كتب - حسن عبدالنبي:
نفى اقتصاديون أن يكون السبب الرئيس وراء العجز الحاصل بالميزانية العامة للمملكة من المعايير الجديدة لعلاوة الغلاء، مشيرين إلى أنها لا تشكل جزء كبير من الميزانية، موضحين أن هدر المال العام والدعم الشامل يعتبران من أبرز أسباب العجز.
وكانت دراسة مقارنة أجرتها «الوطن» بين النسخة الحكومية الأولى للميزانية العامة للدولة، والنسخة المتوافق على تعديلها أخيراً بين الشورى والحكومة، كشفت أن المبالغ الإضافية التي ضختها الحكومة بالموازنة رفعت العجز 1.74 مليار دينار، بعد أن كان في المشروع الحكومي 1.4 مليار، ما يعني زيادة العجز 332.7 مليون دينار. وأجمع الاقتصاديون على أن السبب الذي بحاجة إلى معالجة، يتمثل في هدر المال دون عوائد والدعم الشمولي الذي تقدمه المملكة للجميع من مواطنين وتجار وأجانب وغيرهم، مشددين على أهمية معالجة هذه المشكلة ليصل الدعم للمواطنين المستحقين فقط.
وأكد الخبير الاقتصادي د.أكبر جعفري، أن عجز الميزانية مجرد عجز دفتري وليس حقيقي، وهذا ما أثبتته الموازنات السابقة للبحرين، ففي العام 2012 سجل العجز الدفتري 1.074 مليار دينار، فيما بلغ العجز الحقيقي 226 مليون دينار.
ونفى جعفري أن يكون السبب الرئيس لعجز الميزانية، يتعلق بالمعاير والمبالغ الجديدة لعلاوة الغلاء، كونها تحسن من معيشة المواطن، بل ويصرفها في المملكة، وإنما الهدر الذي يقدر بـ 35% من ميزانية المملكة، والذي يذهب إلى مصاريف ليس لها مردود إيجابي على البحرين.
وأوضح أن أسباب العجز الحقيقية، تكمن في الدعم الشمولي المتمثل في السلع الغذائية، والذي يستفيد منها المحتاج وغير المحتاج، مؤكداً أهمية إعادة هندسة الدعم لإيصاله لمستحقيه الحقيقين من المواطنين.
وقال: «ليس من العدل أن تحقق المطاعم والفنادق وغيرها من المنشآت التجارية مكاسب وأرباح طائلة من برنامج هو في الحقيقة لدعم المواطن».
وأفاد بأن أرقام الدعم الشمولي الذي تقدمه المملكة في المواد الغذائية والبترول ومشتقاته والكهرباء والماء تقارب أرقام العجز الحاصل في الميزانية، داعياً الحكومة في أن تفكر جدياً في إعادة توزيع الدعم.
وعاد جعفري ليؤكد أن ميزانية البحرين محافظة، ما ساهم في الحفاظ على قوة البحرين مالياً على مدى الأعوام السابقة، وذلك على اعتبار أن الميزانية تحسب على سعر برميل النفط 90 دولاراً، فيما لم يقل سعر برميل النفط خلال العام الحالي عن 100 دولار.
ودعا الحكومة إلى الإسراع بتقديم الميزانية المقبلة، لأن تأخيرها في مجلس النواب يؤثر سلباً على الاقتصاد، وتتسبب في تعطيل المشاريع الحيوية وأعمال البنية التحتية التي لم يتم تطويرها بحسب الخطة الموضوعة.
من جهته، أكد رئيس مجلس إدارة بنك البحرين الإسلامي، خالد البسام أن المعايير الجديدة لعلاوة الغلاء ليست سبباً، وإنما الدعم الشمولي الذي تقدمه المملكة بالنسبة للسلع الغذائية والسلع المدعومة كالبترول والكهرباء والماء، والتي يتساوى فيها المواطن والأجنبي والمحتاج وغير المحتاج.
ولفت البسام إلى أن هذه الطريقة في التوزيع غير عادلة وغير صحية للاقتصاد المحلي، خصوصاً أنه يثقل على المملكة من حيث الديون وطريقة ومدة تسديدها.
وأكد على أهمية الصرف على المشاريع الحيوية كالمدارس والمستشفيات والطرق والجسور وتوسيع وتطوير شبكة الكهرباء من أجل جعل المملكة في وضع يستقطب السياحة والاستثمارات، الأمر الذي يؤدي خلق فرص عمل.
إلى ذلك، اتفق الرئيس التنفيذي لشركة «غلف إنفستمنت» للأوراق المالية، أسامة معين، مع سابقيه، بخصوص أن علاوة الغلاء لا تشكل رقم كبير في الميزانية، وأنها ليست سبباً في العجز، وإنما العجز يكمن في استمرار البحرين في دعم السلع المفتوح سواء الغذائية أو الاستهلاكية.
ودعا معين الحكومة لتنمية المشاريع الاقتصادية ودعمها، لتحصل على مردود اقتصادية يمكنها من سد العجز الحاصل بالميزانية، لافتاً إلى أن العجز جداً قليل.