شهدت عروض مهرجان الصواري العاشر للشباب، جرأة في التحيز لحقوق الإنسان والدفاع عن العدالة الاجتماعية والمساواة ومقت سياسة التنميط التي ينتهجها النظام العالمي الجديد، إضافة لوقفة حداد تأبيناً لروح الفقيد المفكر والأديب والكاتب عبدالله خليفة الذي وافته المنية أمس الأول بعد صراع مع المرض.
وجاء عرض (هبوط الملاك) للمؤلف عبدالله السعداوي والمخرج ياسر القرمزي، ليشكل تسلسلاً مترابطاً لفلسفة السعداوي النقدية للإنسانية، وكيف تحول السياسة البشر إلى بيادق في حربها الأنانية للسيطرة. وقد وظف القرمزي في مسرحية (هبوط الملاك) شخصية حكواتية تروي الحكاية، والشخصية تتمثل في غانية مشهورة في البلدة اختبرت الكثير من التجارب وعرفت الكثير من الرجال، لتروي عن نزول الملاكين من السماء إلى الأرض، والصراع الذي دار بينهما حول قبول ورفض نمط الحياة الإنسانية كشخصيتين مختلفتين. وتستعرض المسرحية كيف يسقط الملاك في النهاية في شرك الإنسانية لينساق إلى نزعات الأنانية وحب التملك، للحد الذي يجرده من طهره.
وقال المخرج ياسر القرمزي -الذي فازت مسرحيته (النافذة) في النسخة التاسعة من المهرجان بجائزتي أفضل عرض، وأفضل إخراج- أجد أن نصوص السعداوي محملة بقضايا الإنسان وتأثيرات السياسات المختلفة على مسيرته، في إطار فلسفي ذي دلالات عميقة يبتعد عن المباشرة والسطحية وهو ما يستهويني في نصوص السعداوي لإيماني أن الفن لا ينفصل عن السياسة، كما أن هذا النص يحتوي على قدر من الفنتازيا التي جذبتني.
من جانبه يعود المخرج عيسى الصنديد إلى الإخراج في تجربته الثانية بعد أن لفت الأنظار إليه في مهرجان الصواري التاسع، هذه المرة يختار الصنديد نص (الرجل الذي تحول إلى تشيخوف) للمؤلف طلال نصر الدين. وتتناول المسرحية قصة رجل وصل حد الهوس بأعمال تشيخوف حتى بدا مقتنعاً بأنه تشيخوف نفسه.
قدم العرض الذي شهد تفاعلاً جماهيرياً رائعاً، باقة من الجماليات السينوغرافيه إذ تدلى من سقف المسرح قصاصات ورقية عكس عليها جهاز البروجيكتر صوراً لتشيخوف ومقالات، و قصاصات من أعماله المسرحية والأدبية.
الرجل الذي تحول إلى تشيخوف استغل حالة الهستيرية التي يعاني منها بطل المسرحية لتقدم نقداً لاذعاً لحال المواطن العربي الذي يعاني من تصاعد الطابع البوليسي في المجتمعات العربية، وسعي الأنظمة إلى تنميط الشعوب، وسحق الفقراء.
واقتبست المسرحية نصوصاً من أعمال تشيخوف لتعزيز رؤيتها، حيث عرف عن تشيخوف أن جميع أعماله تشكل احتجاجاً على أوضاع المجتمع وسياسة السلطة. كما أنها تكشف تألمه من الوضع البائس للطبقات الفقيرة وإذلال الإنسان وسلبه أبسط حقوقه. وقد دفع تشيخوف تعاطفه مع أبناء جلدته إلى السفر في رحلة طويلة عبر سيبيريا ليروي ما شاهده من أحوال المنفيين والسجناء، أي الناس المنسيين في جزيرة ساخالين لجذب اهتمام المجتمع والسلطات بهم.
وشهدت ليالي مهرجان الصواري المسرحي للشباب مشاركة فرقة مركز شباب الشاخورة التي قدمت كعادتها عملاً كوميدياً اجتماعياً تحدث بلغة بسيطة قريبة إلى عامة الجماهير عن الأوضاع الاجتماعية بما تحمله من أبعاد اقتصادية وسياسية يعاني منها الإنسان البحريني عبر عرض (الدنيا دوارة). المسرحية كوميدية هادفة من تأليف إبراهيم بحر ومن إخراج المجموعة. مرت المسرحية بعدة محطات فنية ناقشت المشاكل الاجتماعية التي يواجها المواطنون، وذلك عبر طرح موضوع مشاكل الزوج والزوجة وكيفية التصرف لحلها، والعيوب في المؤسسات الطبية من حيث تقديم العلاج والمعاملة. بالإضافة إلى هم العائلة المتواصل لزيادة مدخولها وتقوم بمعالجة الموضوع عبر توكيل المهمة للابن لعمل مشروع تجاري ولكن يقوم الابن باستغلال الأموال لمصالحه الشخصية. كما تطرقت المسرحية أيضاً لكيفية تعاطي الإعلام مع بعض الأحداث الحساسة في المجتمع ونقلها بصورة سطحية بعيداً عن الموضوعية.
970x90
970x90