كتبت - زهراء حبيب:
قضت المحكمة الكبرى الجنائية الأولى، برئاسة القاضي الشيخ محمد بن علي آل خليفة، وعضوية القاضيين: ضياء هريدي وعلي الكعبي، وأمانة سر ناجي عبدالله، بالسجن المؤبد لعربيين عن تهمة قتل آخر، عربي من ذات الجنسية، طعناً بالسكين، بسبب خلاف مالي بالجفير، وحبسهما 6 أشهر عن تهمة تعاطي المخدرات، وتغريمهما ألف دينار لكل منهما، وإبعادهما نهائياً عن البلاد.
وأدانت المحكمة المتهم الثالث، بالحبس سنة عن كل اتهام موجه له بحيازة المخدرات، وإعانة الجاني على الفرار، وعدم الإبلاغ عن الجريمة كونه شرطياً، وتغريمه ألف دينار.
وتعود وقائع القضية، إلى حدوث خلاف مادي بين أحد المتهمين والمجني عليه، وتبادلهما السباب هاتفياً قبل الواقعة، مما دفع المتهمين لترصد المجني عليه والبحث عنه بمنطقة سكنه، وأعدا لذلك سكيناً وعصا غليظة للاعتداء عليه، حتى ظفرا به مساء 24/10/2013، حيث قاما بالتعدي عليه وضربه، وسدد له المتهم الأول طعنة نافذة في الجهة اليسرى أعلى الصدر، مما أدى إلى وفاته متأثراً بإصابته.
وباستجواب المتهمين بالتحقيقات، اعترفا بما هو منسوب إليهما، وأن المتهم الأول هو من وجه له الطعنة بالصدر بسكين كان بيده، في حضور المتهم الثاني الذي تعدى بالضرب على المجني عليه، وقيامهما عقب ذلك بالفرار من مكان الواقعة، وتخلصهما من السكين المستخدم في الحادث بإلقائه بمياه الخليج بالقرب من دوحة عراد، بناءً على نصيحة من المتهم الثالث، وهو شرطي، بعد أن أخبره بالحادث، والذي اعترف، بدوره، بما هو منسوب إليه، كما ثبت من الفحص احتواء عينة المتهمين جميعاً على مادة الحشيش المخدرة، فأمرت النيابة بحبسهم جميعاً احتياطياً على ذمة التحقيق، بعد أن وجهت للمتهمين الأول والثاني تهمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وحيازة مادة مخدرة بقصد التعاطي، وللمتهم الثالث اتهامات بحيازة مادة مخدرة بقصد التعاطي، وإعانة متهم على الفرار رغم علمه بالجريمة، وعدم الإبلاغ عن جريمة علم بها رغم كونه شرطياً، وأمرت بإحالتهم محبوسين إلى المحكمة الكبرى الجنائية الأولى، والتي أصدرت حكمها سالف الذكر.
20 ديناراً عمولة
وبدأت تفاصيل الجريمة، عندما أشار بلاغ إلى مركز الشرطة عن وجود شخص مطعون بمنطقة الجفير، وبعد نقله إلى المستشفى اتضح بأنه فارق للحياة، وهو عربي الجنسية، 27 سنة، ودلت التحريات على قيام المتهمين أحدهما 26 والآخر 34 سنة بواقعة قتل بواسطة استخدام السكين، وأن سبب وقوع الجريمة وجود خلاف بينهما في مجال سمسرة العقار، وأن العمولة تبقى منها 30 ديناراً، إذ امتنع المجني عليه عن سدادها، مما أسفر عن وجود خلافات مستمرة، وعليه انتظر المتهمون المجني عليه أسفل البناية التي يقطنها وعند مشاهدته توجها إليه وحدثت بينهما مشادة كلامية تطورت إلى شجار بالأيدي، وكان المتهم الأول يحمل سكيناً بينما يحمل الآخر «عصا هوكي»، وتلقى الضحية طعنة في صدره بالسكين أدت لتعرضه لإصابة بليغة أدت لوفاته.
وتعرف المجني عليه على المتهمين، في مجال السمسرة، عندما رغب الضحية باستئجار شقة بمنطقة الجفير، فلجأ لهما فعرضا عليه إحدى الشقق لكنه أبدى عدم إعجابه بها، وبعد فترة فوجئا به يقطن في البناية وبذات الشقة، وبالرجوع إلى مالك العمارة تبين بأنه راجع صاحبها مباشرة وتعاقد معه على الاستئجار بواقع 270 ديناراً شهرياً.
وأبدى المتهم الأول استياءه من تصرف المجني عليه إلى صاحب العمارة الذي وعده بدفع عمولته له وهي قيمة إيجار الشهر بواقع 270 ديناراً، بيد أن المجني عليه تثاقل عن سداد المبلغ كاملاً، وتبقى 70 ديناراً من قيمة الإيجار.
إلحاح ومماطلة
وبدأ الخلاف، حينما طلب المتهم الأول من المجني عليه سداد المبلغ المتبقي للمالك لاستلام عمولته، وكان الأخير يماطل، وتبين أن عقد الإيجار باسم قريب الضحية وأنهم يغادرون الشقة خلال أيام.
واستمر المتهم الأول في المطالبة بالسبعين ديناراً، وتواصل مع زوجة المجني عليه التي سددت 40 ديناراً من إجمالي المبلغ، ووعدته بسداد الباقي في حال وجد شقة للإيجار لكنها لم تف بوعدها.
واتضح للمتهم أن المجني عليه استأجر شقة في عمارة أخرى يتعامل مع مالكها بالسمسرة على شقق العمارة، وأن المالك يرفض تأجير الشقق لمستأجرين يحملون جنسية المجني عليه كون الأخير يماطل في الدفع، وأخبره المتهم أن الضحية اعتاد على استئجار الشقق دون دفع إيجارها.واتفق المتهمان الأول والثاني على إنهاء الأمر، وذهبا لشقة المجني عليه، وانتظرا عودته من العمل.
وفوجئ المجني عليه بالمتهمين ينتظراه على الباب الخارجي للعمارة، ووقع بينهم مشادة كلامية تطورت للعراك بالأيدي وحاول الضحية الدفاع عن نفسه بالصاعق الكهربائي الذي يملكه، لكن ضربه المتهم الثاني بعصا الهوكي على وجه والكتف، فيما قام المتهم الأول بطعنه عدة طعنات في رقبته ويده، وكان الطعنة القاتلة التي تلقاها في صدره.
وشكت الزوجة في أمر زوجها وتأخرها عن العودة للمنزل، فنظرت من النافذة فشاهدت زوجها مرمي على الأرض، واتصلت بشقيقها الذي حضر للمكان وتم نقله للمستشفى لكنه فارق الحياة.
وعلى الصعيد نفسه، اتصل المتهم الأول بالمتهم الثالث كونه يعمل شرطياً بأحد مراكز الشرطة وأطلعه على الأمر، فأمره بإغلاق هاتفه والاختباء والتخلص من السكين أداة الجريمة، والاتصال بالمحامي.
وتوصلت التحريات، إلى أن المتهمين هما من ارتكبا الجريمة، وخلال القبض عليهما كانا في حالة غير طبيعية، وتبين تعاطيهما للمخدرات.
وأشارت المحكمة، في حيثيات حكمها، إلى أنها أخذت المتهمان الأول والثاني بقسط من الرأفة نظراً لملابسات الدعوى، وفق المادتين 72 و73 من قانون العقوبات وترى مناسبة ما قدرته من عقوبة للمتهمين.