كتب- حسن الستري
شهدت جلسة مجلس الشورى أمس، نقاشات مستفيضة حول مشروع الموازنة العامة للدولة للسنتين الماليتين 2013- 2014، إذ أكد الأعضاء في مداخلاتهم أهمية تمرير الموازنة، وأنها لم تعد تحتمل التأخير بعد مضي ستة اشهر من السنة المالية الحالية، الأمر الذي يؤثر سلباً على حركة المشاريع.
وحول مطالب نيابية بزيادة رواتب القطاع العام 15% ذهب الشوريون إلى أن «موظفي القطاع الخاص أكثر من موظفي القطاع العام، الأمر الذي يتعذر معه زيادة موظفي القطاع العام دون الخاص»، قبل أن يثيروا في مداخلتهم قضايا «ارتفاع الدين العام على المملكة وارتفاع المصروفات المتكررة في الموازنة، وطالب أعضاء الحكومة بمراقبة الأسعار».
وقال العضو عبدالجليل العويناتي إن المنعطف التاريخي الذي تمر به المملكة جعل الجلسة تاريخية، إذ تكتسب أهميتها لأنها تحمل تدشين الموازنة من أجل الانتقال بالمملكة لمواقع النهضة، مثمناً التشريع في عدالة محايدة، من أجل دعم المتقاعدين، فيما اعتبر العضو أحمد بهزاد أنه «منذ رفض مجلس النواب للموازنة، راودتني أسئلة عن مصير هموم المواطن، بغض النظر عن صواب الرفض من عدمه، ونقر بان اللجنة حققت منجزات إيجابية، أهمها رفع مبالغ دعم المتقاعدين وعلاوة الغلاء كان من الممكن أن نخسرها لو رفضنا المشروع، كما أن التأخير الحق ضرراً بالمشاريع والحركة التجارية، كنا نتمنى تجنب التأخير، ولكن زيادة 210 مليون للعامين الماليين لعلاوة الغلاء أمر جيد».
وتابع «يلاحظ أن المصروفات المتكررة في ارتفاع مستمر، يقابله انخفاض في الإيرادات، وهو ما أدى إلى أن يبلغ عجز الموازنة أكثر من مليار ونصف، لذا نطالب وزارة المالية بتخفيض الدين العام بقرارات مدروسة.
وشكرت العضو لولوة العوضي مجلس النواب لرفضهم الموازنة، مؤكدة ان رفضهم هو الذي دفع اللجنة المالية بالمجلس للاستفادة من الموازنة، وتساءلت «اللجنة المالية أسست موافقتها على الموازنة بالتأخير والتحديات الإقليمية والدولية والوطنية، فما هي التحديات الوطنية»، مؤكدة أن الموازنة يجب أن تلبي طموحات الشعب.
العضو د.عائشة مبارك، دعت في مداخلتها إلى العمل بجدية على تنويع مصادر الدخل ومراعاته في الموازنات القادمة، ووضوح العلاقة بين المشاريع وبرامج الوزارات وبرنامج عمل الحكومة، مشيرة إلى أن الوزارات التي تربط عملها ببرنامج الحكومة محدود، وطالبت بالحد من الهدر في مؤسسات الدولة للحد من العجوزات، وشددت على تغيير منهجية وزارة المالية، عبر وضع خطة تنويرية للمواطن لكي يكون على دراية بوضع البحرين الاقتصادي.
وفيما أكد العضو فؤاد حاجي، أن تأخير الموازنة سبب إرباكاً للقطاعين العام والخاص، أوضح العضو نوار المحمود أن وصول حجم الدين العام وإلى 4 مليارات دينار، رقم يتطلب الالتفات له ومعالجته، الأمر الذي يوجب على السلطة التنفيذية معالجة الهدر في المال العام الذي تم ذكره في ديوان الرقابة المالية مراراً من دون معالجة». وقال: «أسسنا صندوقاً لاحتياطي الأجيال القادمة، ولكن لا نريد تحميلهم ديونا تثقل من كاهلهم».
الزيادة تجمّل «بشت» الصالح
وقال العضو خليل الذوادي» الجلسة مفرحة اليوم ونرى تغيراً واضحاً على وجوه الأعضاء، حتى ملابس الأعضاء تغيرت ابتداء من الرئيس وبشته الجميل فأجابه رئيس المجلس علي صالح الصالح «من الزيادة»، فضحك الأعضاء. وأشاد الذوادي بموقف النواب الذين وقفوا لمصلحة المواطن الذي يعاني الكثير نتيجة الغلاء والظروف الاقتصادية المحيطة، وطالب في هذا الصدد بالمحافظة على أسعار السوق بعد الموافقة على الزيادات في علاوات الغلاء، وقال «إذا ارتفعت الأسعار كأننا لم نغير شيئاً، يجب أن يكون التجار على مستوى من الوطنية»، وأشاد بحوار التوافق الوطني الأول الذي جرى قبل عامين، وقال «من ثمار الحوار الأول التعاون بين الحكومة
وفي سياق منفصل، طالبت العضو دلال الزايد برفض الموازنة من قبل مجلس النواب، وقالت، إنها تعبر عن الاستياء الشعبي لدى المواطنين، وأما الرد بتراكم العجز وتضرر الأجيال القادمة، فالسؤال «من المتسبب في العجز، يوجد خطأ كبير، وهذا ما أكدته ديوان الرقابة المالية.
وتابعت «زاد حجم الإنفاق بسبب أياد التخريب التي طالت البلد، كما يلاحظ تراجع الوزارات في تنفيذ المشروعات رغم خصخصة الموازنة، واللافت أن الوزارات أرجعت إلى سوء التنسيق بين أجهزة الحكومة، فوزارة الإسكان بررت إشكاليتها في البنية التحيتة والاستملاكات، ووزارة التربية والتعليم القت باللائمة على مجلس المناقصات، واستغربت عدم وجود موازنة مخصصة للنوع الاجتماعي إلا بوزارة التربية.
وتساءل العضو عبدالرحمن عبدالسلام «كيف زادت المصاريف المتكررة 500 مليون، ما أسباب ذلك، هل هناك سوء استعمال للمصاريف المتكررة»، كما طالب بمراقبة الأسعار «إذا لم تراقب الأسعار ما فائدة الزيادة، سوف يتضرر من زيادة الأسعار كل شعب البحرين، نريد من الحكومة التدخل في ضبط الأسعار.
وقالت العضو رباب العريض «سوء إدارة الوزارات، سبب هدرا للمال العام، وهم معتمدون على الدعم الخليجي الذي لم يدخل في الموازنة العامة للدولة، كيف نراقب صرف الدعم الخليجي إذا لم يدخل في الموازنة العامة للدولة، على أي أساس سيتم صرفه؟».
هل يوجد بالحكومة من يقل راتبه عن 250 ديناراً؟
من طرفه، بين رئس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية خالد المسقطي أن الموازنة كان يجب أن تقر من أول يوم في السنة المالية لتقوم الدولة بواجبها، إذ من المعروف أن أي مؤسسة تعتمد على الموازنات لا تستطيع القيام بواجبها بدون موازنة، ما بالك بدولة».
وقال «هناك مطالبات بزيادة الرواتب، اعتماد الزيادة يرتبط بموظفي القطاع العام الذي يبلغ عددهم 53 ألف مواطن، في حين يبلغ عدد موظفي القطاع العام 83 ألف مواطن، كما إن كثير من موظفي القطاع الخاص يتقاضى أقل من 250 ديناراً، ولا يوجد بالقطاع العام من يستلم هذا الراتب، فاي الشريحتين أولى بالدعم؟!، هناك اعتبارات تختلف عن اعتباراتنا، إذ لا يصح إعطاء زيادة للقطاع العام 53 ألفاً وترك الآخرين بدون دعم أو زيادة، هل يكون الموظف العام أهم من موظف القطاع الخاص، أليس ذلك مواطناً من الأساس، لذا رأينا زيادة علاوة الغلاء، لكي تخدم شريحة كبيرة من المواطنين في القطاعين وسيستفيد منها الجميع، فمن سيستفيد من الشريحة الأولى هو 52 ألف مواطن من رواتبهم لا تتعدى 300 دينار، وسيتقاضى 100 دينار، والشريحة الثانية التي ستتقاضى 70 ديناراً تبلغ 48 ألف مواطن، وهم الذين رواتبهم لا تتعدى 700 دينار، والشريحة الثالثة تبلغ 10 آلاف مواطن وسيتقاضى كل منهم 50 ديناراً، وهم الذين رواتبهم لا تتعدى 1000 دينار.
ما يعني أن إجمالي المستفيدين من علاوة الغلاء 110 آلاف «المالية» تطالب بتشريعات لتنويع مصادر الدخل من جانبه، أكد وزير المالية الشيخ احمد بن محمد آل خليفة أن اعتماد المعايير الجديدة لعلاوة الغلاء جاء بعد التأكد من كفاية الموازنة المقرة لها والبالغة 105 ملايين دينار لكل عام.
وحول مطالبة أعضاء مجلس الشورى في جلستهم أمس بتنويع مصادر الدخل، قال وزير المالية إن «الحكومة تعمل في حدود القوانين الموجودة لديها، لابد من تشريع يؤهلها لذلك».
وبخصوص معايير توزيع الدعم الخليجي، قال الوزير «بمجرد ما تم الاتفاق مع دولتين، عرضنا المشاريع التي سيصرف لها الدعم على السلطة التشريعية، والية الصرف خاضعة لمجلس المناقصات والمزايدات وديوان الرقابة المالية واثر الدعم سيراها المواطن مستقبلا».
وأضاف: « بخصوص الإسكان، فان حجم الاستثمار يساعدنا على إنجاز وحدات أكبر للمواطنين، وسينعكس ذلك على البنية التحتية للاقتصاد البحريني، أما فيما يتعلق بترشيد الإنفاق، فهناك لجنة في الحكومة برئاسة نائب رئيس الوزراء للنظر في ترشيد الإنفاق وتوجيه الدعم لمستحقيه للمواطنين، وهي تدرس إمكانية إرسال الخدمات بأقل قدر ممكن من الصرف للمواطن». وبخصوص العجز في الموازنات، أوضح الوزير أن العجز حصيلة توافق الحكومة مع النواب على الصرف، مؤكداً أن الصرف لم يزد على ما هو متاح في الموازنة، وقال «نختلف عند مناقشة الموازنة، وهذا طبيعي، ولكنها تقر بالتوافق في نهاية المطاف، والصرف دائما يكون بأفضل الممارسات، أما بخصوص البرامج المستجيبة للنوع، فهو موجود في كثير من المؤسسات في مملكة البحرين، ونحتاج لترشيده بصورة اكثر».
ورداً على استفسار الأعضاء عن سبب زيادة 500 مليون دينار في المصروفات المتكررة، رد الوزير «يجب أن لا ننسى زيادة الرواتب في عام 2011، إضافة لزيادة القوى العاملة والزيادة السنوية للرواتب وفوائد القروض وشرائنا للكهرباء والماء وعلاوة الإسكان وعلاوة المتقاعدين وتكلفة المؤسسات الجديدة، كلها مصروفات متكررة، فإذا زادت سترتفع المصروفات المتكررة».