شدد رئيس مجلس الأوقاف الجعفرية الشيخ محسن آل عصفور، بمناسبة الانتخابات البلدية والنيابية، على النأي بالمساجد والمآتم عن التجاذبات السياسية، ومنع استغلال دور العبادة كمواقع لأغراض الدعايات الانتخابية، وتجنيب استغلال وتسييس وتحزيب المنبر الديني للدعاية الانتخابية وإثارة الانقسامات.
ودعا آل عصفور -في البيان السنوي للأوقاف بمناسبة حلول العام الهجري الجديد 1436 الموافق 2014 - جميع القوى السياسية في البحرين إلى اليقظة من غفلة المخاطر المحدقة بالأمة في وقتنا الراهن والتي تستدعي منا جميعاً تعزيز وشائج اللحمة الوطنية وتنقية الأجواء لتفويت الفرصة على الذين يسعون للنيل من أمتنا الإسلامية والكيد بها والنيل منها وتأكيد الالتفاف حول المصالح الوطنية العليا وتناسي الخلافات التي لا طائل من ورائها سوى تفويت المزيد من فرص التسويات والحلول الوسط وضرورة الانفتاح على توجيهات وتوجهات القيادة السياسية من أجل خلق واقع جديد ينعم فيه الجميع بالعدالة والأمن والاستقرار، واقع تصان فيه الحرمات والكرامات، ويعيش فيه الكل بكرامة وعزة.
وقال آل عصفور: إننا نبارك للمسلمين جميعاً ذكرى الهجرة النبوية الشريفة تلك الهجرة المباركة التي كانت منعطفاً هاماً وأسست لنقلة نوعية حضارية في تاريخ البشرية وأضاءت وأشرقت على العالم بنور رسالتها وعطائها ونهجها ومقاصدها وبفضلها أصبحنا ننعم فيما نعيش فيه في زماننا من تقدم وخير ورفاه. وما أحوجنا اليوم في خضم ما ابتلينا به من فتن إلى تجديد العهد بالالتزام بها والوفاء لها لنجاتنا وإنقاذ أمتنا بالتمسك بحبل نجاتها لأنها الدليل والنبراس والضياء الذي ينير لنا درب السعادة والخير والرخاء ما قدر للحياة من بقاء في عالم الدنيا.
وأوضح رئيس الأوقاف الجعفرية أن مطلع العام الهجري له رمزيته الكبيرة في عالم وجدان كل الأحرار والغيورين، حيث نعيش ذكرى عاشوراء ونهضة الإمام الحسين (ع) التي انطلقت لصيانة الأمة ووحدتها وشرعيتها وشريعتها من عبث العابثين وكيد البغاة المتآمرين والقيادات الحزبية المصطنعة، ونحن إذ نعيش إطلالة شهر محرم الحرام نستذكر بألم وحزن شديد ما وقع على ذرية المصطفى خاتم المرسلين (ص) يوم العاشر من محرم من سفك وهتك وبطش بفلذة كبده الإمام الحسين (ع) وخيرة أهل بيته الأبرار في واقعة كربلاء على يد أشرار يندر التاريخ بمثلهم في الانسلاخ من كل قيم الإنسانية، لافتاً إلى أنه من سوء الطالع أن نبتلي ونشهد في أيامنا هذه واقعاً مؤلماً مشابهاً على يد فلول من أذيال وأذناب شرار الخلق من أعداء أمة نبي الإسلام من عملاء الصهيونية والصليبية العالمية يشنون فيه الحرب على الأمة الإسلامية جمعاء بلا هوادة، ويحرقون الأخضر واليابس ويعيثون الفساد وينشرون الرعب والإرهاب والدمار لكل ما تطاله أيديهم ويسفكون الدماء ويزهقون الأرواح ويقطعون الرؤوس ويمثلون بالجثث وينتهكون كل الحرمات والكرامات باسم الدين بلا حياء ولا خجل.
وعلى الصعيد الوطني قال رئيس الأوقاف الجعفرية: إننا وفي خضم هذه الابتلاءات وخصوصاً مع قرب انطلاق الانتخابات النيابية نوجه دعوة صادقة لتحصين وطننا ومجتمعنا من شر الفرقة والاختلاف، ففي مثل تعقيدات الظروف الحالية المحلية والإقليمية والدولية نحن مطالبون أكثر من أي وقت مضى بتحصين الجبهة الداخلية لوطننا وتجنيبه كل أنواع المخاطر التي تتهدده أسوة بغيرها من بلاد المسلمين بل والعالم.
ودعا آل عصفور الفرقاء داخل البحرين إلى اليقظة من الغفلة عما تعيشه الأمة الإسلامية من واقع مزر ومؤسف والتي تستوجب منا العمل بكل ما تسعه قدرتنا على تعزيز اللحمة الوطنية وتأمين أمن ورخاء وطننا، مشدداً أن «الوضع يتطلب التضحيات من الجميع لصيانة الوطن والشعب وتحكيم العقل وتغليب المصالح العليا والتعامل بحكمة وحذر شديد لاجتياز هذه المرحلة الحساسة والبالغة الخطورة بسلام وأمان، فمهما وجدت الاختلافات لكن ينبغي للكل أن يحترم الآخر ويعذر الآخر فيما يختاره بقصد خدمة الوطن الذي يحتضن الجميع، وينبغي أن يكون التنافس الشريف الجاد فيما بين جميع الفرقاء هو العمل الجاد من أجل مصلحة الوطن والإسهام والمشاركة في صنع القرار الذي يحقق تطلعات الشعب في حاضره ومستقبله».
وبمناسبة الانتخابات البلدية والنيابية، دعا الجميع إلى ضرورة النأي بالمساجد والمآتم عن التجاذبات السياسية لكي تصان نزاهة منابرها الدينية وقدسية رسالتها وتكون دليلاً ومناراً تسدد مجتمعاتنا إلى انتهاج كل طرق الخير والصلاح والهداية والرشاد كما كانت دوماً حاضنة للجميع ومن أجل رخاء وعزة الجميع.
وأكد آل عصفور أن رسالة المنبر الديني على مدار التاريخ هي رسالة إصلاح وهداية وتقويم وجمع الشمل بكلمة التوحيد وتوحيد الكلمة وتوثيق الصلات الأخوية والإيمانية بين أبناء الوطن والأمة على اختلاف انتماءاتهم المذهبية وتعزيز كل مظاهر الوحدة وصيانة المجتمع من شر الفتن والانقسامات ويجب أن تبقى كذلك كما كانت، لافتاً الخطباء للتأكيد على حرمة الدماء والممتلكات والحقوق الاجتماعية والمدنية ووجوب صونها عن التعدي والتجاوز والانتهاك والهتك وإنها تمثل الخطوط الحمراء التي بالغ في التأكيد عليها الإسلام بأبلغ أنواع التأكيد وشرع العقوبات الصارمة لكبح جماح مرتكبيها دنيا وآخرة ولا تبرأ ذمم كل من يتعدى على حق من حقوق الناس.
وشدد آل عصفور على أن إدارة الأوقاف الجعفرية تؤكد ضرورة منع استغلال دور العبادة كمواقع لأغراض الدعايات الانتخابية والمعارك والتجاذبات السياسية التي تتنافى جملة وتفصيلاً مع دورها العبادي الريادي، مشدداً على ضرورة تجنيب استغلال وتسييس وتحزيب المنبر الديني للدعاية الانتخابية وإثارة الانقسامات مؤكداً أن الانتماء الوحيد الذي ينبغي أن يكون له إنما هو للإسلام بكل ما يحتضنه من جوامع القيم والمثل والمبادئ السامية، ولا يجوز أن يجير إلى أي انتماء حزبي أو سياسي أو فئوي أو طائفي.
ودعا آل عصفور كافة الخطباء وخصوصاً ونحن على أعتاب شهري محرم وصفر الذي يعيش فيه أبناء الوطن أكبر موسم ثقافي سنوي يمتد لشهرين إلى اغتنام الفرصة حيث يحرص الجميع فيه على الحضور في المآتم والحسينيات للإصغاء والاستماع لما يطرحه الخطباء الأفاضل إلى تكثيف الجهود وزيادة الدعوات الصادقة والنداءات المخلصة و تنبيه الرأي العام بضرورة تفعيل الشعارات والقيم الإنسانية النبيلة في واقع حياة مجتمعاتنا الاعتقادية والسلوكية والأخلاقية من أجل إصلاح وتنقية وتقويم كل المظاهر الشاذة والأخلاق الذميمة والانحرافات الفكرية والعقائدية التي ابتلى بها أبناؤنا وتفد إلينا من خارج أمتنا وتنفث سمومها بينهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة، والتذكير بعظم أهداف الإسلام وحقيقة قيمه ومثله العليا وحرماته وحدوده وأحكامه الرادعة لكل المنحرفين والعابثين وضرورة التحلي في الحياة الاجتماعية بقيم الإسلام ومبادئ ومقاصده السامية التي كانت ولا زالت نعمة الرسالة المحمدية الخاتمة الكبرى وأن النجاة لن تكون إلا بالتمسك بما جاء به الهدي النبوي الشريف (ص) والرسالة الإسلامية العالمية الخاتمة.
ودعا رئيس الأوقاف الجعفرية إلى استثمار موسم عاشوراء لتنقية الأجواء وإصلاح كل فاسد من أمور مجتمعاتنا، فضلاً عن اغتنام هذا الموسم لإعادة ترتيب البيت الوطني الداخلي وعلاج جميع المشاكل المزمنة والمتأزمة التي يعاني منها على جميع المستويات وضرورة تكاتف الجهات الحكومية مع الأهلية للإسهام في حلها من أجل أن ينعم الجميع بالأمن والخير والرخاء والاستقرار والسعادة.