلامية د.فريد المفتاح علماء الأمة ومفكريها وأهل العقل والحكمة إلى توجيه الناس وتذكيرهم وتوعيتهم بحجم المخاطر والأضرار، والحد من التشنج الطائفي والتوتر المذهبي والعمل على خلق المناخات الإيجابية وتهيئة الأرضية لاحتواء كل أشكال التعصب والانفعالات وتذويبها، بدلاً من دعوات التأزيم والفرقة.
وقال د.فريد المفتاح، في كلمة ألقاها خلال حفل سنوي أقامته إدارة الشؤون الدينية بوزارة «العدل» بمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج أول أمس تحت رعاية سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، بجامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، إن في هذه الفترة الحرجة وفي ظل الأجواء المحمومة والأحداث المتسارعة من إرهاصات في المنطقة والعالم من حولنا، نحتاج إلى وقفة جادة مع انفسنا وتقييم أوضاعنا وواقعنا كمسلمين حريصين على إسلامنا وديننا وأوطاننا، وعلى المسلمين كافة بكل طوائفهم وانتماءاتهم أن يكونوا في أقصى درجات الحذر والتنبه واليقظة من أن يُقحموا في مواقع الفتنة والاحتراب، وأن يكونوا على وعي تام وبصيرة لما يُراد لهم أن يقعوا فيه وأن يُقحموا في أسوء فتنة وأعظم محنة.
وأوضح أن أسوأ العداوات وأشدها وأخطرها هي العداوة الدينية والفتنة المذهبية، لذا علينا كأمة أن نستحضر دائماً وأبداً وصايا الرسول الكريم وهدي النبي الأمين صلى الله عليه وآله وسلم والذي لا زالت تحذيراته وإنذاراته تقرع الآذان وتدوي في الزمان وهو يردد (اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد).
وأشار إلى أن الانفتاح على الآخر والتواصل معه لتعميق مبادئ التعايش والسلم الأهلي أصبح من الضرورات التي لا يمكن تجاهلها أو إغفالها في ظل هذه الأجواء المشحونة والتوترات المتسارعة من صراعات دينية وطائفية وعرقية.
آن الأوان للعودة إلى الله
وقال خطيب جامع الفاتح الإسلامي فضيل الشيخ عدنان القطان إن رحلة الإسراء والمعراج دعوة للعروج إلى الله بأرواحنا وقلوبنا، ودعوة للإسراء من الظلمة إلى النور، ومن الشك إلى اليقين، ومن المعصية إلى الطاعة، ومن الفرقة والخلاف إلى لزوم الجماعة والائتلاف ومن الكبر والعنت إلى الخضوع والطاعة لله رب العالمين.
واشار إلى أن الإيمان برحلة الإسراء والمعراج جزء من عقيدة المسلم، ذلكم انه إحدى المعجزات التي أيد الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم، والإيمان بالمعجزة جزء من العقيدة الإسلامية، وهو امتحان لإيمان المؤمنين وارتياب المنافقين، ولهذا ارتد من ارتد عن الدين لضعف إيمانهم وقلة يقينهم، وفاز بالصدق أبو بكر رضي الله عنه فسُمي صديقاً، لإيمانه وتصديقه الجازم بمعجزة الإسراء والمعراج، وهكذا الصحابة الكرام ممن امتحن الله قلوبهم بالتقوى، ففازوا بالإيمان الراسخ والعقيدة الثابتة.
وأضاف القطان «جاءت رحلة الإسراء والمعراج بعد أن اشتد برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته الأذى، تكريماً من الله تعالى لهم وتجديداً لعزيمتهم وثباتهم على الدين وثقتهم بالله رب العالمين. كما أن الإسراء بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي كان بيد بني إسرائيل فيه إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم سيرث قيادة الأمة وسترث أمته هذه البلاد».
وأوضح أن في هذه الحادثة دلالة على عظم شأن الصلاة، فقد اختصها الله من بين العبادات بأن تُفرض في السماء عندما كلم رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، داعياً العلماء والدعاة إلى التأكيد على أهمية الصلاة والمحافظة عليها، وأن يذكروا فيما يذكرون من أهميتها ومنزلتها، كونها فرضت في ليلة المعراج وأنها أخر ما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل موته.
وأضاف «لقد آن الأوان للعودة إلى الله وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ونبدأ صفحة جديدة نتصالح فيها مع أنفسنا ونمد يدنا لإخواننا، نصل رحمنا وأبناء وطننا ونوحد صفوفنا ونطهر قلوبنا، ونبني وطننا ونتلو قرآن ربنا ونستقيم على صراط الله المستقيم».
خطاب وسطي بعيداً عن الشحن الطائفي
وألقى سماحة الشيخ ناصر العصفور كلمة بهذه المناسبة قال فيها إن ذكرى معجزة الإسراء والمعراج لا ينبغي أن تمر على المسلمين دون تدبر أو تأمل، ولا ينبغي أن تُختزل في مجرد احتفال يُذكِّر بتاريخها وما حدث فيها، بل ينبغي أن تكون مصدر إلهام للأمة على مستوى الفرد والجماعة، وأن تكون في نفوس وعقول علماء وحكماء ومفكري الأمة، طاقة متجددة تدفع دوماً إلى الأمام رغم التحديات والمصاعب والأحداث والآلام، وتدعو إلى التقدم وإلى الأمام للإصلاح والنماء والتحضر. كما ينبغي أن تكون ذكرى المعجزة الخالدة تذكيراً حقيقياً بوجوب وحدة البشرية لا وحدة المسلمين فحسب، وأن يتخذها المسلمون سبيلاً لوحدتهم ونهضتهم، ليوحدوا كملتهم وجهودهم من أجل دينهم وأمتهم وأوطانهم، لتحقيق أمنها وأمانها.
وأوضح العصفور أن رحلة الإسراء والمعراج كانت نقلة نوعية في مراحل الدعوة على المستوى الشخصي لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى مستوى المجتمع الذي بُعِث فيه، وعلى مستوى البشرية جمعاء.
ونوه بدور الخطباء والعلماء والدعاة في ريادة الساحة، ريادة عاقلة، وانتهاج خطاب وسطي ولغة معاصرة بعيداً عن الشحن الطائفي، والمآرب الشخصية والمذهبية والحزبية، بما يحفظ للمنبر قداسته، اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بعيداً عن التأثر السلبي بالمناخ الإقليمي أو الدولي، والتزاماً بآداب الخطاب الديني الذي ورثناه عن أئمة الأمة وعلمائها، خطاباً يجمع ولا يفرق، يبني ولا يهدم، ويتقدم ولا يتأخر، ويبادر ولا ينكفئ، وينفتح ولا ينغلق، يحث على المحبة والإخاء والتسامح ، ويعمل من اجل البناء والتعاون والنماء والتحضر.
وأشار إلى أن قوى التأزيم المعارضة التي لا تؤمن بالوطن ولا بالشعب دأبت على التفنن في اختلاق الأزمات تلو الأزمات على امتداد أربعة عقود، واختلاق أجواء التوتر، وتسببت في زج الكثير من المغرر بهم في السجون وبرعت في حبك المصائد الخبرية، واستغلت شبكات التواصل الاجتماعي أخيراً أسوأ استغلال وبأقذر الطرق والأساليب لبث أكاذيبها وفبركاتها واختلاق الظلامات والتسبب بالمزيد من الضحايا ونشرها في وسائل الإعلام الإقليمية والدولية.
واستطرد العصفور: أن قيام بعض الرموز الوطنية بالدعوة لعقد حوار وطني شامل، فما هو إلا دعوة من عقلاء الوطن لجميع الفرقاء من أجل إرجاع من حاد وضل الطريق للعودة إلى أحضان الوطن وليس لتقديم التنازلات لهم على طبق من ذهب، وهي دعوة للفئات المنفلتة من عصابات التخريب والترهيب الإرهابية التابعة لقوى التأزيم للعودة إلى منطق الدين والعقل والاحتكام إلى مصالح الوطن العليا، علاوةً على أنه دعوة للجمعيات التأزيمية المعادية للوطن والشعب والمصابة بالعمى السياسي لإعادة إبصار النور وتغليب مصلحة الوطن وحراسة المنجزات والمكتسبات بدل انتهاج التدمير والتخريب، ودعوة قادة الفتنة للتوبة مما اقترفوه وتسببوا فيه والاتزان والالتزام بأبسط المبادئ السياسية الشريفة البناءة إن كانوا يمتلكون ذرة فهم ووعي وإنسانية وانتماء لدين.