لفتت انتباهي، رسالة هاتفية وصلت إلي عبر الهاتف من أحد الإخوة الذين ينوون الترشح إلى الانتخابات النيابية القادمة، دعا فيها أهالي الدائرة إلى حضور مجلسه من أجل التباحث حول احتياجات الدائرة من الخدمات، وللأسف الشديد إن الرسالة لم تكن سوى مجرد دعاية انتخابية لا يمكن تحقيقها على اعتبار أن فاقد الشيء لا يعطيه.
وحقيقة، فإن الإخوة المترشحين للانتخابات النيابية، يركزون في حملاتهم الانتخابية على الخدمات وتطوير البنية التحتية لدوائرهم، ويقطعون الوعود الرنانة بحل مشكلة الإسكان وغيرها من الأمور التي تمس حياة المواطن، بينما يتناسون أنهم مترشحون لانتخابات المجلس النيابي الذي هو السلطة التشريعية، والمعني أساساً بالتشريعات القانونية وليس الأمور الخدماتية.
فالمترشح، الذي أرسل الرسالة الهاتفية، تعاني دائرته نقص الكثير من الخدمات، وهي بحاجة لتطوير بنيتها التحتية، وعدد كبير من بيوتها آيلة للسقوط، وبعض الأهالي فيها فقراء متعففون.. هذه الدائرة تحتاج إلى الميزانيات الكبيرة لتطويرها وليست لمجلس المترشح المحترم، فيعلم هذا المترشح جيداً أن الناس قد ملت كثيراً من الوعود، خصوصاً أنهم تعرضوا لصدمة من النائب الحالي، الذي لا إنجاز له خلال فترة دور الانعقاد السابقة، وكان بعيداً عن أهالي الدائرة، ولم يكن له تواصل معهم، منذ أن دخل تحت القبة البرلمانية، وللأسف فإن المترشح الجديد جاء على أنقاض النائب الحالي، وهو يعتبر امتداداً له.
المطلوب اليوم، من السادة المترشحين، تقديم برامج انتخابية واقعية وليست أحلاماً وردية لا يمكن تحقيقها حتى في مدينة أفلاطون الفاضلة، ولابد أن يدرك الإخوة المترشحون للمجلس النيابي، أنهم ترشحوا ليكونوا أعضاء في السلطة التشريعية، وبالتالي يجب أن يركزوا جل اهتمامهم في إصدار التشريعات الجديدة، التي تمس حياة المواطن ومعيشته، ويجب أن يبتعدوا عن الدخول في الأمور الخدماتية، التي هي من صلب عمل المجالس البلدية، فأعضاء هذه المجالس أصبحوا بحاجة إلى المزيد من التشريعات التي تعطيهم الصلاحية في عملهم البلدي، حتى يتمكنوا من توفير الخدمات اللازمة للمواطنين، فحدود صلاحية أعضاء المجالس البلدية ضيقة، والعراقيل أمامهم كثيرة بحاجة إلى تعبيد من السلطة التشريعية، حتى تأخذ هذه المجالس دورها الذي يتناسب مع طموحات حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى، ومشروع جلالته الوطني الإصلاحي الذي يفتخر به كل بحريني.
يجب الارتقاء بالعمل البلدي، والفصل بينه وبين العمل البرلماني. فالبحرين هي دولة القانون والمؤسسات، وليترك السادة المترشحون للمجلس النيابي الأمور الخدماتية لأعضاء المجالس البلدية، وليساند أعضاء الغرفة التشريعية هذه المجالس بالمزيد من التشريعات لتكتمل بذلك المنظومة الوطنية.. مترشحو النيابي مطالبون بالتعامل بواقعية مع أهالي دوائرهم، من خلال مصارحة ناخبيهم بأنهم جهة تشريعية تساند أي تشريعات جديدة تمس حياة المواطن، وأنهم ليسوا بنواب خدمات، وفي الواقع نحن لسنا بحاجة إلى نواب خدمات في البحرين.
واليوم، وبعد عطاء 40 عاماً من العطاء.. فنياً، ورياضياً، وبعد تفكير ومساندة مجموعة من أفراد الشعب الكريم، قررت ترشيح نفسي للانتخابات القادمة - رغم أن هناك أشخاصاً يصطادون في الماء العكر حينما أعلنت ترشيحي- وكأن الفنان ليس إنساناً، وأعلم جيداً أن الجمعيات تصرف على أعضائها في الحملات الانتخابية، أما أنا فمستقل، واعتمادي على الله عز وجل وحب الناس لي.
همسة للجمعيات الإسلامية، تذكروا ما قاله الداعية -المرحوم بمشيئة الله تعالى- الشيخ محمد متولي الشعرواي، حين قال «إذا دخل رجل الدين السياسة لا تولوه».