في متنزه ثينغفيلير الوطني في ايسلندا، يمتد جسر خشبي فوق تصدع في الأرض ويتصل بطريق معبدة توصل الى المكان الذي أبصر فيه أقدم برلمان في العالم النور سنة 930.
أنشئ هذا الجسر الصيف الماضي بسبب مرور السياح بكثرة في تلك المنطقة، وهو يمتد على مساحة مئة متر تقريبا من الطريق المعبدة تقع على طبقة من الرمل قد تنهار في أي لحظة. ولحسن الحظ، تشكلت حفرة في الطريق قبل أن تغمرها الرمال.
ولولا ذلك، لكان قطاع السياحة تلقى ضربة قوية في هذا المكان الذي يقع على بعد خمسين كيلومترا تقريبا من العاصمة ريكيافيك والذي وضعته اليونسكو على لائحة التراث العالمي.
فهذه الجزيرة المعروفة بجمالها الاخاذ تستقبل كل سنة عددا متزايدا من السياح الاجانب الذي بلغ عددهم 672 الفا سنة 2012 أي اكثر ب19% من السنة التي سبقتها وأكثر بمرتين من سنة 2003.
وتقول المديرة العامة لمكتب السياحة الوطني، اولوف اتلادوتير، "انه لتحد ان نحقق كل سنة نموا بنسبة 20%".
وتعزى شهرة هذه الجزيرة الواقعة في اقصى شمال المحيط الاطلسي الى المغنية بيورك في التسعينيات والازمة المصرفية سنة 2008 والانفجار البركاني سنة 2010. ولطالما كان الايسلنديون خلاقين في استقبال السياح في أفضل الظروف.
ويقول ليون جونز الآتي من شروبشاير في وسط بريطانيا "أتينا الى ايسلندا كي نرى البلد كما هو فعليا وكي نرى أشياء مختلفة كحقول الحمم البركانية وينابيع المياه الساخنة".
وبعد أن كانت ايسلندا لفترة طويلة ملاذا آمنا مخصصا للسياح الاثرياء، أصبحت اليوم وجهة سياحية أقل كلفة بعد هبوط قيمة العملة المحلية وعدم ارتفاعها من جديد منذ العام 2008 عندما فقدت 47% من قيمتها في وجه اليورو.
وتقول اولوف اتلادوتير انه نظرا الى التدفق السياحي، "بدأنا نركز حملاتنا الاعلانية منذ العام 2011 على الفترات التي تكون فيها السياحة عادة منخفضة". وقد ساهمت هذه الجهود في خفض نسبة السياح في الصيف الى النصف.
وتضيف "علينا ان نحدد الاماكن التي نريد ان تزدهر السياحة فيها. خلال الموسم السياحي، تعجز بعض المناطق عن احتمال مزيد من السياح".
ويرى دايفيد سامويلسون، المدير العام لشركة "فيزيت ساوث آيسلاند"، ان ايسلندا تستطيع بذل جهود اضافية لابعاد السياح عن المواقع المكتظة، مطالبا بأن يعود التدفق السياحي بالنفع أكثر على السكان المحليين.
ويقول ان "الطبيعة هي السبب الرئيسي الذي يدفع الناس الى زيارة ايسلندا. ولذلك، نحاول ان نقنعهم بالتقرب اكثر من الطبيعة منذ وصولهم، وهذا ما يقدمه مثلا بعض المزارعين".
ويوضح ان الطفرة السياحية التي شهدتها البلاد ساهمت في تخطي الازمة الاقتصادية.
فقد اصبحت السياحة مصدرا رئيسيا للعملات الاجنبية. وحرص ايسلندا منذ انهيار قطاعها المصرفي سنة 2008 الى مراقبة الرساميل لتفادي الخسارة المالية.
وبينما كان الاقتصاد يشهد في السنوات الاخيرة ركودا ثم نهوضا تدريجيا، ازدهرت في العاصمة الفنادق الفخمة وبيوت الطلبة، بالاضافة الى شركات لتنظيم الرحلات العائلية على الانهر الجليدية ورحلات بالقوارب لمشاهدة الحيتان.
أما المشروع الاكثر جنونا فكان مشروع المروج العقاري الصيني هوانغ نوبو الذي اراد انشاء مجمع يضم فندقا فخما وملعب غولف ومحمية طبيعية في منطقة نائية في شمال شرق الجزيرة. لكن الحكومة صوتت ضد المشروع سنة 2011 بسبب حجم المساحة المطلوبة لانشائه (300 كيلومتر مربع).