الخوف من فقدان العمل عامل جديد كشفته الأبحاث الألمانية على علاقة مع الربو، في وقت تزداد فيه مخاطر البطالة في معظم البلدان الأوروبية. فمعدلات البطالة تزيد عن 20 بالمائة في جنوب أوروبا، حيث تعصف الأزمة المالية باليونان وإسبانيا والبرتغال، لكن هذا الاحتمال لا يستبعد شمال أوروبا في ظل المخاوف الناجمة عن فقدان العمل في أية لحظة بسبب الأزمات الاقتصادية، وفي مجرى السباق بين الإنسان والروبوت على مواقع العمل.
إيلاف نشرت تقريراً حول هذا الموضوع بينت فيه أن الطفل المعرض وراثيًا للإصابة بالربو، قد يصاب فجأة بأول أزماته التنفسية مع زيادة خوفه من انفصال الأم والأب، وهذا ما كشفته دراسات علمية سابقة. ويمكن للربو أن يصيب الإنسان البالغ أيضًا فجأةً بسبب توتر العمل، لكن الخوف من فقدان العمل لا يقل أثرًا عليه من فقدان حنان الأبوة أو الأمومة في الطفولة.
توصل إلى هذه النتيجة فريق عالمي من الباحثين الطبيين بقيادة الدكتور ادريان بوربروك من جامعة دسلدورف الألمانية. وكتب الباحثون أن التوتر الناجم عن الخوف من فقدان العمل يكفي بمفرده لزيادة مخاطر الإصابة بالربو. يضاف إلى ذلك ما يسببه الخوف من البطالة من عادات لا صحية مثل التدخين واضطراب النوم واستهلاك الكحول وغيرها.
ومن أجل كشف العلاقة بين الخوف من فقدان العمل ومخاطر الإصابة بالربو، درس الباحثون المعطيات الصحية لـ 7031 ألمانيًا، ثم وجهوا إليهم أسئلة تتعلق بوضعهم الاجتماعي والمهني والصحي. وراقب الباحثون تطور الوضع الصحي والنفسي والاجتماعي لهؤلاء الأفراد لعدة سنوات بدءًا من عام 2008.
وسأل الباحثون المشاركين في الدراسة عام 2009 عن إصاباتهم بالربو، فأجابوا كلهم تقريبًا بأنهم في صحة جيدة ولا يعانون من الربو. وعندما أعيد السؤال عليهم في عام 2011 قال 105 منهم إنه تم تشخيصهم بالربو خلال السنتين الماضيتين. وهذا يعني أن 1,5% من مجموع المشاركين أصيبوا بالربو خلال هذه الفترة.
ووجه الباحثون بعد ذلك إلى المشاركين في الدراسة سؤالًا يستفسر عن تقديرهم لمخاطر فقدانهم للعمل بنسبة تتراوح بين صفر و100. وكانت النتيجة مفاجئة لأن كل من قدر احتمال فقدانه العمل بأكثر من 50% كان أكثر عرضة لمرض الربو بنسبة 60% من غيره ممن قدر خطر البطالة بنسبة تقل عن 50%.
ولم يكن هذا كل شيء، فمن قدروا مخاطر فقدان العمل بأكثر من 50% صاروا أكثر تدخينًا للسجائر، وأقل ممارسة للرياضة، استهلكوا كحولًا أكثر لتطمين مخاوفهم، لكنهم عانوا أكثر من الاكتئاب.
وقدر الباحثون أن هذه العوامل مشتركة لا تكفي وحدها لرفع مخاطر الربو، وإلا لكان الربو انتشر أكثر بين الناس، ولهذا فقد كان العامل النفسي، الناجم عن الخوف من فقدان العمل، هو المسبب الحقيقي لتقلص القصيبات الهوائية.
الخوف من فقدان العمل لا يعني الخوف من فقدان مصدر الرزق فحسب، لأنه يهدد المرء بأمراض البطالة المعروفة التي تبدأ بالعزلة الاجتماعية وتنتهي ربما بالانتحار.
ويتحدث معهد كوخ الألماني الرسمي عن «أمراض بطالة» تمتد بين الاكتئاب والإدمان والتدخين والطلاق...إلخ. وأوضح أن الدراسة التي نشرها بوربروك في مجلة «الأوبئة والصحة العامة» لم تهتم بهذا الجانب، لأن معالجة «فوبيا» البطالة ليست من شأنها.
وبالعودة إلى الأطفال، يبدو أن العطلة الصيفية هي العطلة الحقيقية للمصابين منهم بالربو، في حين أن العودة إلى مقاعد المدارس تزيد من مخاطر الإصابة بالربو، ومن زيادة نوباته. وسبق لعدة دراسات علمية أن حذرت من عودة الموسم الدراسي على أطفال الربو، لأن هذه العودة تتزامن مع موسم الخريف حيث تزداد معاناة الأطفال عادة. والمشكلة أن التوتر في المدارس، وثقل الواجبات المنزلية، والخوف من النتائج تأثيراتها مشابهة لتأثير الخوف من فقدان العمل على الكبار.
ولهذا أوصت مجلة «الطبيب» الألماني المعلمين بضرورة الرفق بالأطفال المعانين من الربو، كما قررت وزارة التعليم زيادة مخصصات المدارس التي يكثر فيها الأطفال المصابون بالربو.
وتعزو وزارة الصحة الألمانية موت 5000 ألماني سنويًا إلى مرض الربو ومضاعفاته، وترتفع نسبة الإصابة بالمرض إلى 5% بين البالغين و10% بين الأطفال في ألمانيا. مع ذلك يعتبر الربو مرضًا بريطانيًا صرفًا بالنظر لتصدر البريطانيين قائمة أكثر دول العالم عرضة لهذا المرض.
وترتفع نسبة الذين يعانون من الربو في اسكوتلندا إلى 18,4%، وفي إنجلترا إلى 16,2% و14,7% في أستراليا. لكن النسبة تنخفض إلى 1,9% في اليونان، وإلى 1,1% في إندونيسيا.