الديمقراطية بالدول العربية مازالت ناشئة والربيع العربي بدأ جميلاً وانتهى بمسارات فوضوية
استعجال الشعوب الحصول على المكاسب مرة واحدة يصل بالمجتمع إلى طريق مسدود
بعض الدول تفرض إلزام المشاركة السياسية وعزوف المواطن يفقده حقه في الوظيفة والتعليم
الدعاية الانتخابية يجب أن تسير وفقاً لأحكام القانون وأن تحترم حرية الرأي لدى الغير

كتب - عادل محسن:
أكدت عضو مجلس النواب الأردني رولا الحروب، أن «التغيير من خارج النظام ليس له فاعلية، كما إن المقاطعة طمعاً في إسقاط النظام، وإحداث نظام جديد يضع فيه الثوار قواعدهم، هو حديث يبدو جيداً بالنسبة لهم، ولكن الواقع أن كل الثورات في العالم لجأت لهذه التغييرات المفاجئة، ولم تتمكن من تحقيقها لأنها تواجه الردات العكسية وما حصل في مصر أكبر أمثال».
وذكرت الحروب، خلال ندوة «المشاركة الانتخابية بين الحق والواجب»، التي أقامها معهد التنمية السياسية، بحضور المستشار الإعلامي لجلالة الملك نبيل الحمر، أنه «لا يوجد نائب سيء في البرلمان بل ناخب سيء كونه أوصله للمقعد»، منتقدة «ما يعرف بـ«المال السياسي والوضع المحزن للناخبين غير المبالين والفاقدين الثقة تجاه البرلمان والحكومة والعمل السياسي وقبوله مبلغاً من المال مقابل صوته ليقينه بعدم رؤيته نائبه لمدة 4 سنوات».
وأشارت -في ورقتها التي قدمتها بالندوة- إلى أن «اليونان تفرض في قوانينها إلزام المشاركة السياسية، وفي حال العزوف 3 مرات متتالية يفقد المواطن حقه في الوظيفة والتعليم في القطاع العام».
من جهته دعا عضو مجلس الشورى البحريني خليل الذوادي -في ورقة قدمها بالندوة- إلى الابتعاد عن كل ما يغرس الطائفية التي تعاني منها مجتمعات قريبة، لافتاً إلى أن «شعب البحرين أسرة واحدة والقانون يحمي الجميع ويلزم بالحفاظ على الوحدة الوطنية وأمن الوطن واستقراره».
وقال الذوادي إن «المشاركة الانتخابية الوسيلة الأساسية لتفعيل مفهوم الديمقراطية، ومشاركة الشعب في السلطة وحكمه لنفسه لا يتحققان في العصر الحديث إلا عن طريق مشاركته في الانتخابات»، لافتاً إلى أن «مشاركة المؤهلين قانونياً في الانتخابات بنسبة مرتفعة تعد دليلاً على مدى نجاح الانتخابات التي تجمع بين الحق والواجب من خلال النصوص الدستورية والقانونية المنظمة للعملية الانتخابية».
التعبير السلمي
وتناولت عضو مجلس النواب الأردني د.رولا الحروب -في المحور الأول من ورقتها- طرق التعبير السلمي عن المطالب السياسية، وأشارت إلى أن «تطور حركة حقوق الإنسان في العالم مرت بمسيرة معاناة لم يحصل البشر خلالها على حقوقهم بالطرق المرتاحة، بل دفعت البشرية ثمناً باهظاً من الحروب والنزاعات حتى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان»، لافتة إلى أن «الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني لها دور مؤثر في النظم الديمقراطية والتعبير السلمي عن المطالب، إضافة إلى الأحزاب والنقابات والاتحادات العمالية، كما إن لمؤسسات التنشئة الاجتماعية دور في نشر حقوق الإنسان ويجب أن تبدأ هذه المؤسسات مع مراحل الطفولة، وأن ينشأ الطفل عليها بعيداً عن الديكتاتورية وصعوبة تغيير أفكار الشخص بمحاضرات توعوية، إذ لن يكون متسامحاً مع الرأي الآخر»، مشددة على «أهمية أن تكون الأسرة والمدرسة نموذجاً للديمقراطية وصولاً للجامعة ورب العمل».
التحول الديمقراطي
وأضافت الحروب أن «عدم نشوء الطفل على الديمقراطية خلقت لنا في عصرنا تركة كبيرة، ونعيد الآن دفع العجلة لتصحيح مسارات الأمور وتكوين ثقافة مجتمعية تبدأ منذ الطفولة، وبالحديث حول الطرق المتنوعة للتعبير عن المطالب السياسية والاجتماعية والدينية والاقتصادية نجد أنها تتضمن المسيرات والاحتجاجات السلمية والاعتصامات والإضرابات، وتشمل: أين؟ كيف؟ متى؟ لماذا؟ والتعامل مع التبعات، ومخاطبة السلطات الرسمية عبر: البريد، والبريد الإلكتروني، والهاتف، والبرقيات وغيرها، إضافة إلى التعبير عن الرأي عبر وسائط الإعلام المتعددة ومواقع التواصل الاجتماعي، والمشاركة بالتمثيل المباشر وغير المباشر عبر الترشح والانتخاب في مجالس النواب والبلدي وغرف الصناعة والتجارة والنقابات وغيرها، والمشاركة في الأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات».
وقالت إن «أمم العالم لها أساليب كثيرة في التعامل مع التعبير بالسلمية، وعندما تكون هناك مسيرة يتبعها تفاوض وتقديم مطالب وجدول لتحقيق المطالب الزمنية، وإن لم تتحقق يلجأون إلى الإضراب الجزئي يتبعه إضراب شامل، أما في الدول العربية فمازالت الديمقراطيات ناشئة وبحاجة للتعامل الصحيح مع الاحتجاجات»، مؤكدة أن «مسار الربيع العربي بدأ بشكل جميل وانتهى بمسارات فوضوية وهو ما يعيد السؤال إلى الساحة بكيفية الموازنة بين حقوق الفرد والمجموعة، ويجب أن يمسك من يمثل الشعب ويمثل الحكومة العصا من الوسط، ويفترض من كل طرف أن يقبل أنه لا يستطيع أن يحصل على كل ما يريد ويجب التنازل بين الطرفين والوصول إلى حل وسط لدفع العجلة للأمام».
استعجال المكاسب
وأردفت الحروب في ورقتها، قائلة «الحاكم موجود لخدمة الشعب، ولكن في المقابل وفــي بعض الحالات في ظروف زمنيـــة يكون الشعب مستعجلاً في الحصول على كل المطالب والمكاسب مرة واحدة وعندما يفقد التفاؤل بين حركات المجتمع السياسية المختلفة والسلطة وكل يتخندق في موقعه ونصل لطريق مسدود عندها يدفع الطرفان الثمن، ويجب الوصول لحلول مشتركة، والتحدي الأكبر هو التغيير، ويظن البعض أن التغيير من خارج النظام ربما يكون أكثر فاعلية من داخل النظام ويبدأ بالمقاطعة طمعاً في أن يتمكن من إسقاط النظام كله وإحداث نظام جديد يستطيع أن يضع فيه قواعده، وهذا الحديث يبدو جيداً بالنسبة لكثير من الثوار ولكن الواقع أن كل الثورات في العالم لجأت لهذه التغييرات المفاجئة ولم تتمكن من تحقيقه لأنها تواجه الردات العكسية، وما حصل في مصر أكبر مثال، وكيف ظن فريق سياسي أنه وصل ولكن تدخلت فيه قوى المجتمع الأخرى عبر وسائل الإعلام وأسقطت التجربة، وهذا المشهد ليس بالضرورة هو الخيار الأسلم للتغيير»، لافتة إلى أن «الأردن نموذج للتغيير من داخل النظام السياسي وهو نموذج بطيء ويحتاج لوقف وجهد وحنكة سياسية وزحزحة الأحجار فيه صعبة، ولكن يتم على الأقل المحافظة على البناء والمكتسبات والمنجزات والسير في الطريق السليم بنفس أطول».
الديمقراطية 3 أنواع
أما في المحور الثاني، فقد تناولت الحروب عن المشاركة السياسية في صنع القرار، وذكرت أن «الديمقراطية 3 أنواع، وهي: الانتخابات والديمقراطية ونظم الحكم في العالم والتي تشمل: حكم الفرد، الحكم الشمولي -نظام الحزب الواحد-، والحكم الثيوقراطي، والحكم الديمقراطي، أما النظام الثاني، فهو الديمقراطية المباشرة أو الرئاسية أو النيابية، في حين أن النوع الثالث هو الأحزاب والتعددية السياسية»، مشيرة إلى أن «العمل الحزبي الجاد هو العمل السياسي المؤسسي الذي تدار فيه المؤسسة بطرق ديمقراطية تقوم على الانتخاب وسلامة التمثيل بناءً على الكفاءة والإقناع، وهو العمل الذي ينهمك فيه الأفراد في حل المشكلات الاجتماعية القائمة عبر دراستها وتشخيص نقاط الضعف واستثمار نقاط القوة وتحليل التحديات والفرص واقتراح البدائل».
ولفتت إلى أن «المشاركة السياسية هي كل النشاطات التي يستخدمها المواطنون للتأثير في اختيار القادة السياسيين أو سياساتهم ودعم الحكومات والمؤسسات وسياساتها أو معارضتها وتغييرها، وتنبثق المشاركة من حق المواطن في التعبير والاجتماع وتكوين الأحزاب السياسية والانضمام إلى النقابات والجمعيات، والقدرة على المشاركة في الشأن العام وتولي المناصب العامة والترشح وتصميم وإدارة الحمـــلات الانتخابيـــة ومخاطبـــة السلطات العامة في ما يخص شؤون حياته اليومية».
حق المواطن في التعبير
وقالت الحروب إن «أسباب امتناع المواطنين عن المشاركة السياسية تتمثل في عدم امتلاكهم للوقت أو المال أو المهارات للمشاركة، وفئة لا تريد المشاركة لعدم اهتمامها بالسياسة والقضايا العامة والإحساس أن نشاطهم لا يحدث فرق وعدم انتمائهم لمجموعة سياسية أو عدم ثقتهم بالمرشحين والعمل السياسي، أما الفئة الثالثة فهي لم يطلب منهم أحد المشاركة إذ لديهم عزلة عن الشبكات الاجتماعية السياسية التي تستقطب الجماهير إلى العمل الحزبي والسياسي».
وأكدت أن المملكة الأردنية الهاشمية تجمعها مع البحرين قواسم مشتركة منها دينية وعربية وثقافية وتاريخية وحتى سياسية، لافتة إلى أن الأردن عاشت قبل عام نفس الأجواء الانتخابية التي تجري في البحرين الآن ومنها دعوات واسعة للمقاطعة من قبل عدد من القوى السياسية والمستقلين ولكن سارت السفينة إلى الأمام وأجريت انتخابات ناجحة، لافتة إلى أن السياسيين عليهم أن يتحلوا بقدر من الأمانة والمسؤولية كي لا يفاجأ الناخب عند وصول النائب إلى المجلس بالأكاذيب وهي معاناة حقيقية.
وختمت الحروب ورقتها بالمحور الثالث، حول طريقة اختيار المرشحين من خلال تقييمهم وتحليل برامجهم الانتخابية، وذكرت أن «المواطن شريك في صنع القرار، لا ديمقراطية دون مشاركة، ولا مواطنة دون مشاركة».
ما هي الحقوق؟
وفي السياق نفسه، قدم عضو مجلس الشورى خليل الذوادي ورقة خلال الندوة تناول فيها الحديث عن «ما هي الحقوق؟»، وذكر أن «المنظرين يحلو لهم أن يربطوا بين الحقوق والحريات المستحقة لكل شخص لمجرد كونه إنساناً، فالحق تنوعت مشاربه بين حقوق الإنسان، والحق المدني، والحق في التعبير، والحق في العيش الكريم وغيره، وقد أكدت الشرائع السماوية والإسلام على الحقوق»، مضيفاً «أما الواجب فهو ما عوقب تاركه، والواجب هو ما اقتضى الشرع فعله اقتضاءً جازماً، والواجب مشتق من وجب وجوباً، والوجوب في اللغة اللزوم والاستحقاق، لا يمكن فصل الواجب شئنا أم أبينا، ومن واجبي أن أعلم أولادي وأن أرعاهم وأن أسعى إلى نصحهم ومن واجبهم علي أن يحترموني، وعلى مستوى المجتمع من واجبي أن أرعى جيراني وأحافظ على سمعتهم ومن واجبهم علي أن أكون متعاوناً معهم، وفي نفس السياق الدولة عليها واجب وتقوم بواجبها بالتعليم والصحة وغيره، ولكن لها حق علي وهو حق الولاء والإخلاص والتفاني في النهوض بالبلاد لأقصى ما نستطيع، لذلك المشروع الإصلاحي الذي أطلقه جلالة الملك المفدى، لم يأتِ فقط للمواطن، بل لبحرين المستقبل، لذلك يجب أن نعي أن من واجبنا أن نرعى المشروع، ومن حقنا أن نقطف ثماره في التطور والنمو وفي الحياة الكريمة والعيش الرغيد لأنها مستلزمات الحياة، كالتوظيف والإسكان».
مؤشر الاقتراع
وقال الذوادي إن صندوق الاقتراع مؤشر للتجربة، ولكن مسؤولية الناخبين في النهاية أن يتابعوا المرشح الفائز، ولا يجب تركه دون متابعة، وإن المشاركة الانتخابية الوسيلة الأساس لتفعيل مفهوم الديمقراطية، ومشاركة الشعب في السلطة وحكمه لنفسه لا يتحقق في العصر الحديث إلا عن طريق مشاركته في الانتخابات، لافتاً إلى أن «مشاركة المؤهلين قانونياً في الانتخابات، بنسبة مرتفعة تعد دليلاً على مدى نجاح الانتخابات التي تجمع بين الحق والواجب من خلال النصوص الدستورية والقانونية المنظمة للعملية الانتخابية».
المشاركة السياسية
وتناول الذوادي -في المحور الأول من ورقته- الإطار القانوني والدستوري المنظم لعملية المشاركة السياسية، وأشار إلى أن «دستور مملكة البحرين وضع القواعد العامة المنظمة لعملية المشاركة الانتخابية، وجاء في الفقرة (د) من المادة الأولى من الدستور أن «نظام الحكم في مملكة البحرين ديمقراطي، السيادة فيه للشعب مصدر السلطات جميعاً، وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا الدستور»، ونصت الفقرة (هـ) من المادة الأولى على أن «للمواطنين، رجالاً ونساءً، حق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية، بما فيها حق الانتخاب والترشيح وذلك وفقاً لهذا الدستور وللشروط والأوضاع التي يبينها القانون، ولا يجوز أن يحرم أحد المواطنين من حق الانتخاب أو الترشيح إلا وفقاً للقانون».
وتحدث الذوادي -في المحور الثاني- عن مراحل بدء العملية الانتخابية، وأشار إلى أنه «تجرى الانتخابات النيابية والبلدية في مملكة البحرين تحت إشراف اللجنة العليا للإشراف على سلامة الانتخاب والاستفتاء، والتي يرأسها وزير العدل والشؤون الإسلامية وتحت إدارة هيئة التشريع والإفتاء القانوني، وذلك باعتبارها هيئة مستقلة، لضمان مراعاة مبادئ النزاهة والحيادية، وتضم البحرين عدداً من المناطق الانتخابية تشتمل كل منها على عدد من الدوائر الانتخابية، ويحدد موعد الانتخابات العامة لمجلس النواب بأمر ملكي، ويكون إصدار الأمر قبل التاريخ المحدد لإجراء الانتخابات بخمسة وأربعين يوماً على الأقل، ويتم إعداد جداول الناخبين للدوائر الانتخابية، ممن تتوافر فيهم شروط المشاركة الانتخابية، وتعرض لمدة سبعة أيام في كل دائرة انتخابية، وذلك قبل خمسة وأربعين يوماً على الأقل من الميعاد المحدد لإجراء الانتخاب، مشيداً بالتطوير الجديد بمعرفة أسماء الناخبين من خلال تطبيق عبر الهاتف النقال.
الدعايات الانتخابية
وانتقد الذوادي بعض أساليب الدعاية الانتخابية والحملات غير المرضية، والتي تحتاج لضبط إيقاع ورفع الوعي وإدراك مسؤولياتهم كاملة في حرية التعبير المكفولة للجميع ضمن المشروع الإصلاحي لكل مواطن في مدينة أو قرية، ودعا إلى «الابتعاد عن كل ما يغرس الطائفية التي تعاني منها مجتمعات قريبة»، لافتاً إلى أن «البحرين شعبها أسرة واحدة والقانون يحمي الجميع ويلزم بالحفاظ على الوحدة الوطنية وأمن الوطن واستقراره».
وأردف أنـــه «يجــــب أن تكــــون الدعايــــة الانتخابية حرة وفق أحكام القانون ويسمح لأي مرشح القيام بها ابتداءً من تاريخ قبول الترشيح وفقاً لضوابط يجب أن يتقيد بها وهــي الالتزام بأحكام الدستور واحتــرام سيادة القانون، واحترام حرية الرأي والفكر لدى الغير، الالتزام بالمحافظة على الوحدة الوطنية وأمن الوطن واستقراره، وعدم القيام بكل ما يثير الفرقة أو الطائفية بين المواطنين، والالتزام بعدم إجراء الدعاية الانتخابية في الوزارات والإدارات التابعة لها والأجهزة الملحقة بها والهيئات والمؤسسات العامة، وكذلك الالتزام بعدم التعرض في الدعاية الانتخابية لغيره من المترشحين، سواء بصورة شخصية أو بواسطة معاونيه في حملته الانتخابية، ويمنع تنظيم وعقد الاجتماعـــات الانتخابية وإلقاء الخطـــب الانتخابيـــة في دور العبادة والجامعــات والمعاهد العلمية والمدارس الحكومية والخاصة والميادين والشوارع والطرق العامة وكذلك في الأبنية التي تشغلها الوزارات والإدارات التابعة لها والأجهزة الملحقة بها والهيئات والمؤسسات العامة».
وختم الذوادي ورقته بالمحور الثالث وتناول خلاله دور مؤسسات المجتمع المدني في التوعية الانتخابية للناخبين بأهمية دورهم الوطني، ومساهمتهم في تحقيق حراك ديمقراطي كبير، ومن ثم الوصول إلى أعلى نسبة مشاركة».