حاوره - وليد صبري:
أكد سفير فرنسا في البحرين كريستيان تيستو أن «إدانة العنف وإيقافه شرط أساس لمواصلة المسار الإصلاحي في البحرين»، مشيراً إلى «ضرورة تنفيذ عقوبات صارمة ضد المعتدين على رجال الأمن» معتبراً أن «الاعتداء على رجال الشرطة يعد اعتداء على هيبة الدولة».
وأضاف تيستو في حوار لـ «الوطن» أن «الديمقراطية ليست كلمة مجردة في البحرين»، فيما شدد على أن «المملكة تحت حكم حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، تعيش تطورات مهمة، وفقاً لميثاق العمل الوطني».
وقال السفير الفرنسي إن «البحرين لعبت دوراً رائداً في إنشاء مؤسسات تمثيلية وتجربة برلمانية تتميز بانتخابات منتظمة تؤهلها لنيل خصوصية مميزة بالمنطقة»، فيما أعرب عن «أمل بلاده في أن تجد البحرين في جلسات الحوار الوطني العقد الاجتماعي الذي يشكل تميزها وثراءها».
وتحدث السفير الفرنسي عن «تقدير بلاده لمساهمة البحرين في مسار السلام والاستقرار الإقليمي»، لافتاً إلى أن «باريس تشيد بمبادرات جلالة الملك لتخطي أزمة 2011 من خلال تنفيذ توصيات «تقرير بسيوني»».
وأوضح إن «زيارة جلالة الملك لفرنسا تعطي دفعاً للتعاون بين البلدين في مختلف المجالات، كما إن الاتفاق العسكري المبرم بين البلدين يوصي بإنشاء لجنة متابعة، والحوارات الثنائية متواصلة حول هذا الأمر».
وأشاد السفير الفرنسي «بمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي»، لافتاً إلى أن «فرنسا ترتبط بعلاقات أخوية ووطيدة مع دول المجلس»، مؤكداً أن «البحرين من أكثر البلدان ارتباطاً بالعمل المشترك داخل مجلس التعاون وبتعزيز العلاقات مع أوروبا».
وذكر تيستو أن «فرنسا تسعى لإدراج «حزب الله» الشيعي اللبناني على قائمة الإرهاب، خصوصاً بعد مشاركته الأخيرة في الحرب في سوريا إلى جانب قوات الرئيس بشار الأسد»، مؤكداً أن «انخراط الحزب في الحرب الأهلية بسوريا يصدر حرباً جديدة إلى لبنان تؤثر على أمنه واستقراره».
ولفت إلى أن «إيران لم تبرهن على رغبتها في إيجاد حل سياسي لأزمة سوريا، ولم تنضم لمبادئ جنيف»، فيما ذكر أن «باريس تسعى لتسليح المعارضة السورية ضد نظام الأسد لكن القرار يواجه تحديات تتمثل في ضرورة ضمان وصول الأسلحة إلى من يستخدمها بشكل صحيح، وعدم وقوعها في أيدي من يستخدمها بشكل خطأ».
وشدد على أن «فرنسا وشركاءها يرفضون إقحام الملفات الإقليمية خاصة البحرين وسوريا في المفاوضات التي تجريها مجموعة «5 1» والوكالة الدولية للطاقة الذرية مع إيران بشأن برنامجها النووي المثير للجدل». وأضاف أن «طهران تنهج طريق التحدي والإنكار بدل الحوار في محادثاتها المتعلقة بالملف النووي».
وقال السفير الفرنسي إن «بلاده تتخذ تدابير حازمة للقضاء على الإرهاب ومحاربة دعوات القتل والتخريب والاعتداءات». وإلى نص الحوار:
علاقات متميزة
* كيف تقيمون العلاقات البحرينية الفرنسية في ظل التطورات الإقليمية والدولية الحالية؟
تعرف فرنسا وتقدر حق تقدير مساهمة البحرين في مسار السلام والاستقرار الإقليمي، وكذلك جاهزيتها للمشاركة في أعمال المجتمع الدولي المرتبطة بالأمن في المنطقة، وتشترك مع بلدنا في تحليلات متقاربة جداً، ربما ليست متماثلة، وكذلك رهانات إقليمية ودولية، لذلك فنحن ندخل في حوار دائم وأساسي مع السلطات البحرينية، على كل المستويات، وأود أن أشير في هذا الصدد إلى التقارب في وجهات النظر، فيما يتعلق بالملفات الجوهرية التي تخص السلام والاستقرار وكذلك ملفي مالي وسوريا.

* الزيارة الأخيرة لجلالة الملك إلى فرنسا شهدت تعاوناً في مجالات شتى بين المنامة وباريس، ما تعليقكم على نتائج تلك الزيارة على كافة المستويات، العسكرية والاقتصادية والأمنية؟
أعطت الزيارة التي قام بها جلالة الملك منذ ما يقارب السنة دفعاً حاسماً لتعاوننا الثنائي، وسرعان ما حددت اللجنة العليا التي تم تكوينها، بطلب من رئيس فرنسا وملك البحرين، الأولويات والأهداف التي سيتم تنفيذها في مجالات التعاون، خصوصاً تطوير اللغة الفرنسية والثقافة بشكل عام والإعلام، وكذلك التعاون الاقتصادي بمعنى التبادلات الاقتصادية والاستثمارات في كلا الاتجاهين.

* كيف تقيمون الاتفاقية الموقعة بين شركة ألمنيوم البحرين «ألبا»، وبنك «بي إن بي باريبا» لتوسعة مصهر الشركة بتكنولوجيا فرنسية متطورة بقيمة 2.5 مليار دولار؟
كما تتذكرون فإنه تم توقيع اتفاق بين «ممتلكات» وبنك «بي ان بي باريبا» بمناسبة زيارة جلالة الملك إلى باريس في يوليو 2012، وهذا الاتفاق يوكل إلى البنك الفرنسي مهمة الهندسة المالية لمشروع تنفيذ خط إنتاج سادس في مصنع شركة ألمنيوم البحرين «ألبا»، و يعتبر اختيار بنك «بي ان بي باريبا» للقيام بهذه المهمة المالية دليل ثقة تجاه هذه المؤسسة المالية التي ظلت وفية للبحرين في كل الظروف والتي تتمتع بحرفية معترف بها على المستوى العالمي.

* ما طبيعة عمل اللجنة المشتركة بين البلدين في إطار اتفاقية التعاون العسكري بين الحكومتين؟ ومتى تبدأ اللجنة عملها؟
يقضي الاتفاق العسكري الذي تم إبرامه سنة 2009 بإنشاء لجنة متابعة يتم تأسيسها بصفة طبيعية حالما يدخل هذا الاتفاق حيز التنفيذ، وفي هذه الأثناء، فإن حواراً ثنائياً واثقاً وبناءً يتواصل بين البلدين خاصة بمناسبة الزيارات المنتظمة التي تقوم بها سلطاتنا العسكرية «رئيس هيئة الأركان في ديسمبر 2012، ومساعده في مارس الماضي، وقائد القوات الفرنسية في المحيط الهندي بصفة مستمرة»، وكذلك مرسى سفننا العسكرية بصفة منتظمة، ومشاركتها في التمارين العسكرية مثل تلك التي تم القيام بها في مجال مكافحة الألغام تمثل مناسبات عديدة للقيام بلقاءات للتعاون. كما إنني أذكر التمرين العسكري الثنائي الذي تم القيام به في مارس الماضي مع قدوم 3 طائرات من طراز «رافال»، وهو ما تم الإشادة به من كلا الطرفين، وفي الختام أود أن أنوه إلى أن المعارض المتخصصة «معرض بورجاي بفرنسا ومعرض البحرين الجوي الدوليBIAS «، تُمكن كذلك من التبادلات المفيدة.

* ما حجم التبادل التجاري بين البحرين وفرنسا؟ وما قيمة الصادرات والواردات بين البلدين؟
أنا سعيد جداً لكون المبادلات الفرنسية البحرينية وصلت إلى قيمة رمزية تقدر بمليار يورو «1.33 مليار دولار» السنة الماضية، كما وصلت الصادرات الفرنسية إلى 600 مليون دولار بالمقارنة مع مليون يورو «1.33 مليون دولار»، بالنسبة إلى الصادرات من البحرين إلى فرنسا، وهذه الأرقام تؤكد على أنها تتوجه نحو الارتفاع المتزايد منذ بضع سنوات، مع تراجع ضئيل في 2011 سرعان ما تمت معالجته. وتعتبر النتائج الأولى التي تم تحقيقها خلال الربع الأول من سنة 2013 مشجعة جداً، وتظهر أن هذا التوجه الإيجابي سيستمر.
ديمقراطية البحرين
* يقول مراقبون وسياسيون إنه منذ تولي جلالة الملك مقاليد الحكم، وقد شهدت البحرين إصلاحات شاملة أشاد بها المجتمع الدولي، تضمنت عودة المبعدين، وإطلاق ميثاق العمل الوطني، وإجراء انتخابات بلدية ونيابية.. كيف تقيمون تلك الإصلاحات؟
ليست الديمقراطية كلمة مجردة في البحرين، فلقد تم القيام بتطورات مهمة تحت حكم جلالة الملك وخاصة على أساس الميثاق الوطني، الذي تم التصويت عليه من طرف الشعب البحريني، وقد لعبت المملكة دوراً رائداً في إنشاء مؤسسات تمثيلية وتجربة برلمانية تتميز بانتخابات منتظمة، تؤهلها لنيل هذه الخصوصية المميزة في المنطقة.

* منذ اندلاع الأحداث في البحرين في 14 فبراير 2011، ومملكة البحرين تقدم خطوات عملية للخروج من الأزمة، تمثلت في مبادرة ولي العهد ثم الدعوة لحوار وطني شامل شارك فيه مختلف شرائح المجتمع البحريني، وتشكيل لجنة تقصي الحقائق، والقبول بتوصيات اللجنة والتعهد بتنفيذها، وإجراء تعديلات دستورية تعطي مجلس النواب صلاحيات أكبر، وعلى الجانب الآخر تبقى المعارضة في سعيها نحو التأزيم وعدم القبول بأية حلول.. كيف تقيمون الموقف السياسي في ظل تلك الوقائع؟
لطالما أشادت فرنسا بمبادرات صاحب الجلالة لتخطي الأزمة الخطيرة في 2011 لاسيما من خلال تنفيذ التوصيات التي وردت في تقرير بسيوني ولطالما عبرت السلطات الفرنسية عن استعدادها لتقديم خبرتها وتعاونها في هذا المجال كما كان الحال بالنسبة إلى المجال الإعلامي خاصة.
إيقاف العنف
* كيف تقيمون دعوة جلالة الملك للقوى السياسية في البحرين للمشاركة في الحوار الوطني الذي انطلق في فبراير الماضي؟
لقد أشدنا بدعوة ولي العهد التي قام بها بمناسبة «حوار المنامة» في شهر ديسمبر الماضي، وبالتأكيد فإن جلسات الحوار الوطني العشرين لاتزال استكشافية، و لكن المهم هو أن تبقى قناةُ التواصل هذه التي أبرزت كل الجهات المعنية ارتباطها بها مفتوحة، وأن تصل إلى اقتراحات توافقية وبناءة، تكون حاسمة، لكي تجد مملكة البحرين من جديد هذا «العقد الاجتماعي» الذي يشكل تميزها و ثراءها.

* كيف ترون الاحتجاجات المسلحة التي تشهدها البحرين بين فترة وأخرى؟ وما رأيكم في فتوى رجال دين تدعو لسحق رجال الأمن واستخدام العنف، فيما لا تدين المعارضة الإرهاب؟
قلنا وكررنا القول بأن إدانة العنف وبالطبع إيقافه هي الشروط الأساسية لمواصلة المسار الإصلاحي بالبحرين، ومن هذا المنطلق فإنه يتوجب على كل طرف أن يحدد استراتيجيته السياسية، في إطار احترام التعددية من جهة والسلم المدني من جهة أخرى.
هيبة الدولة
* دول عربية وغربية قررت السماح لرجال الشرطة بالدفاع عن أنفسهم واستخدام القوة لوقف الاعتداءات التي قد يتعرضون لها من مثيري الشغب.. كيف تقيمون ذلك الموقف؟
لابد من تنفيذ عقوبات صارمة ضد المعتدين على رجال الأمن في أي بلد حول العالم سواء في البحرين أو في فرنسا أو في أية دولة، لأن الاعتداء على رجال الأمن هو اعتداء على الدولة، ومن هنا لابد أن يكون الموقف تجاه تلك الاعتداءات قوياً وليس ضعيفاً، وسلطات كل دولة تحدد العقوبات التي تراها مناسبة.
محاربة الإرهاب
* فرنسا اتخذت إجراءات صارمة لمحاربة الإرهاب والتطرف، تمثلت في اعتقال أشخاص اتهمتهم بالدعوة للقتال عبر الإنترنت، كما حظرت الاطلاع على المواقع المتطرفة، وتوعدت بمنع أشخاص مشكوك في فكرهم من دخول أراضيها، وطردت أشخاصاً يشكلون خطراً على أمنها.. كيف تقيمون تلك الإجراءات؟
إن القضاء على الإرهاب هو أحد محاور السياسة الفرنسية التي وكما تعلمون عانت في الصميم من الاعتداءات الموجهة من الخارج، ولقد اتخذت فرنسا تدابير قانونية لمحاربة كل ما يتعلق بدعوات القتل والتخريب أو الاعتداءات وذلك في إطار احترام القوانين ولكن بكل عزم. و لقد أكدت الأحداث الأخيرة التي جدت بفرنسا والتي شاهدها الكل عبر شاشات التلفاز على حزم السلطات السياسية والأمنية لمنع وردع أعمال العنف التي تخرج عن إطار حرية التعبير السياسي والتي كما يعلم الجميع نوليها اهتماماً شديداً.
«دول التعاون» وفرنسا
* كيف تقيمون علاقات فرنسا بمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي؟
لقد أبدت فرنسا منذ تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربي اهتماماً بهذه المؤسسة الإقليمية التي تجمع دولاً متشابهة والتي تربطها بها بصفة تقليدية علاقات وطيدة وأخوية ما فتأت تتطور في كل الميادين، ونحن سعداء في هذا الصدد أن يعقد الاجتماع المقبل مع الاتحاد الأوروبي بالمنامة، مع العلم أن البحرين من أكثر البلدان ارتباطاً بالعمل المشترك داخل مجلس التعاون لدول الخليج العربي، وبتعزيز العلاقات مع أوروبا.
تهديدات «إيران النووية»
* كيف تقيمون المفاوضات الدولية حول الملف النووي الإيراني؟
يؤكد التقرير الأخير للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو أنه فيما يتعلق بالجانب النووي فإن إيران تواصل انتهاج طريق التحدي والإنكار بدل الحوار، وهو اختيار نأسف له مرة أخرى. وبالفعل فإن هذا التقرير يؤكد على أن إيران واصلت التعمق في أنشطتها النووية، خارقة بذلك عدة قرارات من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ومجلس المحافظين التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتزيد إيران خاصة من قدراتها على تخصيب اليورانيوم، وتتدرج في بناء مفاعل بالمياه الثقيلة قادر على إنتاج البلوتونيوم.
ومنذ 18 شهراً، ورغم مطالبات المجتمع الدولي، فإن إيران ترفض الدخول في محادثات أساسية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول المشاكل التي يثيرها برنامجها النووي.
ورغم تأكيداتها فإن إيران تواصل عدم تقديم أي دليل يخص الطابع السلمي لبرنامجها النووي، وهذا الموقف يتعارض مع استعادة الثقة التي تحدثت عنها السلطات الإيرانية خلال اجتماع إيران ومجموعة دول «5 1» * الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا، والصين إضافة إلى ألمانيا * الذي انعقد في ألماتي بكازاخستان 27 فبراير الماضي.

* كيف تقيمون دعوة إيران بإدراج الأوضاع في البحرين وسوريا على طاولة المباحثات مع دول «5 1»؟
لدى فرنسا و شركائها موقف ثابت وحازم بهذا الخصوص، وهو موقف معروف لدى السلطات البحرينية، ويتمثل في رفض إقحام النقاش حول ملفات إقليمية أخرى في الملف النووي.

* تهدد إيران بين فترة وأخرى بإغلاق مضيق هرمز.. هل تتوقعون أن تنفذ إيران تهديدها؟ وما هي السبل لمنعها من التصعيد، خاصة مع تشديد المنامة وباريس على ضمان حرية الملاحة في الخليج العربي، إضافة إلى أن 40% من شاحنات النفط العالمي المنقول بحراً يمر عبر ذلك المنفذ الحيوي؟
بوجه عام، المجتمع الدولي لن يصمت على أي تهديد لضمان حرية الملاحة في الخليج العربي تؤدي إلى تأثير سلبي على الاقتصاد العالمي، وأية دولة تقدم على محاولة إغلاق مضيق هرمز سيتم اتخاذ إجراءات وعقوبات من قبل المجتمع الدولي ضدها، لكن هذا الأمر يدرس في حينه وقت وقوعه، ولا نستطيع التنبؤ بالعقوبات الآن، لكن من المؤكد أن هناك إجراءات تتخذ للحفاظ على الملاحة البحرية في مضيق هرمز.
إرهاب «حزب الله»
* هل تتوقعون أن يدرج الاتحاد الأوروبي الجناح العسكري لـ «حزب الله» الشيعي اللبناني على لائحة الإرهاب؟
يتمثل الموقف الفرنسي في إدراج الجناح العسكري لحزب الله على لائحة المنظمات الإرهابية، وهذا سيؤدي إلى عقوبات أخرى وقرارات ونتائج أخرى، ورغم أن الجناح السياسي لـ «الحزب» ناشط في الحياة السياسية في لبنان، لكنه يتجاوز الدولة اللبنانية. لأن «حزب الله» لم ينخرط كلياً في سوريا فحسب، بل اعترف بذلك، وبقراره التدخل بصفة كلية في سوريا، لذلك فلقد خرق «حزب الله» هذا التوافق. إن الحرب في سوريا ليست حرب اللبنانيين وتصديرها للبنان أمر خطير على أمنه وعلاقاته، كما يبين ذلك تصاعد التوترات داخل البلاد، وتولي فرنسا اهتماماً باستقرار لبنان وبعلاقاتها مع كل الأطياف اللبنانية. نحن ندعو جميع الأطراف اللبنانية لاحترام الالتزامات المنصوص عليها في إعلان بعبدا بتاريخ 15 يونيو 2012، والتي تهدف إلى إبعاد لبنان عن الحرب في سوريا.
لكن فرنسا ترحب أيضاً بإدراج «جبهة النصرة» السورية على قائمة العقوبات الصادرة عن الأمم المتحدة ضد «القاعدة». وهذا القرار يترتب عليه تجميد أصول هذه المنظمة وحظر الأسلحة عنها. إن القضاء على الإرهاب مهما كانت أشكاله ومظاهره هو أولوية بالنسبة لعملنا الدبلوماسي، وهذا ينبع من كون المنظمة اعترفت بنفسها، بأنها امتداد للقاعدة في العراق.

* كيف ترون الأوضاع في سوريا، خصوصاً مع اتفاق البحرين وفرنسا على ضرورة إنهاء الأزمة بشكل عاجل، ووقف سفك دماء الأبرياء، وكيف ترى فرنسا دعم روسيا وإيران و»حزب الله» لنظام الرئيس بشار الأسد؟ وهل تتوقعون أنه من الممكن التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، دون التدخل العسكري؟
الموقف الفرنسي معروف وقد أكد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس مرة أخرى مساندة فرنسا التامة للائتلاف الوطني السوري من أجل التوصل لحل سياسي في سوريا.
وفي الوقت الذي سيمكن فيه من الجمع بين المعارضة وأعضاء نظام بشار الأسد لأول مرة في «مؤتمر جنيف 2»، فإن فرنسا تعتقد أنه من الضروري أن تكون المعارضة جبهة متحدة تمثل كل الأطياف والتيارات السياسية، وذلك لكي تدافع عن تطلعات الشعب السوري.
ولهذا السبب، فإن فرنسا تحيي الاتفاق الذي أبرم يوم 30 مايو الماضي بإسطنبول والذي يمكن من امتداد المؤسسات القيادية في الائتلاف لأعضاء جدد وبالتالي إدراج قوى سياسية جديدة وممثلين عديدين من داخل البلاد عن المنظمات المدنية التابعة للمعارضة وكذلك هيئة الأركان المشتركة.
أما فيما يتعلق بإيران، فإنها لم تبرهن على رغبتها الفعلية في التوصل إلى حل سياسي في سوريا، وهي لم تنضم أبداً إلى مبادئ جنيف التي تنص على نقل كل السلطات التنفيذية لسلطة انتقالية يتم تعيينها عبر توافق متبادل بين أطراف المعارضة، وأعضاء النظام السوري الذين لم تتلطخ أياديهم بالدماء.
?تسليح المعارضة السورية
* فرنسا أعلنت في الآونة الأخيرة تأييدها لتسليح المعارضة السورية، ما الجديد في هذا الأمر؟
هناك موقف مبدئي بتسليح المعارضة السورية، ولكن هناك تحديات تواجه ذلك القرار، وهو الحرص على أن تقع الأسلحة في أيد أمينة تحسن استخدامها في الدفاع عن نفسها ضد نظام الرئيس بشار الأسد، فعلى سبيل المثال من دمشق إلى حلب هناك أكثر من 30 نقطة تفتيش، ومن حمص لحماة أكثر من 15 نقطة تفتيش، لذلك فإن تنفيذ قرار تسليح المعارضة يحتاج إلى ترتيبات وإجراءات.

* كيف تقيّم فرنسا الأوضاع في دول ما يسمى بـ «الربيع العربي»؟ وما موقفها مما يحدث في تلك الدول؟
كل بلد من بلدان الربيع العربي لها مميزاتها الخاصة، فهنالك تغيرات تحدث أحياناً، وإن هذه البلدان تواجه مشاكل، لكننا نعتبر أنها تنتمي إلى مسار طويل وعسير في حد ذاته، وكما ذكّر ذلك رئيس الجمهورية فرنسوا هولاند مؤخراً فإن «دبلوماسيتنا يجب أن تؤكد على الديمقراطية والتحولات التي يمكن أن تتوصل إليها»، فنحن ندعم مسار الانتقال في ليبيا وتونس ومصر، الذي يجب أن يُمكّن من تلبية التطلعات المتعلقة بالعدالة والحرية والتعددية التي نادى بها كل من تظاهروا.