يخوض مقاتلو «وحدات حماية الشعب» الأكراد معارك ضارية مع تنظيم «داعش» الذين يشن منذ أكثر من ثلاثة أسابيع هجوماً على مدينة عين العرب السورية «كوباني بالكردية» المحاذية لتركيا، بهدف السيطرة عليها.
- ما هي «وحدات حماية الشعب»؟
تنشط «وحدات حماية الشعب» في المناطق التي تسكنها غالبية من الأكراد في سوريا، وتحديداً في شمال وشمال شرق هذا البلد الذي يمزقه نزاع دام منذ اكثر من ثلاثة أعوام. وينظر إليها على أنها الفرع العسكري لحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي النافذ.
ويقول المحلل في مؤسسة جيمستاون الأمريكية فلاديمير فان فيلغينبورغ إن «وحدات حماية الشعب» تأسست على الأرجح في العام 2004 بعد التظاهرات الكردية المعارضة للحكومة السورية.
إلا أنه لم يتم الإعلان عنها حتى يوليو 2012 حين جرى كشف شعارها علنا، بعد أكثر من سنة على بدء النزاع السوري. وتزامن هذه الإعلان مع انسحاب القوات الحكومية السورية من الجزء الأكبر من المناطق الكردية، وتحول «وحدات حماية الشعب» بحكم الأمر الواقع الى جيش هذه المناطق في محافظات الحسكة والرقة وحلب.
ويسير مقاتلو «وحدات حماية الشعب» دوريات على حدود المناطق الكردية ويشرفون على العديد من حواجز التفتيش، وقد أدوا دوراً رئيساً في القتال ضد تنظيم «داعش» الجهادي المتطرف في سوريا.
- من يدعمها؟
يقول خبراء وحكومات إقليمية بينها الحكومة التركية إن حزب الاتحاد الديموقراطي ومجموعة «وحدات حماية الشعب» يرتبطان بحزب العمال الكردستاني الانفصالي الذي يخوض نزاعاً دامياً منذ عقود مع أنقرة بهدف الحصول على الحكم الذاتي.
لكن حزب الاتحاد الاديموقراطي وجناحه العسكري ينفيان وجود أي ارتباط مباشرة مع حزب العمال الكردستاني الذي يصنف في تركيا ومعظم الدول الغربية على أنه «تنظيم إرهابي».
لكنهما يقران بوجود تقارب عقائدي مع حزب العمال الذي يحظى زعيمه المسجون في تركيا عبدالله اوجلان بشعبية كبيرة في المناطق الكردية السورية.
وتقول ماريا فنتاباي، الخبيرة في الشؤون العراقية والكردية في مجموعة الأزمات الدولية، إن «معظم قادة وحدات حماية الشعب، ورغم أنهم يحملون الجنسية السورية، تدربوا في مخيمات حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل في شمال العراق».
ويذهب فان ويلغينبورغ أبعد من ذلك، مشيراً إلى أن هذه الجماعة الكردية تمثل «الجناح المسلح لحزب العمال الكردستاني في سوريا».
وتتعامل تركيا أيضاً مع «وحدات حماية الشعب» على أنها فرع من فروع حزب العمال الكردستاني، وترى في محاولات الأكراد فرض حكم ذاتي في المناطق الكردية في سوريا «خطوات خطيرة».
- ما هي ارتباطاتها بالنظام في سوريا وبالمعارضين له؟
قاد انسحاب القوات السورية من المناطق الكردية في سوريا منتصف العام 2012 إلى اتهام حزب الاتحاد الديموقراطي و«وحدات حماية الشعب» بالتعاون مع نظام الرئيس بشار الأسد.
وسيطر نتيجة ذلك التوتر على العلاقات بين المقاتلين الأكراد والمعارضة السورية، خصوصا بعد رفض هؤلاء المسلحين السماح للمعارضين للنظام بمحاربته من المناطق الكردية.
غير أن خبراء يرون أن العلاقة مع النظام لم تصل إلى مستوى التحالف، بل إنها تعكس تفاهماً استراتيجياً أو مجرد التقاء مصالح أبعد القوات الحكومية عن فتح جبهة جديدة وسمح للأكراد بالتركيز على تحقيق حكم ذاتي.
وخاض المقاتلون الأكراد معارك ضد النظام إلى جانب المعارضين في أماكن محددة. لكن المعارضين ينظرون بشكل عام إلى الأكراد بريبة، ويتهمونهم بوضع رهانهم على السعي لتحقيق حكم ذاتي فوق مسالة العمل على الإطاحة بالنظام.
- ما مدى قوتها؟
ذكرت «مجموعة الأزمات الدولية» «مركز أبحاث» في بداية العام أن «وحدات حماية الشعب» تدفع رواتب شهرية تبلغ نحو 150 دولاراً لما بين 25 و30 ألف مقاتل، علماً أن خبراء آخرين يقرون بعدم وجود إحصاءات رسمية حول إعداد هؤلاء المقاتلين.
وأوضح تقرير «مجموعة الأزمات الدولية» أن المقاتلين يتلقون ثلاثة اشهر من التدريبات في واحد من تسع أكاديميات عسكرية تتوزع على المناطق الكردية الثلاث في سوريا.
ويقاتل في هذه الجماعة الرجال والنساء. ورغم أن الوحدات تضم بشكل رئيسي عناصر مدربة، إلا أنها استقطبت أيضاً عائلات بأكملها يقاتل أفرادها جنباً إلى جنب في مدينة عين العرب.
ويقول فان ويلغينبورغ إن «وزراء الدفاع» في المناطق الكردية السورية الثلاث، كوباني «عين العرب» والجزيرة «الحسكة» وعفرين «في حلب»، يقودون قوات «وحدات حماية الشعب» من مناطقهم.
ويشير عناصر «وحدات حماية الشعب» في مدينة عين العرب إلى أنهم يملكون أسلحة خفيفة فقط، ويقاتلون بشراسة في مواجهة الأسلحة الثقيلة التي يستخدمها تنظيم «داعش» وبعض مصادرها القواعد العسكرية التي اقتحمها في العراق وسوريا.
ويعتقد أن جماعة «وحدات حماية الشعب» تمتلك بعض الأسلحة الثقيلة والدبابات التي غنمتها من مجموعات مسلحة أخرى أو من قوات النظام في سوريا.
أما بالنسبة إلى مصادر التمويل، فيؤكد خبراء أن المجموعة تعتمد على الضرائب التي تجبيها في المناطق الكردية وعلى دعم حزب العمال الكردستاني الذي يحظى بمساندة شبكة من الممولين في أوروبا وتركيا والجالية الكردية في مناطق أخرى في العالم.
«رويترز»