المستشار صديق الوزير دفع المجلس لشراء «مبنى الوقت» بأكثر من قيمته
تعيين «السيد ش» بوظيفة مختلقة ومحاولة تمرير «هيكل خيالي»
تعيين قريب «السيد ش» خبيراً رغم فصله قبلاً لأسباب أخلاقية
توظيف عاملين على موازنة اشتراكات التدريب بشكل مخالف
إعطاء صلاحيات لأكاديمية مخالفة للاستفادة من تعويضات التدريب
حساب المجلس في البنك حالياً أكثر من 20 مليون دينار
استفادة المؤسسات المساهمة من اشتراكات التدريب لا تتعدى ?30
كتب – طارق العامر:
تكشفــت الملفات التـــي تحصلـــت عليهــا «الوطن» للفساد في أروقة المجلس الأعلى للتدريب المهني عن معلومات، بينها تلاعب المستشار المعين لصداقته بوزير سابق بمناقصات اختيار مؤسسات التدريب، وتوظيف عاملين على موازنة اشتراكات التدريب بشكل مخالف، وتعيين «السيد. ش» في وظيفة خيالية غير موجودة، وإعطاء صلاحيات لأكاديمية غير مرخصة من وزارة العمل للاستفادة من تعويضات اشتراكات التدريب، ومحاولة تمرير هيكل مقترح يحوي وظائف خيالية.
وقالت مصادر، طلبت عدم ذكر اسمها، لـ«الوطن» إن «المستشار صديق الوزير لا يعمل سوى السفر من بلد إلى بلد على حساب المجلس ومن جيب التجار»، مشيرة إلى أن «فساد المستشار أعطاه الثقة ليكون رئيساً لوحدة التدريب لمشروع تأهيل وتوظيف الجامعين بناء على توصية من صديق الوزير، فيما أسند إليه مؤخراً مشروع وطني آخر وهو مشروع المعايير المهنية الذي يكلف المجلس الأعلى للتدريب المهني 2 مليون دينار».
وأضافت المصادر أن «المستشار صديق الوزير يعمل على إقناع الوزير الحالي باستقلالية المجلس الأعلى للتدريب المهني تماماً عن الوزارة وتعيينه أميناً عاماً للمجلس وبدرجة وكيل وزارة».
وتشير المعلومات التي تحصلت عليها «الوطن» إلى أن «حساب المجلس في البنك منذ تأسيسه وحتى الآن وصل إلى أكثر من 20 مليون دينار عبارة عن حسابات في البنوك وأصول واستثمارات».
وأكدت المصادر أن «مقدار استفادة المؤسسات المساهمة من اشتراكات التدريب لا تتعدى 30%، رغم أن من حقها الاستفادة من 75% من المبلغ المدفوع في جميع الحالات وأحياناً تصل إلى 100%».
وأشارت إلى أن «المستشار (صديق الوزير) دفع المجلس إلى شراء مبنى صحيفة الوقت بأكثر من مليوني دينار، رغم احتياجه لصيانة وتأثيث تصل لمليون دينار، فيما كانت القيمة السوقية للمبنى أقل من القيمة المدفوعة بكثير».
وفرة المال وسوء الإدارة
وقالــت المصـــادر إن «المجلــــس الأعلــــى للتدريب المهني يتميز بوفرة المال وسوء في الإدارة، إذ يتسلم المجلس والمجالس النوعية ملايين الدنانير سنوياً من الشركات المساهمة في دفع اشتراكات التدريب، حيث وصل حساب المجلس في البنك منذ تأسيسه إلى أكثر من 20 مليون دينار من حسابات في البنوك وأصول واستثمارات، وجميعها تدفع من جيوب التجار».
وتتبع المجالس النوعية المجلس الأعلى للتدريب المهني وتضم المجلس النوعي لقطاع الإنشاءات، المجلس النوعي لقطاع التجزئة، المجلس النوعي لقطاع الصناعات، المجلس النوعي لقطاع لمجلس تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والمجلس النوعي للضيافة.
وأوضحت المصادر أنه «عندما يصل عدد العاملين في أي مؤسسة في القطاع الخاص إلى 50 موظفاً ترسل التأمينات الاجتماعية إشعاراً إلى تنمية الموارد البشرية (المجلس الأعلى للتدريب المهني) الذي يوزع بدوره الشركات (كلاً حسب نشاطها) على المجالس النوعية المختلفة.
وبعد ذلك يقوم قسم الحسابات بالمجلس النوعي وأيضاً بإدارة تنمية الموارد البشرية بإرسال فواتير لتلك المؤسسات تطالبهم بدفع 4% من مجموع رواتب الأجانب العاملين شهرياً، وبالتالي كل الشركات مطالبة بالالتزام بالدفع، مع العلم أن قانون التدريب المهني رقم 17 لسنة 2007 لا يلزم الشركات بالدفع طالما تلك الشركات قادرة على تدريب نسبة معينة من البحرينيين (المادة 15 من القانون)».
وتكشف الإحصائيات، بحسب المصادر، أن «مقدار استفادة المؤسسات المساهمة من اشتراكات التدريب لا تتعدى 30% وأن المجلس النوعي للتجزئة هو أكثر القطاعات المستفيدة، وفقاً لإحصائيات 2011، رغم أن من حق الشركات المساهمة في دفع اشتراكات التدريب الاستفادة من 75% من المبلغ المدفوع في جميع الحالات وأحياناً تصل الي 100% طبقا لشروط دليل الاستفادة».
صديق الوزير
وتشير المعلومات التي تحصلت عليها «الوطن» إلى أنه «في 2009 وأثناء وجود وزير سابق تم تعيين صديقه المقرب، مستشاراً للتدريب في المجلس الأعلى بشكل غير قانوني، وعلى الدرجة التنفيذية الخامسة وهي أعلى من درجة المديرين المعينين في مجلس الوزراء، وما زال مستشاراً للوزير جميل حميدان لشؤون التدريب حتى هذه اللحظة».
وأوضحت المصادر لـ«الوطن» أن «المستشار «صديق الوزير» اشترط عند توظيفه أن يسجل تحت مظلة التأمينات الاجتماعية وأن لا ينضوي تحت هيئة التقاعد أسوة بباقي الموظفين الذي يعملون بالمجلس رغم أن توظيفهم جميعاً يعتبر غير صحيح ومخالف للقانون، وفق تقرير ديوان الخدمة المدنية، وكل الأوراق والمستندات تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن المستشار (صديق الوزير) قد عين في وظيفة ليس لها وجود اصلا ،مجرد وظيفة مستحدثة بالمجلس الأعلى والذي أصلاً لايحق له التوظيف نظراً لأنه جهة استشارية لمجلس الوزراء وليس تتنفيذية».
وحول مهام المستشار صديق الوزير، قالت المصادر إنها انحصرت بـ«السفر من بلد إلى بلد على حساب المجلس الأعلى للتدريب المهني أي من «جيب التجار» وحالياً وبعد أن أعطي الثقة ليكون رئيساً لوحدة التدريب لمشروع تأهيل وتوظيف الجامعين بناء على توصية من صديقه الوزير للوزير الحالي قبل أن يخرج من الوزارة، مع العلم أن هذا المشروع قد خصصت له الدولة ميزانية بالملايين، والمستشار لا علم له بطبيعة هذه المهمة أصلاً ولا يعرف أهمية هذا المشروع».
وأضافت المصادر أن «المستشار لا يتدخل بالعمل إلا عند تحديد المناقصات للتلاعب عند اختيار الشركات والمؤسسات التدريبة الفائزة، فيما عملية تشغيل العملية التدريبة فتقوم بها رئيسة قسم تدريب الباحثين عن العمل والتي تعمل تحت إدارة تنمية الموارد البشرية»، مشيرة إلى أن «رغم ذلك كله، أسند إليه مؤخراً مشروع وطني آخر وهو مشروع المعايير المهنية الذي يكلف المجلس الأعلى للتدريب المهني 2 مليون دينار».
وأردفت أن «المستشار يعمل على إقناع الوزير الحالي جميل حميدان باستقلالية المجلس الأعلى للتدريب المهني تماماً عن الوزارة وتعيينه أميناً عاماً للمجلس وبدرجة وكيل وزارة».
صلاحيات لأكاديمية مخالفة
وتشير المعلومات المسربة إلى «الوطن» إلى أن «مستشار التدريب الذي كان قائماً بأعمال مدير تنمية الموارد البشرية «لستة شهور» عمل على إعطاء صلاحيات مخالفة للقانون لاكاديمية ليست مرخصة من وزارة العمل وإنما حاصلة على ترخيصها من وزارة التربية والتعليم، بسبب علاقة قوية تربط المسشتار بصاحبها».
وأوضحت المصادر أن من بين هذه الصلاحيات المخالفة المعطاة للأكاديمية «الحصول والاستفادة من التعويضات لنظام اشتراكات التدريب، ويعد ذلك التصرف مخالفاً للنظام المعمول به والقانون حيث لا يحق للمستشار اعتماد الأكاديمية كمؤسسة تدريبة معتمدة من وزارة العمل دون اللجوء للقانون والأنظمة المتبعة».
وقالت المصادر إن «المستشار شرع في تنفيذ المشروع ضارباً باللوائح والنظم والقوانين عرض الحائط، واعتمد جميع الطلبات المتقدمة من الشركات المساهمة لنظام الاشتراكات، إذ تم إرسال الموظفين إلى الأكاديمية في تلك الفترة واعتماد التعويضات، وحالياً يجهد المستشار في مساعدة صاحب الأكاديمية في استخراج رخصة مزاولة التدريب عن طريق وزارة العمل وبشكل غير قانوني نظراً لعدم استيفاء صاحب الأكاديمية لشروط الحصول على رخصة المزاولة، ورغم ذلك يصر وبمساعدة الوكيل المساعد للتدريب في إقناع الوزير جميل حميدان بإعطاء الموافقة علـــى الترخيـــص دون استيفــاء الشـــروط الأساس».
موظفون ليسوا موظفين
وكشفت المعلومات أن التجاوزات بالمجلس وصلت إلى «توظيف 4 موظفي حراسة على موازنة اشتراكات التدريب «جيوب التجار» أو ما يعرف بموازنة المجلس الأعلى للتدريب المهني»، فيما قالت المصادر إنه «رغم تنبيه تقرير ديوان الخدمة إلى هذه المخالفة أصر مستشار التدريب والوكيل المساعد للتدريب على توظيفهم».
وأضافت المصادر أن «الإصرار على المخالفة استمر رغم رفض هيئة الضمان الاجتماعي تسجيلهم بناءً على توصيات من ديوان الخدمة المدنية، إذ تم توظيفهم ويتم استقطاع مبلغ التأمين من الموظفين الاربعة شهريا ولكن يتم حجز مبلغ الاستقطاع في حساب اخر في المجلس، بناء على تعليمات شفوية صادرة من وكيل مساعد للقائم بأعمال رئيس قسم تابع لإدارة الموارد البشرية، على أمل أن تحل مشكلتهم مع ديوان الخدمة المدنية، دون الحراس المعينين الذين يعتقدون أن تعيينهم نظامي».
مبنى «الوقت»
وقالت المصادر إنه «في فترة وزير سابق أقنع وكيل مساعد ومستشار أعضاء المجلس الأعلى بشراء مبنى صحيفة الوقت بأكثر من مليوني دينار رغم احتياجه لصيانة وتأثيث تصل لمليون دينار، فيما كانت القيمة السوقية للمبنى أقل من القيمة المدفوعة بكثير». واضافت أن «هدف المستشار من شراء مبنى الوقت كان ليتم تخصيصه مقراً للأمانة العامة للتدريب المهني وتعيينه أمينا عاما بدرجة وكيل وزارة، وبالفعل شرع المستشار في ضم جميع المجالس النوعية والتي كانت تحت مظلة المجلس الأعلى للتدريب المهني تحت هذا المبنى».
وأكدت المصادر أن «المستشار كان يسعى إلى تمرير الهيكل المقترح والذي كان يحوي على وظائف خيالية، للمجلس الأعلى دون اللجوء الى ديوان سمو رئيس الوزراء او ديوان الخدمة المدنية، ولكن صدم برفض المجلس الأعلى مقترح الهيكل المزعوم فتبددت أحلامه واحلام الوكيل».
وتشير المعلومات إلى أن «مبنى الوقت الذي دفع فيه اكثر من مليونين دينار مازال مهجوراً على الرغم من المساحة الكبيرة، باستثناء جزء صغير تم إشغاله من قبل وكيل مساعد».
الخبير قريب «السيد ش»
ووفقاً للمعلومات التي تحصلت عليها الوطن فإن « ابن اخت «السيد ش» هو موظف شاب يعمل بإدارة تنمية الموارد البشرية في وظيفة مشرف بقسم تقييم البرامج، ولكن تحت موازنة المجلس الأعلى للتدريب المهني وليس تحت مظلة ديوان الخدمة المدنية، إلا أن عمله الحقيقي هو مختص بأمور وكيل مساعد، أحياناً كسكرتير وأحياناً كمستشار شخصي له».
وقالت المصادر إن «ابن أخت السيد ش. فصل قبلا من عمله في إحدى المجالس النوعية لأسباب أخلاقية، ونظراً للعلاقة الوطيدة التي تربط الوكيل المساعد بالسيد «ش»، قرر إعادة تعيين هذا الشاب وعلى وجه السرعة بإدارة تنمية المواردالبشرية في وظيفة مشرف وعلى حساب اشتراكات التدريب».
وأضافت المصادر أنه «أثناء فترة غياب مدير إدارة تنمية الموارد البشرية في مهمة خارجية تعاون الوكيل المساعد والمشرف معاً على مخاطبة الوزير جميل حميدان وإقناعه بتعيين «ابن أخت السيد ش» خبيراً للتدريب إلا أن الوزير حميدان رجع بالأمر لديوان الخدمة المدنية، ما فاجأ الوكيل المساعد وخلط أوراقه».