عواصم - (وكالات): بدأت عناصر من قوات البشمركة أمس التوجه من إقليم كردستان العراق عبر تركيا وصولاً إلى شمال سوريا، للانضمام إلى المقاتلين الأكراد الذين يدافعون منذ قرابة 40 يوماً عن مدينة عين العرب «كوباني» السورية الحدودية مع تركيا في وجه هجوم تنظيم الدولة الإسلامية «داعش». وأكدت تركيا أنه بإمكان هؤلاء المقاتلين العبور إلى عين العرب «في أي لحظة»، مع تكرار موقفها المنتقد للمقاتلين الأكراد في المدينة، التابعين لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي تعتبره أنقرة تنظيماً «إرهابياً». في غضون ذلك، تواصلت المعارك في عين العرب بين عناصر التنظيم المتطرف الذين يسيطرون على أجزاء من المدينة ويحاولون قطع الطريق بينها وبين الحدود التركية، والأكراد المدعومين بضربات جوية من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، حيث شن التحالف 13 غارة على مواقع التنظيم بسوريا والعراق.
وذكرت تقارير أن قرابة 40 آلية عسكرية تغادر قاعدة للبشمركة شمال شرق مدينة إربيل عاصمة كردستان العراق. وزودت بعض الآليات برشاشات ثقيلة، في حين أمكن رؤية شاحنتين تجران مدفعين ميدانيين، وبعض راجمات الصواريخ الصغيرة. وأكد ضابطان من البشمركة أن القوات التي غادرت القاعدة، ستتجه براً إلى الأراضي التركية عبر محافظة دهوك الحدودية شمال العراق.
وقال أحدهما مفضلاً عدم كشف اسمه إن «40 مركبة تحمل رشاشات وأسلحة ومدافع، مع 80 من قوات البشمركة، ستتجه براً إلى دهوك «المحافظة الحدودية مع تركيا في شمال العراق»، وستعبر إلى تركيا. وبحسب المصدر نفسه، من المقرر أن «ينتقل 72 آخرون عن طريق الجو فجر أمس».
وقبل مغادرة الرتل القاعدة، تحدثت تقارير عن عشرات عناصر البشمركة يحزمون أمتعتهم ويجهزون رشاشات ثقيلة ومدافع ويضعونها في الشاحنات. وأجاز برلمان كردستان العراق الأربعاء الماضي إرسال المقاتلين للانضمام إلى عناصر «وحدات حماية الشعب» الكردية المدافعة عن عين العرب. وأكد المتحدث باسم البشمركة هلكورد حكمت في تصريحات سابقة، أن العناصر المرسلين إلى عين العرب سيكونون بمثابة «قوات دعم».
وأعلنت أنقرة في 20 أكتوبر الجاري أنها ستسمح للمقاتلين الأكراد العراقيين، بعبور أراضيها نحو عين العرب، على رغم انتقاداتها للمقاتلين الأكراد السوريين. وأكد وزير الخارجية التركي مولود شاوش أوغلو «الآن ليست هناك مشكلة سياسية، لا مشكلة لعبورهم الحدود إلى عين العرب، يستطيعون العبور في أي لحظة».
ورأى رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو في مقابلة مع تلفزيون «بي بي سي»، أن على الولايات المتحدة «أن تجهز وتدرب الجيش السوري الحر «المدعوم من دول عدة بينها تركيا»، بحيث لا يحل نظام الرئيس بشار الأسد محل تنظيم الدولة الإسلامية إذا ما انسحب من عين العرب، ولا يحل إرهابيو حزب العمال الكردستاني محله».
وصرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن حزب الاتحاد الديمقراطي الذي تتبع له وحدات الحماية، وهو بمثابة الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، غير متمسك بـ «وصول البشمركة إلى كوباني والسيطرة عليها»، واصفاً هذا الحزب بالمنظمة «الإرهابية».
وتتهم أنقرة حزب الاتحاد بأنه مقرب من نظام الأسد، وبأنه ذراع حزب العمال الذي يخوض تمرداً مسلحاً منذ 3 عقود في تركيا بهدف الاستقلال. في المقابل، قامت أنقرة في السنوات الأخيرة بتحسين علاقاتها تدريجاً مع كردستان العراق.
ولم تعلق الحكومة المركزية في بغداد على قرار الإقليم إرسال عناصر من البشمركة التي تخوض معارك على جبهات عدة ضد «الدولة الإسلامية» شمال العراق. إلا أن نواباً عراقيين شككوا في دستورية الخطورة، معتبرين أن شؤون الأمن القومي والسياسة الخارجية ضمن صلاحيات رئيس الوزراء.
إلا أن نواباً آخرين دافعوا عن الخطوة، معتبرين أن «الإرهاب موضوع عالمي»، وأن قتال التنظيم المتطرف الذي يسيطر على مناطق واسعة في العراق وسوريا «يصب في مصلحة الشعب العراقي».
من جانبها، قالت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية إن إيران اتهمت تركيا بإطالة أمد الصراع المستمر منذ 3 سنوات في سوريا من خلال الإصرار على الإطاحة بالرئيس بشار الأسد ودعم «الجماعات الإرهابية» في سوريا.
إلى ذلك، واصل طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة قصف مواقع «الدولة الإسلامية» في عين العرب. وأعلنت القيادة الوسطى الأمريكية أن مقاتلات حربية نفذت 13 غارة على مواقع التنظيم بسوريا والعراق.
وفي العراق، قالت القيادة الوسطى إن مقاتلات أمريكية ومن دول التحالف، شنت 9 غارات بينها 4 في محيط سد الموصل. وكانت الموصل، كبرى مدن شمال العراق، أولى المناطق التي تسقط بالكامل في يد التنظيم نتيجة هجومه الكاسح في يونيو الماضي، والذي أدى إلى سيطرته على مناطق واسعة في محافظات صلاح الدين ونينوى وكركوك وديالى. وحقق التنظيم في الأسابيع الماضية، تقدما إضافياً في محافظة الأنبار الحدودية مع سوريا، وباتت بمعظمها تحت سيطرته.
وقتل 9 من عناصر «داعش» في كمين نصبه لهم مقاتلون من «وحدات حماية الشعب» الكردي شرق مدينة عين العرب، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وفي إطار البروباغندا الإعلامية، بث التنظيم شريط فيديو يظهر فيه المصور الصحافي البريطاني المحتجز لديه جون كانتلي، وهو يدلي برسالة قال إنها من داخل عين العرب، في محاولة لإثبات إنه يمسك بالأرض فيها.
إنسانياً، دعت الأمم المتحدة أمس في برلين إلى زيادة المساعدات المالية الدولية للدول المجاورة لسوريا، وبينها لبنان، التي تعاني من تدفق 3 ملايين لاجئ هربوا من الحرب الأهلية في سوريا.
وقال المفوض الأعلى للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس لدى افتتاح مؤتمر دولي يضم أكثر من 40 ممثلاً لدول ومنظمات دولية في العاصمة الألمانية، إن «الدول التي تستقبل لاجئين سوريين بحاجة إلى دعم مالي أكبر بكثير وهي تستحقه».