كتب - طارق العامر:
كشفت معلومات حصلت عليها «الوطن» عن ملف فساد في المجلس الأعلى للتدريب المهني- بدأ قبل سنوات ومستمر حتى الآن- متورط به وزيران على الأقل تعاقباً بالمسؤولية على المجلس، إضافة إلى وكيل وزارة حالياً، وفي ثناياه- بحسب مصادر- دخول 43 مليون دينار إلى المجلس سنوياً من دون معرفة وجوه صرفها، وحصر المعاهد المتعاقد معها بالمملكة وفق أهواء المسؤولين.
وقالت المصادر، التي رفضت الكشف عن اسمها، إن «ملف الفساد بالمجلس يتضمن تحول الأعلى للتدريب المهني من جهة استشارية لمجلس الوزراء بحسب مرسوم إنشائه، إلى جهة تنفيذية تملك لوائح إدارية ومالية وحساب بالهيئة العامة لصندوق التقاعد، ولديها موظفون»، موضحة أنه «رغم أن المجلس الاستشاري بحسب القانون لا يتطلب وجود موظفين إلا أن القائمين على المجلس وظفوا العديد منهم ، وخصوهم برواتب تصل إلى أجور وكيل مساعد لبعضهم رغم عدم امتلاكهم أي شهادات أو مؤهلات عليا».
وتشير المعلومات التي تحصلت عليها «الوطن» إلى أن «المسؤولية الأولية في فساد المجلس تسبق الوزير الحالي، والذي قبله، وما قبل قبله»، موضحة أن «ملخص القضية في الأساس يكمن في استغلال مجموعة ما لسلطة، ورغم أن الوزير قد يتغير نتيجة أي ظروف، فإن هذه المجموعة المستفيدة والمسيطرة لم تتغير».
وذهبت المصادر إلى أن «تفاصيل ملف الفساد في المجلس توضح كيف تحول المجلس الأعلى للتدريب المهني من جهة استشارية لمجلس الوزراء حسب ما نص عليه مرسوم إنشائه، إلى جهة تنفيذية تملك لوائح إدارية ومالية و حساب بالهيئة العامة لصندوق التقاعد، وموظفين».
وتوضح المعلومات المتحصلة أن «رواتب العاملين في المجلس الأعلى للتدريب المهني تصل إلى رواتب الوكيل المساعد في الوزارات، رغم أن بعضهم لا يملك مؤهلاً عالياً، والعوائد التي يتحصل عليه المجلس الأعلى للتدريب المهني سنوياً وتدفع من التجار تصل إلى 43 مليون دينار».
وذهبت المصادر إلى أن «إجمالي المبلغ الذي تحصل عليه المجلس الأعلى في الـ 20 سنة الأخيرة، يكفي لحل مشكلة الإسكان، والبطالة، وزيادة رواتب الموظفين»، مشيرة إلى أن «المجلس يتسلم مئات الألوف سنوياً من التجار أصحاب الشركات المساهمة في دفع اشتراكات التدريب، بواقع 4% يدفعها التاجر من راتب كل أجنبي، في حين أن أي تاجر من المساهمين لا يعلم أوجه صرف هذه النقود».
وأوضحت أن المجلــس الأعلــى للتدريـــب المهنــي قانوناً هو مجلس استشاري وليس تنفيذياً، بمعنى، ليس هناك موظفين يعملون تحت المجلس الأعلى كما هو معمول به حالياً»، مشيرة إلى أنه «في بداية التسعينيات تم ندب دكتور من جامعة البحرين وتعيينه رئيساً للمركز المهني، إذ غير اسم المركز إلى معهد البحرين للتدريب مع إضافة بعض الأنشطة والمجالات الجديدة».
ويضم المجلس الأعلى للتدريب المهني- المنشأ سنة 1975 برئاسة وزير العمل- في عضويته أطراف الإنتاج الثلاثة «الحكومة، أصحاب الأعمال، والعمال» وتتمثل اختصاصاته في إعداد السياسات والخطط الوطنية للتوجيه والتدريب المهني للموارد البشرية الوطنية وتحديد احتياجات التدريب المهني على المستوى الوطني واقتراح الخطط وسياسات تمويل التدريب وتنسيق البرامج التدريبية المتخصصة في قطاعات العمل المختلفة.
وتابعت المصادر أنه «تزامناً مع التغيير وتحويل المركز إلى معهد عمد رئيسه إلى استحداث هيكل جديد للموظفين والعاملين في المعهد خارج إطار ومظلة ديوان الخدمة المدنية وإبقاء (المجموعة) التي تتبع الهيكل التنظيمي المعتمد لإدارة القوى العاملة كما هي عليه، فيما فتح وزير العمل-آنذاك- حساباً جديداً مع التأمينات الاجتماعية ليسهل لكل من الموظفين التابعين للمجموعة والتابعة في الأصل لإدارة القوى العاملة والتي تمثل العاملين في المركز المهني، الانضمام للمركز الجديد».
ويعد معهد البحرين التدريب مركزاً مهنياً (بمثابة مجموعة في الهيكل التنظيمي) يتبع إدارة القوىالعاملة أو ما يعرف حالياً بإدراة تنمية الموارد البشرية، حيث كان جميع الموظفين يعملون تحت مظلة وموازنة ديوان الخدمة المدنية.
وأردفت المصادر أن «المسؤولين نجحوا في تحويل عدد من الموظفين من المجموعة «المركز المهني» والذين كانوا يعملون بإدارة القوى العاملة الانتقال إلى معهد البحرين للتدريب، مع الإبقاء على عدد قليل من الموظفين على ما هم عليه أي تحت مظلة ديوان الخدمة المدنية والهيئة العامة لصندوق التقاعد».
وقالت إن «الشكل الجديد (غير مريح) بدأ يسبب إشكالية معينة فيما بعد تكشف ما يحدث وقد تجرهم إلى (سين) و (جيم) خصوصاً بوجود فئات مختلفة من الموظفين العاملين في المعهد».
وأوضحت المصادر أنه «كان هناك موظفون يتبعون المعهد الجديد، تم توظيفهم بعد تقديم استقالاتهم من إدارة القوى العاملة، حين كانوا يعملون بالمركز المهني من قبل أن يتحول إلى معهد، وموظفون يتبعون المعهد الجديد كتوظيف جديد ومستقل، إضافة إلى فئة ثالثة من الموظفين التابعين للقوى العاملة لأنهم في الأساس يعملون بالمركز قبل أن يتحول إلى معهد».
وأرجعت المصادر تحويل جميع العاملين في المعهد من نظام التأمينات الاجتماعية إلى نظام الهيئة العامة لصندوق التقاعد إلى «تنبه المسؤولين لوجود خطأ»، مؤكدة أن «التحويل تم بواسطة علاقات الوزير المتشعبة».
وحول موازنة المعهد حينها، قالت المصادر إنها «كانت تأتي من وزارة العمل وخاصة من اشتراكات التدريب، إذ كان المعهد يعد ويقدم برامج تدريبية للباحثين عن العمل مقابل حصولهم على مبالغ من الاشتراكات التي تدفعها الشركات ولكن بواسطة الإدارة المعنية، إضافة إلى تمويل سنوي يحصل عليه المعهد من وزارة المالية يحول إلى وزارة العمل ومن ثم يدخل حساب المعهد ويقدر بحوالي 3.5 مليون دينار سنوياً».
وتابعت المصادر أنه «بعد ذلك تم حل مشكلة الفئة الثالثة من خلال تحويل جميع العاملين تحت مظلة التقاعد بما فيهم الموظفين الذين لا يتبعون المعهد بل يتبعون إدارة القوى العاملة وكانوا يعملون بالمركز قبل أن يتحول إلى معهد».
وأشارت المصادر في سردها الزمني إلى أنه «إبان الأحداث في عام 2011 والمحاولة الانقلابية صدر قرار بتحويل المعهد من إدارة وزارة العمل إلى وزارة التربية والتعليم».