ولدت 1910
في سوربايا بإندونيسيا لأبوين من حضرموت
عكفت على قراءة مجلدات من مجلة المنار والهلال في مكتبتي
أرسلني أبي لحضرموت لتعلم العربية وعلوم الدين فظهر نبوغي مبكراً
فقدت زوجتي بعد مرضٍ عضال فهاجرت إلى عدن 1932
بحثت عن العاملين لنصرة الإسلام منذ تفتح وعيي الإصلاحي
عملت مدرساً للغة الإنجليزية لـ 14 عاماً في المنصورة والقاهرة
دراستي للأدب الإنجليزي أسهمت في تنوع مصادر ثقافتي
حصلت على الجنسية المصرية 1951 وتوفيت وأنا مدير لمكتب الرقابة
حوار متخيل أجراه علي الشرقاوي:
علي أحمد باكثير، أحد الأسماء المضيئة في تاريخ الأدب والمسرح العربي المعاصر، كتب أكثر من 40 مسرحية إلى جانب دواوين شعر مطبوعة وأخرى مازالت مخطوطة. وعبر هذا الحوار المتخيل مع باكثير؛ ينتقل بنا الكاتب الشهير لمراحل حياته، المرافقة لمحطات إنتاجه الإبداعي.
الشرقاوي: أسألك قبل كل شيء.. هل تعتقد بخلود الأدب؟
باكثير: لا شيء خالد في هذا الزمان إلا خلود الرحمن، والأدب كغيره من النشاطات الإنسانية قد يبقى وبتداوله الإنسان إذا كان يعبر عن الإنسان وحلمه بحياة أفضل خالية من الحقد والكراهية.
* لكن هناك الكثير من الأعمال السيئة التي تبقى وتنتقل من عصر إلى آخر ويقرأها الناس بشغف.
- إنك يا بني تتحدث عن مرحلتك، ربما أن هذه الأعمال تقرأ الآن بشغف كما تقول، لكن من الذي يضمن بأن هناك من سيقرأها بعد عدة قرون وسنوات؟!. البشرية يا بني، بين عصرٍ وآخر تغير جلدها، وربما تبقى لعدة قرون، يحتفى بها إلى أن يصل العالم إلى مرحلة لا يحتاج فيها لمثل تلك الكتابات والتجارب.
* وما كتاباتك التي ستخلد برأيك؟
- علم هذا عند ربي.. المهم أنني حاولت بكل ما أملك من حب لوطني وغيرة على الدين ورغبة عارمة في توحيد الإنسان العربي والمسلم، أن أهب عمري لهذه الغاية، إن حققت بعض منها فإنني أقول الحمد لله الذي أعانني على ذلك، وإن لم أحقق أقول إنني ملكت شرف المحاولة.
* من أجل التعرف على هذه المحاولات، لابد أن تعيدنا لأماكن الولادة والشباب والتجارب الإبداعية.
- من أين تريدنا أن نبدأ؟! في حياتي الكثير من النقلات والانتقالات ويحتاج سردها إلى عشرات الحلقات الإذاعية والتلفزيونية؟
* لنبدأ من الولادة
- معنى هذا أنك تعيديني إلى إندونيسيا !
* فلتكن البداية من إندونيسيا
ولدت في سوربايا بإندونيسيا
* ولدت في مدينة سوربايا بإندونيسيا لأبوين يمنيين من حضرموت، في 1910 كما يذكر بعضهم.
- ولدت بسورابايا الإندونيسية العام 1903، واسمي الكامل هو علي بن أحمد بن محمد باكثير الكندي الحضرمي. وتلقيت بداية تعليمي بها في مدرسة الإرشاد الحضرمية هناك.
* ماذا عن رحلتك إلى حضرموت؟!
- التحقت منذ وصولي إلى سيئون (حضرموت) بمدرسة النهضة العلمية، وكانت تدرس العلوم الدينية والعربية، وارتقيت في دراستي إلى الصفوف العليا.
* أتذكر المشايخ الذين قرأت عليهم؟
باكثير: أذكر أنني قرأت على يد عمي الشيخ محمد بن محمد باكثير في زاويته كتب الفقه والنحو والأدب والعلوم، ووفقت ولله الحمد ـفي سنوات من حفظ كتاب الله، والإلمام بعلوم الفقه والحديث والسيرة.
* من خلال سيرتك الذاتية تبين لي أن لك ولعاً شديداً بالشعر القديم والحديث خصوصاً شعر أبي تمام؟
- قرأت مع رفيق صباي وزميل دراستي الشيخ عمر بن محمد باكثير في كتاب (نيل الأوطار) للشوكاني، و(سبل السلام) للصنعاني.
* وكيف رأيت واقع حضرموت؟
- كان واقعاً غارقاً في وحل الجهل والبدع والخرافات، وتمزقه عصبيات أسرية وقبلية، تقسم الناس إلى طبقات.. قسمة ما أنزل الله بها من سلطان.
* ماذا عن المجلات الأدبية والفكرية؟
- كانت توجد في مكتبتي الخاصة بسيئون مجلدات من مجلة المنار والهلال، وكنت أعكف على قراءتها في أوقات فراغي.
تعلمت العربية بحضرموت
* معنى هذا أنك تعرفت على اللغة العربية خلال دراستك على يد المشايخ؟
- ليس هذا وحسب، لقد أرسلني أبي صغيراً إلى حضرموت لتعلم العربية وعلوم الدين، فاتسعت مداركي وظهر نبوغي مبكراً.
* عرفت أنك انتقلت إلى عدن في تلك الفترة.. هل من سبب؟
- فقدت زوجتي الشابة بعد مرضٍ عضال سنة 1932، فلم أحتمل البقاء في حضرموت فهاجرت إلى عدن، وبقيت فيها قرابة عام.وكان ذلك من أجل الانضمام إلى نادي الإصلاح الإسلامي الذي أسسه الشيخ محمد بن سالم البيحاني، وارتبطت هناك بجماعة المصلحين في عدن ومنهم محمد على لقمان وعمر محيرز والمحضار والاصنج وغيرهم من المصلحين اليمنيين.
* لكنك لم تمض عاماً في عدن؛ حتى انطلقت مع وفد من المصلحين إلى الحبشة والصومال للإصلاح بين المغتربين اليمنيين الذين مزقهم التعصب الطائفي والسلالي والمذهبي.. صحيح؟
- انقسم الحضارمة المغتربون إلى (رابطة) تدعو للعلويين، و(إرشادية)، تضم غيرهم، لذا أنت داعية إلى الإصلاح، ولإنقاذ الناس.
* ماذا بعد رحلة الحبشة؟
- صـــبرت وتحملت كــــل أذى مقتديــــاً بالمصطفى وانتقلت إلى مرحلة جديدة في الدعوة تحمل هم الإسلام والمسلمين في كل مكان وليس في حضرموت فقط.
* ألهذا ارتحلت إلى الحجاز؟
- لألتقي هناك بإخواني الدعاة المصلحين من أقطار شتى، ولتتوسع مداركي وأطلع على مأساة المسلمين التي تفوق مأساة المسلمين في حضرموت وأتزود بما شاء الله أن يتزود من دروس العلم بالمسجد الحرام والمسجد النبوي.
* لنتحدث الآن عن الانتقال لمصر.. ما الذي دعاك إلى الذهاب للدراسة فيها؟
- في الواقع كان اسمي وشهرتي قد سبقتاني إلى مصر، حيث نشرت في بعض المجلات قصائد شعرية كمجلات «الفتح، البيان، الرسالة».
* ألم يكن لصديقك محب الدين الخطيب صاحب مجلة «الفتح» دور في ذهابك إلى مصر؟
- بالطبع.. كان له الدور الأكبر.
* قرأنا أنك أصدرت مجلة (التهذيب).. حدثنا عنها؟
- حاولت من خلالها أن أبث دعوتي الإصلاحية، ونشرت فيها مقالات لجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده،
* ماذا عن دراستك العليا؟
- وصلت مصر العام 1934، والتحقت بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وتخرجت سنة 1939، وحصلت على دبلوم التربية سنة 1940.
نويت دراسة الزراعة
* قبل أن نواصل الحديث في مجال الأدب والفكر.. قرأنا أنك كنت تنوي دراسة الزراعة؟
- هذا صحيح.. كنت أنوي التخصص في مجال الزراعة حتى أعود بشيء من عملي أخدم به شعبي في حضرموت لعله ينهض من قاع التخلف الزراعي والاقتصادي.
* ألا يكفي قيامك بالإصلاح الكلامي؟
- الكلام وحده لا ينفع ولا يقدم كسرة الخبز إلى الجائع. لا يمكن أن يتطور المجتمع إلا بالإصلاح العملي. ومحاربة الفقر والتخلف لا تأتي إلا بالأخذ بالأساليب العلمية الحديثة.
* فما الذي حدث وحول اهتمامك إلى الأدب والتربية؟
- لم أقبل في كلية الزراعة لعدم استيفائي شروطها.
كنت مصلحاً سياسياً
* المعروف أنك أحد العناصر النشطة في مجال الإصلاح السياسي في ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي.. هلا أوضحت لنا هذه المرحلة؟
- كنت أبحث عن المجاهدين العاملين لنصرة الإسلام منذ تفتح وعيي الإصلاحي في حضرموت، ثم توسع هذا الوعي في الحجاز عندما التقيت بالمصلحين والمجاهدين من أقطار إسلامية أخرى، وبدأت أراسل شخصيات إسلامية عديدة لها شهرتها في العالم الإسلامي كالأمير شكيب أرسلان، ومحب الدين الخطيب.
* وعندما وصلت مصر كان من الطبيعي أن تكون ضمن التيار العروبي الإسلامي في مواجهة التيارات التغريبية والإقليمية؟
- صحيح.. وكان الصراع في فلسطين يسير نحو الذروة بقيام ثورة القسام العام 1936، ثم ظهرت في الأفق المؤامرة الكبرى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لتقسيم العالم العربي والإسلامي بين الدول المنتصرة وإعطاء اليهود دولة في فلسطين.
* وكنت شعلة من الجهاد وجمرة من الأسى لحال الأمة الإسلامية التي تساق إلى مذابحها مستسلمة ذليلة، فماذا فعلت وأنت ترى هذا الوضع المتردي؟
- بدأت أجاهد بقلمي وأؤلف المسرحيات والروايات وأنظم القصائد محذراً تارةً ومستنهضاً الأمة تارةً أخرى ومحيياً المجاهدين الذين يلاحقهم الاحتلال وتنفيهم الأنظمة التابعة للأجانب.ولم أجد سوى جريدة (الإخوان المسلمون) اليومية، خصصت الصفحة الأخيرة من كل يوم أحد لأنشر فيها مسرحياتي السياسية القصيرة. وواصلت الكتابة منذ العام 1946 حتى أغلقت الجريدة سنة 1948.
* لقد رجح د.بابكر البابكري وهو الذي كتب العديد من الدراسات حول تجربتك الحياتية والأدبية، أن يكون انتقالك من المنصورة إلى القاهرة سنة 1947 بتوجيه من صديقيك حسن البنا وسيد قطب، لكي تكون قريباً منهما ومن الساحة الإعلامية والأدبية. - كانت صداقتي لحسن البنا وسيد قطب لا تخفى على الحكومة المصرية.
الحرب مع دعاة الفرعونية
* قرأت أن لك مناظرة مشهورة مع الكاتب الكبير عباس محمود العقاد؟ قلت له فيها «كنت أظن أنني سأجد عندك شيئاً جديداً أستفيد منه فلم أجد، وأنا واثق من أنك ستكتب عن الإسلام ورسوله والصحابة في المستقبل». * وفعلاً تحققت فراستك في العقاد الذي كتب روائع إسلامية عن حياة محمد صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين والصحابة. لكن حدثنا عن معاركك الفكرية والسياسية؟
- كانت معركتي الأولى في مصر مع دعاة الفرعونية فألفت مسرحية « إخناتون ونفر تيتي « التي حاربت فيها فكرهم غير السوي في فهم التاريخ والحياة.
* لكن إخناتون ونفرتيتي شخصيات فرعونية بعيدة عن مجالك وهو الفكر الإسلامي؟
- إن خلاصة رؤيتي للحضارات القديمة السابقة للإسلام كالفرعونية والحميرية والآشورية وغيرها أنها أصبحت ملكاً للعرب جميعاً وأن حضارة الإسلام قد شملت تلك الحضارات، فمن حق كل عربي أن يفتخر بها وليس ثمة تعارض بين الافتخار بتلك الحضارات والافتخار والدعوة إلى العروبة.
* عرفت أنك كنت تنوي أن تؤلف مسرحية عن حضارة قطر من الأقطار العربية، حتى تصبح هذه المسرحيات تراثاً لكل العرب؟
- هذه النية كانت موجودة بالفعل، إلا أن ثورة مصر 1952 جاءت فحفظت العروبة وأبعدت خطر هذه الدعوات الخبيثة.
* وكيف وجدت الملك الفرعوني «إخناتون» في المسرحية؟
- وجدته داعية من دعاة التوحيد لله عز وجل، وقد عم خيره مصر نتيجة لإيمانه بالله وحبه الخير للناس وعدله في الحكم، وربما كان هذا الملك رسولاً من رسل الله الذين لم يقصص القرآن قصصهم، ولذلك صدّرت مسرحيتي بالآية الكريمة (ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك). صدق الله العظيم.
* من هنا وجدناك في مسرحية (إخناتون ونفرتيتي) داعية إلى الإيمان، وإلى الوحدة بين العرب على نهج الإسلام.. دين جميع الأنبياء والرسل؟
- حاولت أن أرسل دعوتي الإسلامية في شكل أدبي مسرحي تتحاور فيه الشخصيات ويدور الصراع لينتصر الخير على يد العاملين له، ويصل الإيمان إلى يد القارئ والمشاهد من ثنايا الحوار والنقاش بين الشخصيات، وتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة.
* أسلوب جديد في الدعوة إلى الله، والدعوة إلى الخير، ومقاومة الظلم والباطل من خلال خشبة المسرح.. لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا اخترت المسرح لنشر دعوتك الفكرية؟
باكثير: خشبة المسرح في تصوري المكان الملائم لنشر الفكر الديني التنويري، وكنت أرى أنه من الجميل والرائع أن يقضي المشاهدون ساعتين فقط في المسرح ثم يعودون إلى بيوتهم بحصيلة إيمانية كبيرة تقربهم من الله، وتحثهم على صنع الخير ومناصرة المظلوم، وبغض الشر ومقاومة الظالم.
بضاعة القوم في أصولها
* نتوقف الآن عند علاقتك باللغة الإنجليزية؟
- رأيت كبار الأدباء والمفكرين يتباهون بما يعرفون عن الثقافة الغربية وفلسفتها وأدبها، فقررت أن أعرف بضاعة القوم كما هي في أصولها، ومن ثم التحقت بقسم اللغة الإنجليزية بجامعة فؤاد الأول –القاهرة حالياً– وتأثرت وأعجبت بفن المسرح عامة وخصوصاً شكسبير العظيم، لكن افتخاري وإعجابي بإسلامي ولغة القرآن كان أشد.وأتذكر أنه عندما وقف أستاذي الإنجليزي مفتخراً بأن اللغة الإنجليزية هي اللغة الوحيدة في العالم التي تفردت بالشعر المرسل –المنطلق من القافية –وكيف أن الألمان حاولوا تقليد ذلك في لغتهم فأخفقوا، وقال إن اللغة العربية عاجزة عن احتواء مثل هذا اللون الشعري؛ لم أردد ما قاله أستاذي كالببغاء كغيري من الأدباء والنقاد الذين يفتخرون بتأثرهم بالنقاد والفلاسفة الغربيين، ولم أستسلم لهذه المقولة الخاطئة فاللغة العربية لا يتحدث عن مقدرتها وروعتها إلا من رضع لبانها وسلك شعابها بل قلت له أما أن اللغة العربية لم تعرف الشعر المرسل فهذا حق: لأن لكل لغة تقاليدها الشعرية ومن تقاليد الشعر العربي النظم بالقافية ولكنها قادرة على احتواء أي فن من فنون القول كيف لا وقد احتوت كلام الله فما بالك بكلام البشر. وعندما تحداني أستاذك في أن تثبت ذلك بالفعل لا بالقول؛ قررت أن أترجم فصلاً من مسرحية شكسبير «روميو وجوليت» وكانت مقررة علينا - بالشعر المرسل فاكتشفت سهولة ذلك فأكملت ترجمة المسرحية كلها ثم تبع ذلك بتأليف مسرحية «إخناتون ونفرتيتي».
* فكنت بذلك رائد الشعر الحر في الأدب العربي الحديث، وقد اعترف بدر شاكر السياب بهذه الريادة لك.
- الحمد لله الذي أعانني وأعطاني شرف المحاولة لكتابة جديدة في الشعر العربي الجديد.
* عملت مدرساً للغة الإنجليزية لمدة 14 عاماً في المنصورة والقاهرة؟
- بلى.. وأسهمت دراستي للأدب الإنجليزي في تنوع مصادر ثقافتي وهو ما انعكس بالتالي على أعمالي في مختلف مجالات الإبداع الأدبي الشعري والنثري وفي مجال المسرح والرواية التاريخية.
40 مسرحية لي
* معروف أنك كتبت أكثر من 40 مسرحية؟
- ومنها 5 روايات تاريخية التمست فيها حوادث من التاريخ الإسلامي. وكانت أول مسرحياتي (همام أو في عاصمة الأحقاف) وهي مسرحية منظومة، وآخرها (حرب السويس) وذلك بعد نكسة يونيو 1967.
* ماذا عن مسرحية (شيلوك الجديد)؟
- كانت أول عمل أدبي في الأدب العربي يتناول القضية الفلسطينية، وقد نشرتها سنة 1945، تنبأت فيها بقيام دولة إسرائيل قبل 3 سنوات من قيامها، وفيها رأيت أن دولة إسرائيل قائمة لا محالة، وأن الحل – بعد قيامها – أن يفرض العرب عليها حصاراً اقتصادياً.
* ورؤية مسرحية (شعب الله المختار) العام 1956، هل لك أن تلخصها؟
- تتلخص رؤيتها في أن الحصار العربي لم يجد بسبب أنه كان جزئياً لم تلتزم به كل الدول، وتهاونت دول أخرى في تطبيقه فها هي البضائع الإسرائيلية تدخل هذه الدول العربية عن طريق ثالث بعد أن تستبدل علاماتها الأصلية ومع ذلك فإن الحصار الجزئي قد سبب مشاكل اقتصادية لإسرائيل، الأمر الذي جعلها تخطط للصلح مع العرب وفرضه عليهم. وقد تنبأت بهذا الصلح قبل أن يعقده أنور السادات بأكثر من 20 عاماً. ورأيت في هذه المسرحية أن إسرائيل ستنهار من الداخل نتيجة الانقسامات الداخلية بين اليهود المتدينين والعلمانيين اليهود الشرقيين والغربيين، وهذا ما أكده –بعد 40 عاماً– رجاء جارودي في كتابه الأساطير المؤسسة.
* عرفت من الذين عاصروك أنك لم تتألم لشيء قدر تألمك لمأساة فلسطين؟
- حتى حياتي الشخصية لم تعرف الضحك.. وازداد هذا الحزن بعد هزيمة 67 وصرت عصبياً، وقررت أن أختتم حياتي بمسرحية (التوراة الضائعة) عن القضية الفلسطينية.
جملة من دواوين الشعر
* حدثنا الآن عن دواوينك المطبوعة؟
- «أزهار الربى في شعر الصبا» ويحتوي على (137) قصيدة، صدر عن الدار اليمنية للنشر والتوزيع صنعاء العام 1987، «همام في عاصمة الأحقاف» مجموعة قصائد نظمتها على هيئة مسرحية شعرية بالحجاز العام 1932، ونشرتها في مصر العام 1934، وأعدت نشرها العام 1965، إصدار دار الصبان – القاهرة، وآخرها «نظام البردة»، قصيدة في المديح النبوي في(250) بيتاً.أما المخطوطة فكان «العدنيات»، هو شعري الذي قلته في عدن، والحجازيات ويحتوي على شعري في الحجاز، ونكون أو لا نكون وهي قصيدة في الشعر السياسي قلتها بعد هزيمة (67) وجاءت في (640) سطراً من الشعر الحر.
* أيمكنك أن تضيء للقارئ جوانب من حياتك الشخصية؟
- تزوجت بسيدة مصرية فاضلة، ولم يرزقني الله بنعمة الولد، وحصلت على الجنسية المصرية العام 1951. وأكرمتني الحكومة المصرية بعد الله، وانتقلت إلى وزارة الثقافة، ثم توفيت وأنا على وظيفة مدير مكتب الرقابة على المصنفات الفنية.ثم عدت إلى سيئون لزيارة حضرموت العام 1968، وإن كان من شيء يقال للأجيال فإني أقول لهم: اعشقوا أوطانكم، ولا تتركوا الإحباط يصل إلى قلوبكم، كل من يزرع لوطنه ودينه، لابد وأن يأتي اليوم الذي تتحول فيه البذرة إلى أغصان، مكتظة بالأثمار.