كتبت - عايدة البلوشي:
فرضت طبيعة العلاقات الاجتماعية بين أهالي البحرين عدداً من العادات والتقاليد التي يراها البعض جوهراً تقوم عليه تلك العلاقات، في حين يراها البعض الآخر مجرد قشور اجتماعية لا تؤثر على متانة روابط الود والمحبة، ومن أبرز تلك العادات ما يعرف بـ«المجاملات»، والتي تتمثل في الزيارات وتبادل الهدايا بين الأهالي، ففي الوقت الذي يؤكد فيه البعض أنها واجب اجتماعي لابد من القيام به لأنه خير دليل وبرهان على عمق الروابط الاجتماعية التي تربط بين صاحب الهدية وهاديها، إلا أن البعض الآخر لا يرى في المجاملات إلا أنها مجرد عادات تحولت في طياتها إلى نوع من التفاخر والتظاهر والمباهاة الصادقة في بعض الأحيان والكاذبة أحياناً أخرى، إضافة إلى كونها تعد ضيفاً ثقيلاً على ميزانية الأسرة.. «الوطن» استطلعت آراء الأهالي وتناولت وجهات نظرهم حول ما يعرف مجتمعياً بـ«المجاملة»، وطرحت عليهم الكثير من التساؤلات أبرزها: هل تحولت المجاملات الاجتماعية من نعمة إلى نقمة؟
مظاهر فقدت قيمتها
في البدايـــة، تؤكد سارة البلوشــــي أن «الواجبات الاجتماعية اختلفت اليوم عن الماضي، ففي الماضي كان من الواجب زيارة المريض ومشاركة الجيران في أفراحهم وأحزانهم، والسؤال عن الأهل والأقارب، سواء في المناسبات أو غير ذلك، كما كان الأهالي يتهافتون لمساعدة الآخرين، كل ذلك بهدف حب المساعدة والإنسانية وتقديم الخير، ولكن اليوم اختلفت الواجبات الاجتماعية لتتحول إلى تكليف، فالعزاء لم يعد واجباً اجتماعياً يجب من خلاله مشاركة أهل المتوفى حزنهم، إنما يتحول مجلس العزاء في كثير من الأحيان إلى قاعة «للعقرة والقيل والقال»، والأسوأ من ذلك مكان للخطبة والزواج، وكم من قصص سمعتها تشير بطلتها إلى أنه تمت خطبتها في خلف أوعزاء بيت فلان، لذلك نقول للأسف اختلت الموازين وفقدت قيمتها الإنسانية».
قرض لشراء الهدية
من جانبها تشير مروة عبدالله إلى أن «الواجبات الاجتماعية تحولت اليوم إلى مجاملات اجتماعية، حيث إن هناك الكثير من الناس يقومون بالواجب الاجتماعي أياً كان نوعه كزيارة مسافر عائد من الحج من منطلق «أديت الواجب وكفى»، خاصة في الوقت الذي زادت فيه هذه الواجبات الاجتماعية من: عيد ميلاد، وسفر، وزيــارة مريض، واستقبال، وحفلة زفاف، وحصول على ترقية، ومولود جديد، ولو أننا نترك كل هذه المناسبات ونركز فقط على أعياد الميلاد، فكم من صديق لك وعليك تقديم الهدايا له»، لافتة إلى أنه «بالطبع مثل هذه المناسبات تكلف الأسرة، فحفلات الزواج تحتاج إلى تجهيزات مثل: فستان ومكياج وتسريحة للشعر، وحفلات الاستقبال والمواليد الجدد وأعياد الميلاد كلها مناسبات تحتاج إلى تقديم الهدايا، وبطبيعة الحال كل ذلك يكلف الأسرة ويؤثر على ميزانيتها، و تضطر الأسرة إلى اللجوء للقروض والديون لإتمام تلك الواجبات الزائفة في أحيان كثيرة».
مباهاة وتفاخر
في حين تقول لمياء علي إنه «للأسف فإن الكثير من الواجبات والمناسبات الاجتماعية تحولت لمجاملات زائفة يغلب عليها المباهاة والتفاخر، خاصة في أوساط النساء، فهناك فئة من النساء تشارك في الواجبات الاجتماعية بتكلف غير مبرر، كأن ترتدي أغلى الماركات في هذه المناسبة، ومنهن من يقوم بتنظيم حفلة بمناسبة تخرج ابنه في أفخم الفنادق، رغم أنه ربما يقترض مبلغ إقامة الحفلة، كل ذلك فقط من أجل المباهاة الاجتماعية»، مشيرة إلى المثل الشعبي «مد ريولك على قد لحافك»، فمـــن حق الأم أن تفرح بنجاح ابنها وتقيم له حفلة بتلك المناسبة السعيدة، ولكن مع الأخذ في الاعتبار مدى استطاعة الأسرة ومدى قدرتها المادية على القيام بذلك، وأيضاً يمكن للصديقة مشاركة صديقتها في حفل زواجها، ولكن أيضاً باعتدال دون تكلف ومبالغة، وأعتقد أن البعض في حاجة لإعادة النظر في مفاهيم الواجبات الاجتماعية والهدف منها.
مناسبات غير مبررة
«30 مناسبة في الشهر».. هكذا بدأت روان يوسف، مضيفة أنه «ما جعل المناسبات والواجبات الاجتماعية تفقد قيمتها الحقيقية وتتحول في أحيان كثيرة إلى مجاملات زائفة الأسباب وغير مبررة لإقامتها، فلا يمكن أن تتحول أبسط الأمور الحياتية إلى مناسبة، عودة من السفر مناسبة، تخرج مناسبة.. إلخ..، فالمناسبات تزيد وترهق ميزانية الأسرة»، مشيرة إلى أن «النساء هن من لديهن كل هذه المناسبات بينما الرجال ربما مناسبة أو مناسبتين لا أكثر».