كتبت - مريم العبدالقادر:
«بعض أهالي كشمير رفضوا إنقاذنا بدعوى أن الأولية يجب أن تكون لأولادهم وليس للأجانب»، هكذا ابتدأ الناجيان من الفيضانات التي اجتاحت الشطر الهندي من إقليم جامو وكشمير عادل التيتون وحسين إبراهيم قصة خروجهما لـ«الوطن»، وأشارا إلى أنهما فقدا الأمل في لحظة بعدما سيطر عليهما الجوع والعطش.
لم يكن التيتون وإبراهيم على علم بأن خبر ضياعهما يملأ وسائل التواصل الاجتماعي ومتابعة الجهات الرسمية في البلاد، وقالا إنهما بعد وصولهما إلى دلهي «تفاجئنا بكمية الرسائل على «الواتساب» بعد أن فتحنا هواتفنا.. وسبب لنا هذا الأمر صدمة أكثر من الأحداث التي مررنا بها سابقاً».
«هل سنموت أم ننجو؟»، كانت هذه التساؤلات تراوح في ذهن التيتون، خلال رحلة ضياع استمرت 12 يوماً بما فيها من خوف وجوع وعطش، إلى أن وصلا إلى البحرين في وقت متأخر من مساء أول أمس.
وقال عادل التيتون وحسين إبراهيم «وصلنا في اليوم الأول من شهر سبتمبر الحالي، وكانت الأمطار تهطل حتى اليوم الخامس، الأمر الذي أجبرنا على البقاء في الفندق».
وأشارا إلى أنهما قررا الخروج صباح اليوم السادس بعدما توقفت الأمطار في الليلة الخامسة، لكن المياه سبقتهما بدخول الفندق فخلال ساعة ونصف ارتفعت المياه إلى الطابق الثاني، وتسبب ذلك في عرقلة عملية الخروج.
وكان إبراهيم أكثر إصراراً على الخروج من التيتون، خوفاً من انشغال أهله في التفكير فيه، لذلك قررا البحث عن منفذ للخروج، وطول المحنة كانا يحملان جوازيهما في «كيس نايلون» داخل معطفيهما.
وخرج التيتون وإبراهيم من الفندق عن طريق نافذة في الطابق الأول، ثم إلى فندق مجاور كانت المياه فيه تصل إلى نصف الساق ومنه وصلا إلى الخارج، وأخذ الاثنان يسيران مع طاقم الفندق حتى وصلوا إلى مسجد فوق جبل قريب من الفندق، حيث قضوا أجمعهم الليلة فيه. وفي اليوم التالي قررا الرجوع إلى الفندق، الذي بقيت فيه عائلتان هنديتان وطباخ الفندق، وعان الاثنان كثيراً من الجوع والعطش، حيث انقطعت المياه من اليوم الأول والأكل كان قليلاً.
وأوضحا أن قاعدة عسكرية كانت تقوم بنقل اللاجئين عبر طائرات «هليكوبتر»، فوق الجبل، فقررا الذهاب إليها لكن عندما اقتربا منها عارضهما أهالي كشمير الذين وقفوا في طريقهما، وقالوا لهما إنهما لن يسمحوا لهما بالرحيل، فالأولية يجب أن تكون لأولادهم الذين يموتون كل يوم وليس للأجانب.
لهذا السبب تراجع التيتون وإبراهيم عن الذهاب، لكن شدة خوف إبراهيم على أهله، وأن يظنوا أنه ميت، دفعه للتنكر ككشميري وقرر الذهاب بنفسه إلى القاعدة، وهناك طلب من الضابط الموجود مساعدتهما كونهما أجنبيين، فقال لهما احضرا إثباتاتكما وحاجياتكما وتعالا الـ3 عصراً، وكان ذلك في حوالي الساعة الـ11 صباحاً، لكن لدى رجوعهما إلى الفندق قيل لهما أنها وعود غير موثوق بها.
بقي عادل التيتون وحسين إبراهيم في الفندق حتى نهار اليوم التالي، وإصرار إبراهيم على النجاة قاده للذهاب إلى القاعدة مرة ثالثة وعدم الاكتراث إلى قول الآخرين، وقال إبراهيم إن الجوع والعطش أصبحا مسيطرين عليهما، ولا أمل لديهما إلا الخروج عن طريق «الهليكوبتر». وفي صباح اليوم الثاني عشر من بداية رحلتهما، أخذا أمتعتهما التي كانا قد تركاها في منزل إحدى النساء الكشميريات، والتي أثنى إبراهيم على تعاونها معهما ومساعدتهما. وذهبا إلى القاعدة العسكرية ووجد إبراهيم الضابط الذي كان قد قابله سابقاً، وذكر التيتون أن الناس كانوا مصطفين في خطوط مستقيمة مكونة من 25-35 شخصاً، وتنقل الطائرات كل مجموعة على متن «هليكوبتر» إلى قاعدة أخرى في نفس المنطقة، ليتم نقلهم بعدها عبر طائرة عسكرية دون أحزمة إلى منطقة دلهي.
وأشارا إلى أنهما فور وصولهما إلى دلهي حجزا في فندق، ثم فتحا هاتفيهما ليتفاجآ بكمية الرسائل في «الواتساب» حول أخبار ضياعهما وفقدان الاتصال بهما، حيث ذكر التيتون أن هذا الأمر سبب لهما صدمة أكثر من الأحداث التي مرت بهما سابقاً.وسارع عادل التيتون وحسين إبراهيم في الاتصال بالسفارة البحرينية في الهند وتحدثا مع القائم بأعمال السفارة في نيودلهي مرام صالح، التي طلبت منهما تحديد موقعهما، حيث تكفلت السفارة بالفندق وتذاكر السفر.وأثنى التيتون وإبراهيم على موقف السفارة ومساعدتهما، وأضاف إبراهيم أن الخوف بقى مرافقاً له حتى أحس بأجواء البحرين عند رجوعه إليها