عواصم - (وكالات): استعادت قوات البشمركة الكردية، مدعومة بضربات جوية من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، السيطرة على منطقة زمار شمال العراق بعد معارك لأسابيع مع تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، فيما شن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة 23 غارة استهدفت مواقع التنظيم المتطرف في سوريا والعراق، كما شن الطيران الفرنسي ضربات جديدة ضد «داعش» شمال العراق ودمر عدداً من المباني في معسكر تابع للتنظيم. في المقابل، أطلق مسلحو التنظيم أمس قذائف هاون باتجاه الحدود التركية شمال مدينة عين العرب «كوباني بالكردية» التي يدافع عنها الأكراد بانتظار وصول تعزيزات من كردستان العراق. لكن وصول ألف من مسلحي المعارضة السورية إلى المدينة الذي أعلنته أنقرة أمس الأول، بدا موضع شك كبير مع تأكيد قادة من أكراد سوريا عدم التوصل إلى اتفاق بهذا الصدد
ودخل مسلحو التنظيم الذين شنوا في 16 سبتمبر الماضي هجوماً واسعاً على عين العرب في 6 أكتوبر الجاري لكنهم لا يسيطرون حالياً إلا على نصفها. ويركزون هجماتهم منذ عدة أيام في المعبر الحدودي مع تركيا شمال المدينة التي أصبحت رمزاً لمقاومة تنظيم «الدولة الإسلامية».
ويطلق مسلحو التنظيم منذ الجمعة الماضي قذائف الهاون باتجاه معبر مرشد بينار الذي يريدون السيطرة عليه لقطع الطريق بين عين العرب والحدود التركية. ورداً على ذلك اتخذ الجيش التركي إجراءات أمنية مشددة في القطاع وأخلى التلال المحيطة حيث كان ينتشر صحافيون ودفعهم إلى مكان أبعد بكيلومتر واحد. ويفترض أن يتلقى المقاتلون الأكراد الأقل عدداً وعدد من المسلحين الإسلاميين، مساعدة عشرات من عناصر البشمركة من كردستان العراق في غضون أيام. ويفترض أن يمر هؤلاء وعددهم 150 عبر تركيا التي وافقت على ذلك. لكن أنقرة ما زالت ترفض مرور أكراد من جنسيات أخرى ومساعدة قوات كردية سورية تصفها «بالإرهابية» لارتباطها بحزب العمال الكردستاني الذي يشن حركة تمرد في تركيا منذ 1984. وفي هذا الإطار، تلقى السوريون الأكراد إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن وصول 1300 من مسلحي الجيش السوري الحر كتعزيزات إلى عين العرب بفتور. ورأوا أنه من الأجدى لمسلحي المعارضة السورية فتح جبهات جديدة ضد مسلحي التنظيم المتطرف في باقي سوريا «لتخفيف الحصار عن كوباني». وتلقى القوات الكردية منذ نهاية سبتمبر الماضي مساندة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي يشن غارات على مواقع التنظيم. في موازاة ذلك، قتل مسلحون ملثمون 3 جنود أتراك جنوب شرق تركيا ذي الغالبية الكردية، بحسب ما أعلن الجيش التركي الذي نسب الهجوم لمتمردي حزب العمال الكردستاني. وفي هذا السياق، شن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة 23 غارة استهدفت مواقع «الدولة الإسلامية» في سوريا والعراق، وفقاً لما أعلنه الجيش الأمريكي. وأعلنت القيادة الأمريكية الوسطى «سنتكوم» أن 11 غارة استهدفت مباني ومواقع وعربات للتنظيم قرب سد الموصل الإستراتيجي. كما استهدفت 4 غارات مواقع قرب الفلوجة وأخرى منطقة بيجي وقرية الحجاج وأماكن أخرى في العراق. والغارة الوحيدة في سوريا نفذتها واشنطن قرب عين العرب حيث قامت طائرات أمريكية بتدمير قطعة مدفعية. وفي المجموع، شنت قوات التحالف التي تعمل منذ 8 أغسطس الماضي أكثر من 600 غارة جوية وألقت أكثر من 1700 قنبلة في العراق وسوريا، حسب القيادة الوسطى للقوات الأمريكية المكلفة بالمنطقة.
وفي العراق، دمرت قوات التحالف الدولي التي تحارب التنظيم مستودع أسلحة ومركز تدريب للتنظيم في منطقة كركوك شمال العراق أثناء غارة قالت قيادة الأركان الفرنسية إنها كانت مكثفة وألقيت فيها 70 قنبلة، بحسب قائد أركان الجيوش الفرنسية بيار دو فيليي. وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إن بلاده «ستسرع نسق عملياتها» من أجل «تشديد الضربات للتنظيم الإرهابي». ميدانياً استعادت قوات البشمركة الكردية، مدعومة بضربات جوية من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، السيطرة على منطقة زمار شمال العراق بعد معارك لأسابيع مع التنظيم المتطرف. وقال مسؤول محور زمار في البشمركة كريم أتوتي «بعد اشتباكات بدأت فجر أمس وبدعم جوي أمريكي، تمكنا من طرد مسلحي «داعش» من مركز ناحية زمار و11 قرية في أطراف البلدة». وأضاف «حالياً قواتنا متمركزة في مركز الناحية». وتقع زمار على مسافة 60 كلم شمال غرب الموصل. في الوقت ذاته، أعلن مسؤولون محليون كبار أن قوات الأمن العراقية استعادت معظم مناطق بلدة جرف الصخر قرب بغداد من أيدي «داعش».
لكن على الرغم من هذا الدعم الجوي الدولي، حقق التنظيم المتطرف تقدماً في قطاعات أخرى من العراق في الأيام الأخيرة. فقد باتوا يحاصرون من جديد جبل سنجار في الشمال حيث علقت مئات العائلات الإيزيدية.
وجنوب بغداد تجري معارك بين المسلحين والقوات الحكومية التي تحاول تأمين ممر يستخدمه مئات آلاف الزوار الشيعة بمناسبة إحياء عاشوراء. وقتل 8 عناصر من القوات العراقية في معارك مع عناصر التنظيم في منطقة جرف الصخر جنوب بغداد، بحسب ما أفادت مصادر عسكرية، في محاولة لتأمين المنطقة القريبة من الطريق المؤدية إلى مدينة كربلاء المقدسة.
على الصعيد الدولي، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن روسيا لم توافق على فكرة إرسال مدربين إلى العراق لتدريب القوات العراقية كما اقترح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري. وجدد لافروف أيضا تأكيد رفض موسكو تقاسم المعلومات التي تجمعها أجهزة الاستخبارات بشأن تنظيم الدولة الإسلامية، مشدداً على أنه من غير الوارد إجراء تعاون لا يتناول سوى نقطة واحدة.
من جهة ثانية، قال سكان ومسؤولون وتجار في قطاع النفط إن «داعش» لا يزال يستخرج النفط في سوريا ويقوم ببيعه وأنه طوع أساليبه في تجارة النفط على الرغم من الضربات الجوية للتحالف الدولي. وتشير تقارير إلى أن التنظيم قادر على التربح من مبيعات النفط الخام بما يصل إلى مليوني دولار يومياً حسبما يفيد عاملون في مجال النفط في سوريا ومسؤولون سابقون في قطاع النفط وخبراء في مجال الطاقة.
وخلال الصيف كان التنظيم يضخ ما بين 40 و 80 ألف برميل يومياً من النفط الخام من الآبار التي يسيطر عليها في محافظتي ديرالزور والحسكة.