كتبت- زهراء حبيب:
حكمت المحكمة الكبرى الإدارية بوقف نشاط جمعية الوفاق الإسلامية مدة 3 أشهر وإلزامها بإزالة المخالفات، وبينها عقدت مؤتمراتها العامة في دور عبادة، والامتناع عن موافاة وزارة العدل بآليات عقد المؤتمرات ومحاضر الحضور والتصويت.
وجاء الحكم بعد أن نظرت المحكمة في دعوى رفعها وزير العدل يطالب فيها بوقف نشاط جمعية الوفاق الإسلامية لمدة ثلاثة أشهر لحين إزالتها أسباب المخالفات وعقد مؤتمرها العام على النحو الصحيح وانتخابها لقياداتها وفقاً لما يقتضيه قانون الجمعيات السياسية وإلزامها بالمصاريف.
وأشار وزير العدل في دعواه إلى أن «الجمعية أعلن عنها كجمعية سياسية بموجب قرار العدل رقم 38 لسنة 2005 صدر في 13 ديسمبر 2005 وخلال مباشرتها لنشاطها لم تلتزم الجمعية بالإجراءات والضوابط التي حددها المشرع فيما يخص عقد مؤتمراتها العامة، ومخالفتها لما ورد بنظامها الأساسي وأحكام القانون رقم (26) لسنة 2005 الخاص بالجمعيات السياسية».
وكشفت المحكمة في حيثيات حكمها أن «الجمعية عقدت مؤتمرها العام لانتخاب قياداتها خلال أعوام 2010 ، 2012 ، 2013، 2014 في إحدى دور العبادة وهو مخالف للنظام الأساسي للجمعية المدعى عليها ولأحكام القانون رقم (26) لسنة 2005 للجمعيات السياسية، كما امتنعت الجمعية عن موافاة وزارة العدل بآليات عقد المؤتمرات، والمحاضر الخاصة بكيفية الدعوة لاجتماع المؤتمر العام، ومحاضر الحضور والتصويت، والتقارير التي عرضتها الأمانة العامة على المؤتمر».
وتطرقت المحكمة إلى مواد عدة من قانون الجمعيات السياسية التي تنظم عمل الجمعية، مشيرة إلى أنه «كان من الواجب على الوفاق السير على نهجها، لكنها جاءت بمخالفات صريحة لتلك المواد».
وأوضحت المحكمة في حيثيات الدعوى أن المادة الأولى من القانون رقم 26 لسنة 2005 في شأن الجمعيات السياسية تنص على أن «للمواطنين - رجالاً ونساءً - حق تكوين الجمعيات السياسية، ولكل منهم الحق في الانضمام لأي منها، طبقاً لأحكام هذا القانون»، فيما تنص المادة الثانية على أنه «لا تعتبر جمعية سياسية كل جمعية أو جماعة تقوم على محض أغراض دينية أو علمية أو اجتماعية أو ثقافية أو رياضية أو مهنية».
تنص المادة الرابعة، التي استعرضتها المحكمة، على أن»يشترط لتأسيس أية جمعية سياسية أو استمرارها أن يكون للجمعية نظام أساسي مكتوب موقع عليه المؤسسين، وألا يقل عدد المؤسسين لأية جمعية عن خمسين عضواً»، بينما جاء بالمادة السادسة أنه» يجب أن يشتمل النظام الأساسي للجمعية على القواعد التي تنظم كافة شؤونها السياسية والتنظيمية والمالية والإدارية بما يتفق وأحكام هذا القانون».
ولفتت المحكمة إلى أن «النظام يحظر استخدام مؤسسات الدولة والعامة ودور العبادة والمؤسسات التعليمية لممارسة نشاطها، وشروط العضوية في الجمعية وقواعد وإجراءات الانضمام إليها والفصل من عضويتها والانسحاب منها، بما لا يتضمن التفرقة بسبب العقيدة الدينية أو الجنس أو المركز الاجتماعي وما لا يتفق مع أحكام الدستور والقانون». وذكرت المحكمة أن المادة (12) من القانون ذاته تنص على أنه «يكون اختيار قيادات الجمعية بالانتخاب عن طريق المؤتمر العام للجمعية، على أن يجدد هذا الاختيار كل أربع سنوات على الأكثر وفقاً للإجراءات التي يقررها النظام الأساسي للجمعية».
واستعرضت المحكمة المادة (18) التي تنص على أنه « يجب على الجمعية أن تخطر وزير العدل - بكتاب يودع في ديوان الوزارة مقابل إشعار بالتسلم - بأي قرار تصدره الجمعية بتغيير رئيسها أو أي من قياداتها أو بحل الجمعية أو اندماجها أو بأي تعديل في نظامها الأساسي، خلال 10 أيام من تاريخ صدور القرار».
وتنص المادة (22) من القانون ذاته، بحسب سرد المحكمة، على أنه « يجوز لوزير العدل إذا خالفت الجمعية أحكام الدستور أو هذا القانون أو أي قانون آخر أن يطلب من المحكمة الكبرى المدنية بناءً على دعوى يقيمها، الحكم بإيقاف نشاط الجمعية لمدة لا تزيد على 3 أشهر تقوم خلالها بإزالة أسباب المخالفة».
وأشارت المحكمة إلى أن «المشرع أجاز للمواطنين حق تشكيل الجمعيات السياسية أو الانخراط فيها، إيماناً منه بأهمية الدور الذي تؤديه الجمعيات السياسية في المشاركة في الحياة السياسية وتعزيز مبادئ الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي، لكن وضع ضوابط وإجراءات لتلك الممارسات لضمان عدم الانحراف في ممارسة النشاط السياسي عن الأهداف المرجوة من تأسيس تلك الجمعيات».
وتابعت المحكمة: «أناط المشرع بوزير العدل - باعتباره القوَام على تطبيق أحكام قانون الجمعيات السياسية- الرقابة أداء الجمعيات، وتصحيح أوضاعها كلما خالفت طبيعة واجباتها، كما أعطاه المشرع الحق بطلب من المحكمة الكبرى المدنية، الحكم بإيقاف نشاطها لمدة لا تزيد عن 3 أشهر لإزالة أسباب المخالفة، وذلك بناء على دعوى يرفعها الوزير، وذلك حفاظاً على استقرار المجتمع وتحقيق أمنه والأمان لأفراده».
وأكدت المحكمة أن «الثابت من الأوراق أن الجمعية عقدت مؤتمرها العام لانتخاب قياداتها خلال أعوام 2010 ، 2012 ، 2013، 2014 جاء مخالفاً للنظام الأساسي للجمعية المدعى عليها ولأحكام القانون رقم (26) لسنة 2005 للجمعيات السياسية، بعقدها تلك المؤتمرات في أحد دور العبادة وهو أمر مخالف لنص المادة 6 فقرة 4 من القانون ذاته». وأضافت المحكمة أن «الجمعية امتنعت عن موافاة وزارة العدل بآليات عقد المؤتمرات، والمحاضر الخاصة بكيفية الدعوة لاجتماع المؤتمر العام، ومحاضر الحضور والتصويت، والتقارير التي عرضتها الأمانة العامة على المؤتمر ، كما هو ثابت بخطاب المدعى عليها والموجه إلى وزارة العدل في 9 مارس2010، ما يعد مخالفة لأحكام المادة (18) من القانون، ولا ينال من ذلك المبررات التي ساقتها الجمعية من أن نص هذه المادة لا يلزمها بتقديم التقارير التي عرضتها الأمانة العامة على المؤتمر، أو أية قرارات متعلقة بآليات عقد المؤتمر العام ، ما تكون معه في حل من إجابة الوزارة إلى طلبها في شأن هذه البيانات أو القرارات». وأشارت المحكمة إلى أن «المبررات التي تمسكت بها الجمعية، يرتكز على فهم خاطئ لأحكام القانون، ما يجعل ممارستها لنشاطها يتسم بالضبابية وبمنأى عن أية رقابة قانونية».
وخلصت المحكمة في ختام حيثياتها إلى أن «الجمعية خالفت أحكام القانون رقم (26) لسنة 2005 في شأن الجمعيات السياسية، وبما يتعين معه إجابة المدعى إلى طلبه بوقف نشاط الجمعية المدعى عليها لمدة ثلاثة أشهر، لقيامه على سند صحيح من الواقع والقانون»، قبل أن تقضي المحكمة بوقف نشاط جمعية الوفاق الإسلامية لمدة ثلاثة أشهر مع إلزامها بإزالة أسباب المخالفة ،وألزمتها بالمصروفات. ترأس الجلسة القاضي جمعة الموسى، وعضوية القضاة محمد توفيق وأشرف عبدالهادي، وأمانة سر عبدالله إبراهيم.