تونس - (وكالات): أدلى التونسيون بأصواتهم أمس في انتخابات تشريعية حاسمة هي الأولى منذ الإطاحة بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في 2011 والأولى وفق دستور الجمهورية الثانية المصادق عليه بداية 2014، فيما أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن «نسبة المشاركة بلغت 60%، على أن تعلن النتائج النهائية خلال أيام».
وترتدي الانتخابات أهمية بالغة إذ سينبثق عنها برلمان وحكومة منحهما دستور تونس الجديد صلاحيات واسعة، مقابل صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية.
وبدأت عمليات الاقتراع صباحاً، حيث جرت عمليات التصويت في 11 ألف مكتب اقتراع حسبما أعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات شفيق صرصار. وقال شفيق صرصار في مؤتمر صحافي إن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 60%. ويبلغ عدد الناخبين التونسيين المسجلين 5 ملايين و285 ألفاً و136 بينهم 359 ألفاً و530 يقيمون في دول أجنبية، بحسب إحصائيات الهيئة المكلفة بتنظيم الانتخابات. وبالنسبة إلى المقيمين في الخارج، بدأت عملية التصويت منذ الجمعة الماضي حتى أمس.
وخلافاً لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي الذي كلف صياغة الدستور الجديد التي أجريت في 23 أكتوبر 2011 وتمكن الناخبون من التصويت فيها بمجرد بطاقة إثبات الهوية، لا يحق هذه المرة التصويت لغير المسجلين ضمن سجلات الاقتراع. ولا يسمح القانون لـ»العسكريين وقوات الأمن الداخلي» بالمشاركة في الانتخابات.
وتتنافس في الانتخابات التشريعية 1327 قائمة «1230 قائمة في الداخل و97 في الخارج» موزعة على 33 دائرة انتخابية «27 في الداخل و6 في الخارج» بحسب هيئة الانتخابات. وتضم القائمات الانتخابية أسماء نحو 13 ألف مرشح «على أساس مبدأ «المناصفة» بين النساء والرجال، وقاعدة التناوب بينهم داخل القائمة» الواحدة، وفق القانون الانتخابي. وسينبثق عن الانتخابات «مجلس نواب الشعب» الذي سيمارس السلطة التشريعية لمدة 5 سنوات.
ويضم المجلس 217 نائباً بينهم 199 عن 27 دائرة انتخابية في الداخل و18 نائباً عن 6 دوائر في الخارج.
وتجري الانتخابات التشريعية وسط إجراءات أمنية مشددة تحسباً من أعمال «إرهابية» قد يشنها متطرفون مرتبطون بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب. ونشرت السلطات 80 ألفاً من عناصر الأمن والجيش لتأمين الانتخابات.
وأعلن وزير الداخلية لطفي بن جدو أن «هناك تهديدات جدية للعملية الانتخابية». والجمعة الماضي قتلت قوات الأمن 6 «إرهابيين» بينهم 5 نساء خلال مداهمة منزل كانوا يتحصنون داخله في منطقة واد الليل قرب العاصمة تونس. وكانت انتخابات 2011 التي فازت فيها حركة النهضة الإسلامية بنسبة 37% من الأصوات و41% من المقاعد، أول عملية اقتراع حرة في تونس منذ استقلالها عن فرنسا عام 1956. وبحسب القانون الانتخابي، يتعين على هيئة الانتخابات أن تعلن «النتائج الأولية» للانتخابات التشريعية في فترة أقصاها الأيام الثلاثة التي تلي الاقتراع والانتهاء من الفرز. ويبدأ فرز الأصوات «فور انتهاء عمليات التصويت» ويجري بشكل «علني» وبحضور «المراقبين» الأجانب والمحليين و»ممثلي القوائم المشاركة في الانتخابات التشريعية». واستبعدت هيئة الانتخابات إعلان النتائج اليوم، إلا أن الأحزاب يمكنها إعلان النتائج انطلاقاً من نتائج عمليات الفرز التي سيحضرها مراقبوها.
ويتعين أن تعلن هيئة الانتخابات النتائج النهائية خلال فترة 48 ساعة من آخر حكم صادر عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية بخصوص الطعون المتعلقة بالنتائج الأولية.
وبحسب استطلاعات للرأي أجريت في وقت سابق فإن حزبي «نداء تونس» و»حركة النهضة» الإسلامية هما الأوفر حظاً للفوز في هذه الانتخابات. واستبعدت القوى السياسية الكبرى حصول حزب بمفرده على الأغلبية التي تمكنه من تشكيل الحكومة القادمة، لأن النظام الانتخابي النسبي المعتمد يسهل وصول الأحزاب الصغيرة.
ومطلع 2014 اضطرت حركة النهضة التي حكمت تونس عامي 2012 و2013 إلى ترك السلطة لحكومة غير حزبية وذلك بموجب خارطة طريق طرحتها المركزية النقابية القوية لإخراج البلاد من أزمة سياسية حادة اندلعت إثر اغتيال اثنين من قادة المعارضة العلمانية في 2013.
وتقود الحكومة غير الحزبية التي يرأسها مهدي جمعة، البلاد حتى الانتهاء من الانتخابات العامة.
وتجرى الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 23 نوفمبر المقبل. وصرح مهدي جمعة رئيس الحكومة للصحافيين أثناء قيامه بالتصويت في مكتب اقتراع شمال العاصمة تونس أن «في نجاح هذه العملية الانتخابية ضمان للمستقبل وكذلك ضمان لانفتاحنا على الخارج، وبصيص أمل نعطيه للشباب في المنطقة الذي أوضاعه في كثير من البلدان صعبة».
وقال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي خلال وقوفه في طابور للناخبين أمام مركز اقتراع جنوب العاصمة تونس «التونسيون يصنعون اليوم لأنفسهم تاريخاً جديداً ويصنعون للعرب تاريخاً جديداً مع الديمقراطية، ويبرهنون أن الديمقراطية ممكنة في العالم العربي وأن التونسيين الذين فجروا ثورة الربيع العربي متمسكون بالوصول بها إلى غايتها في إنتاج نظام ديمقراطي حديث».
من ناحيته قال رئيس حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي بعد قيامه بالتصويت في مركز اقتراع شمال العاصمة «في انتخابات 2011 صوّتت لتونس، واليوم أصوّت لتونس. تحيا تونس».