القدس المحتلة - (أ ف ب): ولد هشام ابن مخيم شعفاط في القدس الشرقية قبل 14 عاماً مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وأمام القمع الإسرائيلي والمواجهات المستمرة منذ أشهر في المدينة المقدسة، لم يعد يهجس سوى بانتفاضة جديدة لحماية المسجد الأقصى. وبات الكلام عن المسجد الأقصى على كل شفة ولسان في القدس الشرقية التي تعيش تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967. وقد تكون أسباب الغضب الفلسطيني متعددة من استيطان وبطالة وقمع واعتقالات، إلا أن الجميع مستعدون للقتال من أجل الأقصى. وبعيداً عن الدافع الديني فإن باحة الحرم القدسي تحولت إلى رمز يجسد الإصرار على مواجهة القمع الإسرائيلي. ويعتبر هشام أن الزيارات الاستفزازية المتكررة لبعض اليهود إلى باحة الحرم القدسي تشبه إلى حد بعيد الاقتحامات التي يقوم بها الجنود الإسرائيليون في مخيم شعفاط للاجئين الفلسطينيين الذين يقيم فيه. وأضاف «لا يتورع الجنود الإسرائيليون عن اقتحام المخيم في الثالثة فجراً فيفرضون منع التجول ويعتقلون ويضربون ويهينون الناس قبل أن ينسحبوا، وبات اعتقال الشبان وخروجهم بعدها من السجون أمراً عادياً يتكرر من دون أن يفاجئ أحداً». ومع أن هشام لا يزال في الـ 14 من العمر فقد أمضى أسبوعاً في السجن بعد اعتقاله خلال مواجهات مع الشرطة الإسرائيلية، ومن المقرر أن يمثل أمام محكمة خلال شهر. وتعليقاً على هذا الأمر يقول هشام «في القدس الشرقية لا يحق للشاب الفلسطيني أن يعيش ولا أن يخرج أو يتحرك». من جهته يقول محمد «20 عاماً»: «لا سلام في القدس أنه وقت الانتفاضة». ومع أنه خرج للتو من السجن الذي أمضى فيه 4 أشهر فإنه يقول «أنا مستعد للعودة مجدداً لمواجهة الجنود الإسرائيليين ولا أستطيع تحمل رؤية المستوطنين في باحة الحرم القدسي بينما يمنع المسلمون من دخولها». والمعلوم أن إسرائيل تمنع دخول من هم دون الخمسين من العمر الى باحة الحرم القدسي للصلاة. وبالنسبة لوائل محمود الذي يعمل في حي العيساوية الذي يشهد مواجهات عنيفة مع الشرطة الإسرائيلية منذ أسبوع فان أسباب غضب الشبان الفلسطينيين عميقة، واختمرت منذ فترة طويلة مع استمرار الاستيطان الإسرائيلي الذي يتوسع بسرعة قياسية ما قد يجعل الفلسطينيين أقلية في القدس الشرقية.
وبعد أن كان اليهود بضع مئات في القدس الشرقية مع إعلان ضمها إلى إسرائيل عام 1967، ارتفع عددهم اليوم الى نحو 195 ألفاً من أصل سكان القدس الشرقية البالغين نحو نصف مليون.
وتابع الشاب وائل «أن الضغوط على السكان تتزايد منذ سنوات عدة. فنسبة البطالة بين الشبان مرتفعة جدا، وحتى الذين يعملون بالكاد يؤمنون الحد الأدنى من حاجاتهم. كما إن عنصرية المستوطنين تزداد وقاحة، وها هي الاعتداءات اليومية على المسجد الأقصى تفاقم الوضع وتدفع به نحو الانفجار».
ويقوم الشاب وائل باتصالات مع السلطات الإسرائيلية لفك الحصار المفروض على حي العيساوية الذي يقطن فيه. ويضيف محذراً أنه في حال لم يفك الحصار عن العيساوية بسكانه الـ 25 ألفاً فإن الانفجار آت لا محالة بعد أن طفح كيل شبان الحي.
ويقول الشاب صلاح «23 عاماً» إنه «لم يعد يؤمن بالحوار والحلول السلمية» التي يدعو إليها وائل. وقال «ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة. إن إسرائيل تريد إنهاء الوجود الفلسطيني في القدس والنزاع معهم ديموغرافي وديني وبعد أن كانوا يهاجمون المنازل باتوا يهاجمون اليوم المسجد الأقصى». من جهته يقول منذر طالب الذي يدير فريق كشافة «يريدون فرض هويات ببصمة بيومترية علينا ويعززون يومياً حواجز التفتيش». كما يقول الشاب أبو موسى الذي يشارك في الفرقة الموسيقية الكشفية في القدس الشرقية انه تعرض أخيراً للضرب على حاجز إسرائيلي. ويضيف «يريدونك أن تتصرف مثل الشاة وأن تتغاضى عن المساس بكرامتك. أما القضاء فلا يمكن الاعتماد عليه، ولم يبق لنا سوى رب العالمين». ووسط هذا الوضع السوداوي يقول منذر «أنا لا أقول لأطفالي «اكرهوا اليهود»، أنهم يشاهدون بأم العين يومياً ما يتعرض له الفلسطينيون». وتدهور الوضع سريعاً ابتداءً من يوليو الماضي عندما أحرق مستوطنون متطرفون الشاب الفلسطيني محمد أبو خضير رداً على قتل 3 شبان إسرائيليين. وكانت النتيجة اعتقالات شملت مئات الفلسطينيين وعدواناً على قطاع غزة دام 50 يوماً أوقع أكثر من 2200 شهيد فلسطيني ربعهم من الأطفال، في حين تحولت القدس الشرقية إلى ساحة مواجهات شبه يومية مع الإسرائيليين. ويختم وائل قائلاً إن «الأطفال هنا باتوا يخشون أن يتحولوا يوماً إلى أبو خضير آخر».