صنعاء - (وكالات): وقع المتمردون الحوثيون الشيعة مع باقي الأحزاب السياسية اليمنية اتفاقاً برعاية الأمم المتحدة للسلام وبحضور رئيس الجمهورية، وذلك بعد ساعات من سيطرتهم على معظم المقار العسكرية والسياسية في صنعاء، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية.
وذكرت الوكالة أنه «جرى مساء أمس في دار الرئاسة وبحضور الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية ومساعد أمين عام الأمم المتحدة ومستشاره الخاص لشؤون اليمن جمال بن عمر وممثلي الأطراف السياسية بمن فيهم انصار الله «الحوثيون» التوقيع على اتفاق السلم والشراكة الوطنية بناء على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني». وقال مستشار للرئيس اليمني إن الاتفاق يقضي باستقالة الحكومة وتشكيل أخرى جديدة، مع وقف إطلاق النار في العاصمة.
وينص الاتفاق على أن يجري الرئيس مشاورات تفضي إلى تشكيل «حكومة كفاءات» في غضون شهر فيما تستمر الحكومة الحالية التي استقال رئيسها محمد سالم باسندوة في وقت سابق بتصريف الأعمال.
وبحسب الاتفاق، يعين هادي رئيساً للوزراء كما يتم تعيين مستشارين سياسيين للرئيس من الحوثيين والحراك الجنوبي. ويفترض أن يكون رئيس الوزراء الجديد «شخصية محايدة ولا حزبية». وبحسب الاتفاق يعين رئيس الجمهورية وزراء الخارجية والداخلية والدفاع والمالية بعد إجراء مشاورات. وفي الجانب الأمني، ينص الاتفاق على أن تتسلم الدولة المنشآت الحيوية وأن تزال مخيمات الاحتجاجات من صنعاء ومحيطها، على أن يتم «وقف جميع أعمال العنف فوراً» في صنعاء. وجاء ذلك بعد أن سيطر المتمردون الحوثيون الشيعة في شكل مفاجىء على مقر الحكومة والإذاعة ومقار عسكرية ووزارات مهمة في صنعاء في مشهد أظهر تراجعاً كبيراً للسلطة، وذلك رغم إعلان الأمم المتحدة التوصل إلى اتفاق لوضع حد للأزمة الحالية. وتزامناً مع تقدم الحوثيين الميداني في العاصمة اليمنية، قدم رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة استقالته، متهماً رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي بالتفرد بالسلطة، فيما دعا وزير الداخلية أجهزة الأمن إلى التعاون مع الحوثيين وعدم مواجهتهم عسكرياً. وتتالت الأنباء غير المؤكدة عن سقوط الوزارات والمؤسسات العامة في يد الحوثيين، من دون مقاومة في بعض الأحيان، بما في ذلك وزارة الدفاع والمصرف المركزي والبرلمان. وقال مصدر رسمي إن الحوثيين «سيطروا على مقر رئاسة الوزراء وعلى الإذاعة إضافة إلى مقر اللواء الرابع». من جهته، أكد المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام أن «الجهات العسكرية والأمنية التي انحازت إلى خيار الشعب هي القيادة العامة للقوات المسلحة، معسكر الإذاعة، المؤسسات الرسمية المتواجدة بمنطقة التحرير ورئاسة الوزراء». وأشارت مصادر متطابقة إلى أن الحوثيين سيطروا على وزارة الإعلام ووزارة الصحة، كما سيطروا على مقر الفرقة السادسة ومقر القيادة العامة للقوات المسلحة بعد حصول مواجهات بالأسلحة .
وفي وقت لاحق، أعلن عبد السلام السيطرة على مقر الفرقة الأولى مدرع سابقاً، أي مقر اللواء علي محسن الأحمر الذي يبدو أنه تمكن من الفرار، مع العلم أنه من ألد أعداء الحوثيين. وقال إن «اللجان الشعبية أعلنت التطهير الكامل والكلي لمقر الفرقة الأولى مدرع المنحلة وتعلن أن علي محسن الأحمر مطلوب للعدالة». وما زال الحوثيون يحاصرون مبدئياً جامعة الإيمان معقل رجل الدين عبدالمجيد الزنداني، وهو أيضاً من أبرز أعداء الحوثيين. وأكد شهود عيان ومصادر سياسية أن عدداً كبيراً من المقار العسكرية والسياسية التي سيطر عليها الحوثيون لم تشهد أي مقاومة من جانب الجيش. وأتت هذه التطورات رغم وصول اثنين من ممثلي التمرد الحوثي إلى القصر الجمهوري في صنعاء بعد إعلان المبعوث الأممي جمال بن عمر التوصل إلى اتفاق سياسي جرى توقيعه. وأفادت وكالة الأنباء اليمنية بأن الرئيس اليمني عقد لقاء «مع مستشاريه وممثلي الأحزاب والقوى السياسية بمن فيهم أنصار الله» أي الحوثيين. وشارك في اللقاء مبعوث الأمم المتحدة جمال بن عمر.
وفي الأثناء، قدم باسندوة استقالته متهماً رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي بالتفرد بالسلطة، وذلك بعد أكثر من شهر على بدء المتمردين الحوثيين الشيعة تحركهم للدفع نحو إسقاط الحكومة والتراجع عن قرار رفع أسعار الوقود.
وأشار باسندوة الذي يرأس حكومة وفاق وطني شكلت بموجب اتفاق انتقال السلطة الذي وضع حداً لحكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح إنه «بالرغم من أن المبادرة الخليجية وآليتها المزمنة نصتا على الشراكة بيني وبين الرئيس في قيادة الدولة، لكن ذلك لم يحدث إلا لفترة قصيرة فقط ريثما جرى التفرد بالسلطة لدرجة أنني والحكومة أصبحنا بعدها لا نعلم أي شيء لا عن الأوضاع الأمنية والعسكرية ولا عن علاقات بلادنا بالدول الأخرى».
من جهته، دعا وزير الداخلية اليمني عبده حسين الترب الأجهزة الأمنية إلى التعاون وعدم مواجهة المتمردين الحوثيين في بيان نشر على موقع وزارة الداخلية.
كما دعا العاملين في الوزارة إلى «التعاون معهم في توطيد دعائم الأمن والاستقرار، والحفاظ على الممتلكات العامة وحراسة المنشآت الحكومية، التي تعد ملكاً لكل أبناء الشعب، واعتبار أنصار الله أصدقاء للشرطة».
وكانت وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة دعتا في وقت سابق «منتسبي الوحدات العسكرية المرابطة في إطار أمانة العاصمة وما حولها إلى البقاء في وحداتهم بجاهزية عالية والحفاظ على الممتلكات والمعدات».