جاءت الدعوة الملكية السامية للمواطنين للمشاركة في الانتخابات النيابية والبلدية المقررة يوم 22 نوفمبر المقبل، لتؤكد أن البحرين وقيادتها الرشيدة تضع دائماً وأبداً مواطنيها وتطلعاتهم نصب عينيها وفي بؤرة اهتمامها، ليسهموا في العرس الديمقراطي الذي تشهده البلاد للمرة الرابعة في ظل المشروع الإصلاحي لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى.
وتكتسب الانتخابات المرتقبة أهميتها من عدة أمور، لعل أهمها استمرارية العملية الانتخابية في المملكة ومواصلة العمل بها كآلية أساسية للمشاركة السياسية، والمعروف هنا أن الانتخابات والمشاركة فيها أحد أهم المكونات الرئيسة لديمقراطية البحرين، إذ يشارك الشعب في انتخاب ممثلين له في المجالس النيابية على المستوى الوطني العام والمجالس البلدية أو المحلية، ما يعد ترجمة حقيقية لمفهوم التمثيل الشعبي من ناحية، وقاعدة لتحويل أصوات الناخبين لأدوات سياسية فاعلة بإمكانها المراقبة والمحاسبة لعمل الأجهزة التنفيذية عبر المقاعد البرلمانية من ناحية أخرى.
وتجري الاستعدادات للانتخابات المرتقبة على قدم وساق، لتدعم وتكرس أهم حقوق المواطن البحريني، وهو حق الانتخاب والترشح، باعتباره من أهم مقومات خصوصية الديمقراطية البحرينية حديثة النشأة، والمتطورة بخطوات متسارعة نحو المستقبل، حيث وصفها البعض أنها تعكس في أهميتها وسرعة حدوثها قفزة ديمقراطية كبيرة ونقلة جوهرية في تطبيق المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، في إشارة إلى سلسلة خطوات اتخذت طوال السنوات السابقة نحو مزيد من المشاركة الشعبية للمواطنين، والاستجابة لرغباتهم وتطلعاتهم، وتأكيد التعاون بين الحكومة كجهاز تنفيذي من جهة والسلطة التشريعية ممثلة في نواب الشعب من جهة أخرى.
وبجانب استمرارية العملية الانتخابية، وتأكيد حق المواطن البحريني في الانتخاب والترشح، هناك عامل آخر يزيد من أهمية الانتخابات النيابية والبلدية المقبلة، ألا وهو استكمال المسيرة الديمقراطية ودعمها لتواصل السير في طريقها نحو غد أفضل للبحرين، لأن الانتخابات تعد حدثاً مهماً من الأحداث الوطنية، تفرض على الجميع المشاركة فيها والوقوف الشعبي صفاً واحداً ورائها لدعم واستكمال مسيرة المشروع الإصلاحي لقائد النهضة وربان السفينة جلالة الملك المفدى، كي تستطيع المملكة الانطلاق من أرضية ثابتة نحو مرحلة جديدة من الديمقراطية والتنمية ومن أجل مستقبل الوطن والأجيال المقبل.
وفي الحقيقة أن هذه النقطة الأخيرة تستوجب حديثاً مستفيضاً عن دواعي ومبررات وأهمية المشاركة الشعبية لجموع المواطنين في العملية الانتخابية المقبلة، ومن بينها أن مجرد المشاركة في ذاتها لا تمثل فحسب واجباً وطنياً واستحقاقاً دستورياً يتطلب مشاركة الجميع، مثلما أُشير إلى ذلك سلفاً، ولا لأن المواطن يدرك أهمية دوره والتزامه تجاه العملية الانتخابية، ولا لأنه يعرف كيف يختار المترشح صاحب البرنامج الانتخابي الأجدى له، ويحدد أولوياته وفقاً لطموحاته ورؤيته الخاصة، وإنما لأن المشاركة برهان ساطع يؤكد على الالتزام والإيمان بالنهج الديمقراطي كأسلوب لحل المشكلات الطارئة على أية تجربة ديمقراطية وليدة، تعيش وسط بحر متلاطم من التحديات والتهديدات، ودليلاً على حرص القيادة الرشيدة على إتاحة المجال للمشاركة الشعبية في صنع القرار.
وتعني المشاركة في الانتخابات أن المواطن يشارك في الشأن العام بشكل حقيقي وكممارسة فعلية على أرض الواقع، وليس من قبيل الأمنيات والآمال، إذ تتيح له دورية الانتخابات والمشاركة الحقيقية فيها حرية التعبير في اختيار من يمثله أو من ينوب عنه في التعبير عن مصالحه والدفاع عنها، وتبين قدرته على ممارسة دوره الفعال في عملية الإصلاح والتغيير، فالمواطن شريك ومسؤول عن إدارة المجتمع وحفظ مصالحه كل في مجاله وموقعه.
وأكد جلالة الملك المفدى على هذه المعاني، ودور الشعب الكبير في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ الوطن، إذ أكد جلالته أن شعب البحرين له دور كبير في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ البلاد، وأنه على ثقة تامة بوعي الشعب بدءاً من ميثاق العمل الوطني الذي نتج عن توافق وطني شامل، ثم حوار التوافق الوطني في 2011.
ولعل إيمان القيادة الرشيدة بوعي ودور وأهمية المشاركة الانتخابية لجموع المواطنين في الانتخابات المقبلة، يعكس إيمانها الكبير بجدوى وقيمة ومحورية كل التطورات التي شهدتها البلاد في الفترة السابقة، وتدعم مباشرة المشروع الإصلاحي للعاهل المفدى، وتصب بدورها في اتجاه تعزيز المشاركة الشعبية، وتمثل خطوة إضافية تتلوها خطوات في طريق تعزيز عملية التطور الديمقراطي برمتها في المملكة، خاصة بعد أن صدرت المراسيم الملكية الأخيرة بتعديل المحافظات والدوائر الانتخابية ليكون هناك توازن أكبر في التمثيل الشعبي في البرلمان المقبل، وهي مراسيم جاءت استجابة لمخرجات حوار التوافق الوطني في شقه السياسي.
وجاءت المراسيم الأخيرة نتيجة طبيعية للنمو والتطور الذي يشهده المجتمع لجهة ضمان المشاركة السياسية، وقدرة أكبر للمجالس البلدية في تقديم الخدمات لمناطقها، وتعزيز دور السلطة التشريعية وعدم تعطيل أعمالها والإقرار بالآليات الدستورية والقانونية القائمة باعتبارها القنوات الأساسية لتمرير أية مرئيات حول تعزيز عملية الإصلاح.
ويتوقع كثير من المراقبين أن تكون التطورات الأخيرة السابق ذكرها محفزاً للمشاركة بكثافة في الانتخابات المقبلة، خاصة أنها حظيت بدعم قوي من ممثلي العائلات البحرينية ووجهاء المجتمع، ممن دعوا خلال لقائهم مع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد النائب الأول لرئيس الوزراء، كافة المواطنين إلى ممارسة حقهم الدستوري في الترشح والانتخاب من أجل الوطن ورفعته.
ويفرض ذلك أمرين أولهما أن الواجب الوطني يستدعي من كل مواطن بحريني، رجلاً كان أم امرأة، اختيار الكفاءات المناسبة لتمثيله في السلطة التشريعية، عبر المشاركة الشعبية الواسعة في الانتخابات المقبلة، ثانيهما ضرورة العمل بكل جهد لتعزيز دور السلطة التشريعية والتمثيل الشعبي المتوازن تحت قبة البرلمان القادم، باعتباره السياج الحامي للتجربة الديمقراطية البحرينية.