كتبت - نورهان طلال:
حققت المملكة العربية السعودية، نجاحاً كبيراً في موسم الحج لهذا العام، يضاف لسلسلة نجاحاتها، على مختلف المستويات الأمنية والصحية، سهل للحجاج آداء مناسكهم بسلامة وطمأنينة، بفضل الخطط السعودية، وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، بإيلاء الحجاج كل اهتمام ورعاية.
وطبقت السلطات المختصة في السعودية نظاماً جديداً للعمرة «المسار الإلكتروني للعمرة»، ساهم في الحد من حركة تسلل المعتمرين وعمل على الرصد المتواصل لحركة القدوم والمغادرة للمعتمرين ـ برنامجي الاستقبال والتفويج- وأماكن وجودهم في مكة المكرمة والمدينة المنورة بالتنسيق مع وزارات الداخلية والخارجية وشركات ومؤسسات العمرة المرخص لها والبالغ عددها 48 شركة ومؤسسة ووكلاءها الخارجيين الذين يصلون إلى 2000 وكيل خارجي في مختلف أنحاء العالم.
وعمل النظام -الذي اعتبرته جهات عدة عامل النجاح الأول لموسم الحج هذا العام- على ضبط الأعداد الهائلة ممن حاولوا التسلل ودخول مكة المكرمة دون تصريح، وكذا الحملات الوهمية.
التنظيم الداخلي
أتاح تنظيم حجاج الداخل، مناخاً أفضل لحجاج الخارج الذين أتوا من فج عميق وتحملوا النفقات والمشاق لأداء الفريضة. وعبر الحجاج عن راحتهم في تأمين دخولهم سواء بر أو جو والكشف عليهم صحيا والتأكد من سلامتهم من بداية دخولهم إلى أراضي المملكة السعودية إلى مغادرتهم سالمين.
تأمين الراحة والسلامة
من جانب آخر مثل دخول الحرس الوطني في الجوانب المختلفة للحج إضافة حقيقية لعناصر النجاح الكبير لموسم الحج، إذ يعدون ضمن المنظومة المتكاملة التي تشارك سنوياً في خدمة ضيوف الرحمن، حرصاً من المسؤولين أن تكون المشاركة شاملة في كافة الجوانب سواء الأمنية أو التوجيهية والإرشادية والإعلامية وغيرها من الخدمات التي يحتاجها حجاج بيت الله الحرام، وذلك بهدف توفير أقصى درجات الراحة لضيوف الرحمن.
ونجحت استعدادات الحرس الوطني لمهمة الحج، منذ وقت مبكر في كل عام، تنفيذاً لتوجيهات مباشرة من قبل وزير الحرس الوطني صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وتسخير كافة الإمكانات اللازمة، ونجاح الاستعداد اللازم من قبل الوحدات والإدارات المشاركة في موسم الحج هذا العام وتوفير جميع الخدمات التي يحتاجونها في مختلف الجوانب المتعددة. وسعى الحرس الوطني إلى تقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن وقوفاً مع المسؤولين على مستوى الخدمات قبل انطلاقة الموسم وأثناء أداء الفريضة.
ويشكل الجانب الأمني من أهم المهام أو الواجبات التي يقوم بها الحرس الوطني في مهمة الحج، حيث نجاح تأمين مناسك الحج يُعد من أكبر الخطوات البارزة للحرس الوطني في حفظ الأمن داخل المشاعر المقدسة وتتأهب هذه القوات سواء في مواقعها الرئيسية أو في مناطق المشاعر المقدسة للقيام بالأعمال الموكلة لها على أكمل وجه حسب أوامر خطط العمليات التي تصدر كل عام لمهمة الحج، فيتم تنظيم حشود الحجاج وتسهيل تفويجهم ووصولهم إلى رمي الجمرات، بالإضافة إلى منع الافتراش ومراقبة منطقة الجمرات للحفاظ على الأمن والإبلاغ عن أي ملاحظة والتعامل معها حسب ما يقتضيه الموقف، وكذلك بعض مهام الحراسة والمراقبة وتنظيم تفويج الحجاج على أبواب الحرم المكي الشريف وسلالمه الكهربائية وفي أدواره المتعددة.
وتقوم وحدات الحرس الوطني بحراسة بعض المنشآت الحيوية كمقر وزارة الثقافة والإعلام بمشعر منى، فضلاً عن تأهب بقية الوحدات واستعدادها لتلبية نداء الواجب في حال طلبها، وترتبط هذه القوات ارتباطاً مباشراً مع قوات الأمن المعنية بمهام الحجيج، بالإضافة إلى الوحدات المساندة والأفواج المشاركة في مهمة الحج، والتي تعمل في إطار منظومة متكاملة من التنسيق الجيد والاتصال الفعال فيما بينها وصولا إلى تحقيق الهدف المنشود وهو الحفاظ على الأمن والأمان وتهيئة الأجواء المناسبة للحجاج لتأدية مناسكهم في يسر وسهولة.
حرصت المملكة السعودية في المقام الأول على توفير الخدمات الأساسية والمهمة التي يحتاجها ضيوف الرحمن في كل عام. ونحجت استعدادات الحرس الوطني المبكرة من خلال تجهيز مواقعها الطبية في المشاعر المقدسة من تجهيز مستشفى منى الميداني الذي بني من مادة الفيبرجلاس المقاومة للحرائق والعازلة للحرارة والتي تتناسب مع الظروف المناخية بالمشاعر المقدسة، والمستشفى مجهز بأحدث الأجهزة الطبية وكافة المستلزمات السريرية ويعمل على مدار الأربع وعشرين ساعة، ويتكون من قسمين للتنويم أحدهما للرجال وآخر للنساء. كما يشتمل على العديد من العيادات التخصصية والخدمات المساندة بالإضافة إلى غرفة عمليات جراحية صغرى متكاملة، إضافة إلى الخدمات المساندة للمستشفى التي تضم مختبراً متكاملاً للتحاليل الطبية، كما توجد عيادات في مخيم عرفة لتقديم الخدمات الطبية لحجاج بيت الله الحرام.
وكالعادة تنجح التنسيقات المتواصلة مع كافة الجهات والأجهزة ذات العلاقة، وبما أن مجال الخدمات الطبية هو العامل المشترك بين الشؤون الصحية للحرس الوطني والقطاعات الصحية الحكومية الأخرى (وزارة الصحة، وزارة الداخلية، وزارة الدفاع)، وذلك لتقديم أفضل الخدمات الصحية، خاصة في برنامج الإخلاء الطبي بالمشاعر المقدسة الذي تشارك فيه الشؤون الصحية باثنتي عشرة فرقة للإخلاء الطبي، والتنسيق بشأن توفير الأدوية والمستلزمات الطبية الأخرى علاوة على استقبال الحالات المنقولة من قبل القطاعات الأخرى والمحتاجين للتنويم، والتأكد من جاهزية كل جهة لاستقبال أي حالة طارئة، وكذلك التنسيق المستمر مع الدفاع المدني لنقل جميع الحالات التي تتطلب التدخل السريع لنقل المرضى بالطيران العمودي إلى مدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالحرس الوطني.
ونجح التنسيق مع بعثات الحج الطبية بالمشاعر المقدسة من خلال زياراتهم إلى موقع مستشفى منى الميداني التابع للشؤون الصحية بالحرس الوطني وتم تجهيز مواقع صحية متكاملة بطريقة مميزة وناجحة لتقديم الخدمات الطبية بكل من عرفات ومزدلفة بعربات تستخدم كمستشفى للطوارئ تستوعب عدداً من المرضى، إضافة إلى العيادات الخارجية، وكذلك تم تخصيص منطقة لعزل الحالات الوبائية منفصلة تماماً عن مستشفى منى التابع للحرس الوطني وتضم هذه المنطقة جميع التجهيزات والإمكانيات الطبية التي تمكن بإذن الله من السيطرة على مثل تلك الحالات في أسرع وقت.
وتميز موسم الحج بوجود تقنية حديثة متقدمة لتوفير خدمة الاتصال الطبي المرئي، فتم ربط مستشفى منى الميداني التابع للشؤون الصحية بالحرس الوطني بالمشاعر المقدسة بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالحرس الوطني بجدة وذلك لاستخدام هذه التقنية للاستشارات الطبية من قبل الاستشاريين والمختصين للحالات المرضية الطارئة ولتوفير خدمات طبية متقدمة،إضافة إلى توفير خطوط رقمية مباشرة لتسجيل المعلومات الطبية بينهما، وكذلك استخدام نظامي الخدمات الصيدلانية والمختبر لتشغيل نظم المعلومات الطبية والتي تقدمها الشؤون الصحية بالحرس الوطني عبر مستشفى منى الميداني والمراكز الطبية التابعة لها بالمشاعر المقدسة.
دُعاة لإرشاد الحجاج
استضاف جهاز الإرشاد والتوجيه هذا الموسم عدداً من كبار العلماء والدعاة ليقوموا بإرشاد الحجاج والإجابة على استفساراتهم وما يواجههم من مشكلات أثناء تأدية مناسكهم كما قام أيضا بتوعية الحجاج وإرشادهم ليؤدوا مناسكهم بالشكل الصحيح سواء كان ذلك عن طريق اللوحات الإرشادية أو عبر الشاشات الإلكترونية أو البرامج والمسابقات الثقافية أو عن طريق رسائل الجوال، أو عبر بث الرسائل التوعوية (البلوتوث) وتمت كل هذه الأمور عبر إعداد مبكر واستعدادات ولجان متخصصة تقوم بالإشراف والمتابعة لإنجاز تلك الأمور بنجاح باهر، كما يولي الجهاز المرأة عناية خاصة من خلال استضافة عدد من الداعيات ليتولين دعوة وإرشاد النساء في جو تراعى فيه الخصوصية وضمن عدد من البرامج الإرشادية المتنوعة الخاصة بهن. وقد نجح في مشاركته مع بقية الإدارات والوحدات المعنية بمهمة الحج مُقدما الكثير من الخدمات الإرشادية والدينية، وسخر جهاز الإرشاد والتوجيه لهذا الأمر كل الوسائل الممكنة سواء كان بالسؤال المباشر عن طريق مراكز الإفتاء المعدة لهذا الغرض أو عن طريق الاتصال عبر أرقام ثابتة أو متنقلة (الجوال)، وقام مرشدو الجهاز بالوعظ والإرشاد لمنسوبي وزارة الحرس الوطني وضيوفهم، ومن الخدمات الناجحة التي قدمها الجهاز وبعناية خاصة اختيار عدد من الكتب والمطبوعات الملائمة لهذه المناسبة العظيمة، وتتم طباعة قرابة نصف مليون مطبوعة منوعة توزع في الحج.
وتم رصد جهود كبيرة من أجل تقديم خدمات إعلامية وتوجيهية للحجاج، من ضمنها الجهود الإعلامية التي قام بها المركز من إعداد رسالة الحرس الوطني اليومية طوال فترة الحج والتي تستعرض نشاطات وجهود الحرس الوطني في خدمة ضيوف الرحمن يومية وبثها عبر تلفزيون المملكة العربية السعودية (القناة الأولى)، وإعداد تقارير صحفية تلفزيونية عن جهود ومساهمات الحرس الوطني في موسم الحج، بالإضافة إلى إعداد التقارير والأخبار الصحفية وتزويد وسائل الإعلام المختلفة بها وتسهيل مهمة الصحفيين في الحصول على كل المعلومات اللازمة.
التصدي للحملات الوهمية
من أكبر الخطوات التطويرية التي اتخذتها وزارة الحج محاربة حملات الحج الوهمية وإلزام شركات ومؤسسات حجاج الداخل بدليل الإجراءات التنظيمية الذي يؤكد على ضرورة الالتزام بأن تحتوي جميع إعلانات الشركات والمؤسسات التسويقية بالصحف المحلية أو المواقع الإلكترونية واللوحات التعريفية والمطويات على اسم الشركة أو المؤسسة بخط واضح حسب السجلّ التجاري ورقم ترخيص الخدمة الصادر من وزارة الحج وفئة المخيم بمشعر منى ورقمه وطاقته الاستيعابية والذي حد بشكل بشكل كبير من هذه الحملات الوهمية التي أساءت للكثير من الشركات الجادة والملتزمة، كما أن جدية وزارة الحج في المتابعة من خلال الحملات التي تنفذها والجولات الميدانية سوف يضع حدًا لمثل هذه الحملات الوهمية.
ومن جملة التطورات التي أحدثتها وزارة الحج اللائحة التنظيمية لمنع غير السعوديين من التعامل في مجال إسكان الحجاج والمعتمرين والزوار مما أسهم في تنظيم إسكان الحجاج والتي كانت مطلبًا ملحًا لكافة العاملين في مجال الحج بسبب ما أحدثه غياب التنظيم من سيطرة شركات الحج الأجنبية على سوق الإسكان و ابتزاز الحجاج وأصحاب العمائر على السواء مما أضرَّ كثيراً بالاستثمار في مجال الإسكان خلال الفترة الماضية.
خطط الطوارئ الأمنية
ونجحت تحذيرات قوات الدفاع المدني المشاركة في تنفيذ الخطة العامة لمواجهة الطوارئ في موسم الحج من خطورة محاولات بعض الحجاج الصعود إلى جبل الرحمة خلال وقوفهم بعرفة، أو التزاحم في المنطقة المحيطة به لما قد يترتب على ذلك من حوادث السقوط أو الانهيارات الصخرية. فتزاحم الحجاج في منطقة جبل الرحمة ومحاولات بعضهم تسلق الصخور في طريق الصعود إليه يمثل أحد أبرز المخاطر التي يتم العمل على تلافيها في يوم عرفة ، وذلك بالتعاون مع وحدات من الأمن العام والهلال الأحمر، وعدد من الجهات الأخرى المشاركة في تنفيذ أعمال الدفاع المدني في حج هذا العام.
وعليه تم نجاح الالتزام بتعليمات رجال الدفاع المدني وتوجيهاتهم بعدم الصعود إلى المناطق المرتفعة بالمشعر ومنها جبل الرحمة، وتجنب الزحام في محيط مسجد نمرة قدر الإمكان، وإفساح المجال أمام آليات الدفاع المدني لمباشرة مهامها من أجل سلامة الحجيج، وتم تكثيف تواجد وحدات الدفاع المدني في جميع المواقع التي تمثل خطراً على سلامة الحجاج واتخاذ جميع الاستعدادات للتعامل مع أي حالات إصابة قد تحدث نتيجة للزحام أو التدافع.