أشار الباحث البحريني، محمد جمال، إلى أن «الحية بية» عادة تراثية شعبية توارثها الأبناء من آبائهم وأجدادهم، جراء الاحتكاك القديم للبحرينيين مع التجار من الهند، وحافظت على استمرارها حتى يومنا، بفضل تمسك أبناء البحرين بعاداتهم وتقاليدهم، واهتمام المؤسسات والجمعيات المعنية بالثقافة والتراث، كونها إحدى فعاليات الاحتفال بعيد الأضحى المبارك، فيعبر الصغار والكبار عن فرحتهم بهذا التراث السنوي، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة يوم عرفة من كل عام وحلول عيد الأضحى المبارك. وقال جمال، إنه يرجع تاريخ عادة « الحية بية» إلى زمن بعيد حينما كانت التجارة بين الهند ودول الخليج نشطة، وأدى التقارب الثقافي والفكري لتشابه بعض العادات، فوفق معتقدات الحضارة الهندية السائدة آنذاك، فقد كانوا يخافون من آلهتهم التي تنزل عليهم العذاب والدمار، وفكروا في كيفية إرضائها والتقرب إليها، واعتادوا بأن يقوموا في كل عام بجلب أجمل فتاة شابة بالقرية، ويقوموا بتجميلها وتزينها، ثم يضعونها في قارب ويرسلونها إلى البحر أو النهر لتذهب مع الأمواج إلى البعيد، وتأثر الخليجيون بهذه الأساطير فاستبدلوا الفتاة في النهر، بالحية «الحشائش الخضراء»، وهكذا انتشرت العادة التراثية، ويقال إن أصل كلمة الحية بية هي «الحجى بيجى»، وتعنى بأن الحاج سيأتي بعد انتهاء موسم الحج.
وأوضح جمال، أنه في هذا اليوم يقضي الأطفال مع أهاليهم يوماً اجتماعياً ممتعاً على ساحل البحر، وهم يرددون أنشودة «الحية البية» المشهورة، حيث يتعلم الأطفال كيفية الاهتمام بحاجاتهم الشخصية والتضحية بأعز ما لديهم من أجل أهاليهم، ويتزين الأطفال باللباس الشعبي، فتلبس الفتاة ثوب «البخنق»، المطرز بخيط الزري الذهبي، أما الولد أو الصبي فإنه يلبس «الثوب والصديري والقحفية»، وهو غطاء الرأس، ويكون الأطفال في أجمل حلة فيتوجهون مع أهاليهم قبل غروب الشمس لأقرب ساحل، ثم يبدأون احتفالهم الشعبي بالافتخار بملابسهم وبجمال «الحية المعلقة على رقابهم، ويردد الأطفال» حية بيه ويات حية على درب الحنينية» حتى آخر الأنشودة، وفى بعض القرى يردد الأطفال «ضحيتي ضحيتي حجي بي حجي بي إلى مكة إلى مكة زوري بي زوري بي واشربي من حوض زمزم زمزم « حتى آخر الأنشودة.
وحول كيفية الحصول على الحية بية، أشار جمال، إلى أنه إما أن يشتريها الأطفال من السوق جاهزة على هيئة سلة من الخوص تسمى «قفة»، وهى السلة التي يضع فيها المزارع التمر ليأكله ثم يضع الأطفال حب الشعير لينبت، وكنا في السابق نقوم بصنعها في المنزل، فيأخذ الأطفال علبة حديدية، ونقطعها من الأعلى ونثقب أسفلها بثقوب كثيرة حتى يسمح بخروج الماء عند سقيها، ويتم ملؤها بالتراب ثم يوضع بها بذر الحشيش أو الشعير، وتسقى بالماء حتى تنبت وتكبر ويتم ربطها بحبل رفيع حتى تعلق بسهوله، فنستيقظ من صباح كل يوم لنرويها وهى تكبر يوماً بعد يوم، وتستغرق هذه العملية قرابة الأسبوع حتى تنبت البذور وتكبر، ويذكر الطفل الحية بأنه قد قام بإطعامها وسقيها بالماء واهتم بها فيطلب منها ألا تدعى عليه، وأن تجعله مسروراً بيوم العيد وبعودة حجاج بيت الله الحرام، وبعد قضاء يوم ممتع يعود الأطفال مع أهاليهم لمنازلهم فرحين بعد قضاء اليوم الشعبي الجميل ليستعدوا لعيد الأضحى المبارك.
وأعرب جمال، عن تقديره لجهود الجمعيات والمؤسسات المعنية بالتراث الشعبي في حفاظها على الموروث من الاندثار، وإحياء عادة «الحية بية» لتستمر وتصل للأجيال المتعاقبة.