براوة (الصومال) - رويترز»: يقول دبلوماسيون صوماليون وغربيون وقادة عسكريون إن الهجمات العسكريةالتي طردت متمردي حركة الشباب من ميناء صومالي استراتيجي هذاالأسبوع وقتلت قائدهم الشهر الماضي وجهت ضربة قاسية لهم لكن من السابق لأوانه إعلان النصر عليهم.
واحتفل بعض صغار السن في براوة بطرد حركة الشباب من المدينة بأن لعبوا كرة القدم في الشارع للمرة الأولى منذ ست سنوات. وكانت هذه المباريات أحد أنشطة كثيرة حظرتها الحركة الإسلامية المتشددة منها مضغ القات ومشاهدة القنوات الفضائية التلفزيونية.
لكن ظلال حركة الشباب حتى بعد هزيمتها بأيدي قوات حفظ السلام الأفريقية وقوات الجيش الصومالي لا تزال تخيم على السكان الذينيعرفون جميعاً قدرة الحركة على الذوبان ثم العودة غبر غارات مدمرة كغارات حرب العصابات.
قالت حليمة عثمان وهي ترفض بيع مشروباتها للقوات الحكومية التي انتشرت في شوارع براوة «الشباب هددونا في اليوم الذي تركوا فيه المدينة... إذا اشتريتم الشاي مني فسيقطع مقاتلو الشباب رأسي أويقتلوني فور أن ترحلوا».
كانت براوة وهي ممر للسلاح ومصدر للدخل من تهريب الفحم آخرمعقل ساحلي كبير للشباب. وكانت خسارتها يوم الأحد الأحدث في سلسلةمن الهزائم في منطقة تمركزهم الأساسية وهي جنوب ووسط البلاد. وتزيد الهزيمة في براوة التحدي الذي تواجهه الحركة التي قتل قائدها أحمد جودان -الذي اتسم بالقسوة كما تمتع بشخصية كاريزمية-في ضربة صاروخية أمريكية في سبتمبر أيلول. وخليفته أحمد عمر الذي يرجع صعوده لولائه لجودان أكثر من كونهيتمتع بقاعدة نفوذ يتحتم عليه أن يعزز قيادته في الوقت الذي يتقهقرفيه المقاتلون. لكن الحركة التي وصلت إلى السلطة في الصومال عام 2006 بقيت قوة فاعلة بعد طرها من مقديشو في 2011 وليس مرجحا أن يكون من شأن النكسات الأخيرة لها وقف حملتها التي شملت مهاجمة القصر الرئاسي واغتيال مسؤولين ونصب كمائن لقوات الاتحاد الأفريقي المدعومة منالغرب.
وتشعر الدول الغربية والدول الأفريقية المجاورة للصومال بالقلقمن أنه ما دامت الحركة قادرة على السيطرة حتى على مراكز صغيرة أومناطق في الريف فإنها ستهدد تعافي الصومال التدريجي من حرب استمرتنحو 20 عاما.
وتخشى هذه الدول من إمكانية أن تبقى الحركة قادرة على استخدامالأراضي التي تسيطر عليها في نشر الأفكار الجهادية خارج حدود الصومال.
قال عبد القادر محمد سيدي حاكم منطقة شبلي السفلى جنوبي العاصمة متحدثاً من براوة «الشباب ضعفت بعد موت جودان واستعادة براوة». لكنه قال أيضاً إنها لا تزال تملك قوة كبيرة مسلحة جيداومقاتلين لديهم خبرة يستعملون سيارات نصبت عليها مدافع مضادةللطائرات وأسلحة أخرى. وأضاف «هناك أحراج كثيفة في هذه المناطقويعتزم الشباب خوض حرب عصابات هنا».
الانتحاريون الـــذن يستخدمــــــون السيـــارات والمقاتلون المستعدون لاقتحام المباني الحكومية وهم يطلقون النار يتسببون في إبقاء سكان مقديشو في حالة هلع. وفي الخارج أثبت الشباب قدرة إقليمية بالهجوم الذي شنوه على مركز تجاري في نيروبي العام الماضي وخلف 67 قتيلا كما شنوا هجمات أخرى قاتلة في كينيا منذ ذلك الوقت. وقال أحد الدبلوماسيين «الشباب منظمة مرنة جداً. أعادت بناء نفسها مرات كثيرة وتغلبت على التغييرات في القيادة وبالتالي سيكون من الخطأ التقليل من شأن الشباب».
وفضلا عن ضربها مقديشو قطعت الشباب طرق الإمداد إلى البلداتالتي أعيدت للحكومة بهجوم هذا العام الذي شنته قوات الاتحادالأفريقي (أميسوم) الممولة غربياً والجيش الصومالي الذي يتحول تدريجياً من ميليشيات ممزقة إلى قوة وطنية.
لكن المعدات الحديثة والتمويل الأجنبي ليس دائماً طريق النصر. ويقول حسين نور وهو محاضر جامعي في الحكم والقيادة بمقديشو»الدبابات لم تصنع للقتال في الأحراج».
بعض المناطق السكانية صارت «مدن أشباح» بعد استعادتها في الوقت الذي أوقف فيه الشباب قافلات المساعدات من الوصول إليها وهو ما أجبر السكان على الفرار بحثاً عن الطعام. وهذا قوض وعد الحكومةللناس بحياة أفضل.
وقال الميجور كليمنت سيمانا المتحدث باسم قوات بوروندي فيأميسوم «الصوماليون الجياع يمكن أن ينضموا إلى الشباب إذا لمساعدهم أميسوم والحكومة سريعا». وأشار إلى أن وصول الإمدادات إلىالبلدات بطرق مخربة وخطيرة يمثل تحديا. وقال «سيطول الوقت حتى عقد مصالحة مع الشباب للوصول إلىالسلام. الحل العسكري قد لا يكون الحل الوحيد».
استغلت الحكومة نكسات الشباب واصدرت عفوا مدته 45 يوما فيسبتمــــبر أيلول لأعضاء الحركة بعد مقتل جودان وحثت من خلالهالمقاتلين على تسليم أنفسهم وكان مقصدها أن يأتي إليها القادة منالصف الأول والثاني فــي الحركــــة.