عواصم - (وكالات): أعرب الأكراد الذين يدافعون عن مدينة عين العرب «كوباني» شمال سوريا عن ارتياحهم أمس إزاء إلقاء الطائرات الأمريكية أسلحة لهم قرب المدينة السورية المحاذية للحدود مع تركيا، لمساعدتهم على صد هجمات تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، فيما أعلنت تركيا عن سماحها بدخول أكراد عراقيين من قوات البشمركة إلى «كوباني». في موازاة ذلك، قالت القيادة المركزية الأمريكية في بيان إن الجيش الأمريكي وجه 6 ضربات جوية لمقاتلي «داعش» قرب كوباني، مضيفة أن قوات أمريكية بالتنسيق مع قوات برية عراقية نفذت أيضاً 6 ضربات جوية استهدفت «داعش» بالعراق قرب الفلوجة وبيجي بمشاركة فرنسية وبريطانية.
ورفضت أنقرة السماح بمرور أسلحة أو ذخائر من أراضيها إلى المقاتلين الأكراد المحاصرين في الجانب الآخر من الحدود والذين تعتبرهم أنقرة «إرهابيين». إلا أنها قالت إنها سمحت بمرور مقاتلين أكراد عراقيين عبر أراضيها للوصول إلى مدينة كوباني المحاصرة. وأكدت «وحدات حماية الشعب» الكردية أن الأسلحة والذخائر التي ألقتها طائرات أمريكية قرب عين العرب ستساعد المقاتلين الأكراد كثيراً في مواجهة «داعش».
وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن عدم مساعدة الأكراد في قتالهم ضد التنظيم المتطرف في كوباني أمر «غير مسؤول».
وأضاف عقب إلقاء الطائرات الأمريكية أسلحة للأكراد «إن إدارة ظهرنا لمجتمع يقاتل تنظيم الدولة الإسلامية أمر غير مسؤول كما إنه صعب أخلاقياً».
إلا أن كيري حرص على القول إن هذه الخطوة لا تشكل تغييراً في السياسة الأمريكية تجاه تركيا.
وجاءت تصريحاته تأكيداً لتصريحات مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية بأن عمليات الإلقاء الجوية تأتي دعماً للمقاومة «المثيرة للإعجاب» التي يبديها الأكراد، والخسائر التي يكبدونها لتنظيم الدولة الإسلامية.
وقال كيري إن بلاده تأمل في أن «يواصل الأكراد الذين أثبتوا أنهم مقاتلون أشداء وبواسل، قتالهم».
وأوضحت القيادة الأمريكية الوسطى التي تشمل الشرق الأوسط وآسيا الوسطى «سنتكوم» في بيان أن طائرات شحن عسكرية من طراز «سي 130» نفذت «عدة» عمليات إلقاء إمدادات من الجو، مشيرة إلى أن هذه الإمدادات قدمتها سلطات إقليم كردستان العراقي وهدفها «إتاحة استمرار التصدي لمحاولات تنظيم الدولة الإسلامية السيطرة على كوباني».
وأكدت «سنتكوم» أن التحالف شن «أكثر من 135 غارة جوية» على الجهاديين في كوباني، بينها 11 غارة خلال يومي السبت والأحد وساعدت المقاتلين الأكراد على صد محاولة جديدة قام بها التنظيم المتطرف لقطع أي تواصل جغرافي مع تركيا.
ورحبت وحدات حماية الشعب الكردية بالخطوة الأمريكية بإلقاء الإمدادات.
وقال المتحدث ريدور خليل إن «المساعدات العسكرية كانت جيدة وأمريكا مشكورة على هذا الدعم وستؤثر إيجاباً على سير العمليات العسكرية ضد داعش ومازلنا نأمل المزيد»، مؤكداً أن هذا الدعم «سيساعد كثيراً».
وأضاف أنه جرى التنسيق بين المقاتلين الأكراد وقوات التحالف الدولي العربي لتسليم الأسلحة في أول عملية من نوعها تعلن عنها قوات التحالف منذ بدء الهجوم على كوباني في 16 سبتمبر الماضي.
وذكر أن المقاتلين الأكراد يحتاجون إلى «الإمداد بالأسلحة المتطورة وخاصة الثقيلة في ظل امتلاك داعش لأسلحة نوعية حصل عليها في الموصل وباقي المناطق التي اجتاحها» في سوريا والعراق.
وقال المتحدث باسم وزارة البشمركة في إقليم كردستان العراق هلكورد حكمت أنه «تم إرسال الأسلحة حسب احتياجات المقاتلين الأكراد في كوباني وهذه الوجبة الأولى وتضم أسلحة ثقيلة».
ويشن «داعش» هجوماً على المقاتلين الأكراد في كوباني منذ 16 سبتمبر الماضي ما أدى إلى فرار أكثر من 200 ألف لاجئ إلى تركيا.
إلا أن المقاتلين الأكراد واصلوا المقاومة في شوارع المدينة التي يسيطرون على نصفها.
وأكد مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية أن الأكراد بذلوا جهوداً «مثيرة للإعجاب» في مواجهة التنظيم المتطرف، إلا أنه حذر من أن الوضع لايزال «هش». وقبل يومين رفض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مجدداً الدعوات الموجهة إلى بلاده لتسليح المقاتلين الأكراد الذي يدافعون عن كوباني والمنتمين إلى «وحدات حماية الشعب»، الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي، واصفاً الحزب الكردي الرئيس في سوريا بأنه «منظمة إرهابية».
لكن تركيا أعلنت أنها ستساعد المقاتلين العراقيين الأكراد على عبور الحدود إلى كوباني.
وقال وزير الخارجية التركي مولود شاوش أوغلو في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التونسي منجي حامد «نساعد مقاتلي «البشمركة الأكراد» على عبور الحدود للتوجه إلى كوباني. ومحادثاتنا مستمرة حول الموضوع».
وأضاف الوزير «لم نشأ أبداً أن تسقط كوباني. لقد قامت تركيا بعدة مبادرات للحؤول دون ذلك».
وقال الجيش الأمريكي إن مقاتلاته دمرت إمدادات سقطت خطأ على مشارف كوباني خشية سقوطها بيد «داعش» بدلاً من المقاتلين الأكراد.
ولكن ورغم عمليات الإلقاء الأمريكية الأولى للأسلحة والإمدادات في كوباني، قال الجيش الأمريكي إن أولويته تبقى العراق التي يسيطر التنظيم المتطرف على أقسام واسعة من أراضيه منذ يونيو الماضي.
وأعلنت وزارة الدفاع الفرنسية أن الطيران الفرنسي دمر عربتين لتنظيم الدولة الإسلامية خلال «مهمة إسناد للقوات العراقية على الأرض».
ومنذ الأسبوع الماضي شهدت العاصمة العراقية تزايداً في عدد التفجيرات التي أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن معظمها. وأمس قتل 11 شخصاً وأصيب نحو 26 في هجوم انتحاري بحزام ناسف استهدف شيعة بعيد خروجهم من حسينية وسط بغداد، في هجوم هو الثاني من نوعه في أقل من 24 ساعة. وقتل 22 شخصاً وأصيب 36 عندما فجر انتحاري يرتدي حزاماً ناسفاً نفسه عند مدخل حسينية في منطقة الحارثية غرب بغداد.
كما انفجرت 4 سيارات مفخخة في مدينة كربلاء وعلى أطرافها، ما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة 16.
من جهته، اعتبر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن تدخل قوات أجنبية في المعارك ضد «داعش» سيعقد الوضع في العراق، وذلك إثر لقائه المرجع الشيعي أية الله علي السيستاني، وقبل ساعات من زيارته إلى طهران.
وأتى موقف العبادي رداً على تصريحات لمسؤولين في محافظة الأنبار، طالبوا فيها بتدخل قوات برية أجنبية لمواجهة التنظيم المتطرف.