عواصم - (وكالات): فاز الجمهوريون في الانتخابات النصفية التي جرت في الولايات المتحدة بسيطرتهم على مجلسي الكونغرس ملحقين نكسة كبرى بالرئيس باراك أوباما وحلفائه الديمقراطيين تنذر بسنتين من التعايش الصعب، فيما كشف مختصون أمريكيون أن أكثر من 60% من المواطنين لم يشاركوا بالانتخابات، بينما أكدت تقارير عزوف عدد كبير من الناخبين عن المشاركة في العملية الانتخابية. وقال أستاذ التاريخ بالجامعة الأمريكية ألين ليتشمان إن «عزوف الناخبين الأمريكيين كان في صالح الحزب الجمهوري لأن أغلب من قاطعوا الانتخابات هم من الطبقات الفقيرة والأقليات العرقية التي تميل دائماً إلى دعم الحزب الديمقراطي».
وشهدت الانتخابات عزوف الشباب الأمريكي عن المشاركة في عملية التصويت، إذ بلغت نسبة الناخبين فوق 60 عاماً، 37% من إجمالي المشاركين، أما الشباب تحت 30 عاماً فاقتصرت نسبة مشاركتهم على 12 % فقط. وعكست استطلاعات الرأي «خيبة أمل الناخبين في الحزبين الجمهوري والديمقراطي، إذ انتقد 80% منهم عمل الكونغرس، و أعرب 6 من بين كل 10 عن عدم رضاهم أو غضبهم تجاه أداء البيت الأبيض والكونغرس معاً، فيما اعتبر ثلثاهم أن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ، بينما رأى 70 % من الناخبين أن الوضع الاقتصادي للبلاد سيء».
وانتزع خصوم أوباما السيطرة على مجلس الشيوخ ورسخوا غالبيتهم في مجلس النواب ما يخولهم إملاء الأجندة البرلمانية الى حين تعيين خلف لباراك أوباما.
وحتى الساعات الأخيرة، حقق الجمهوريون عدة انتصارات مما يقربهم من الفوز بالأغلبية في مجلس الشيوخ.
وستكون أولويات الجمهوريين اقتصادية وقد جهزوا عشرات القوانين «المراعية للنمو» للسماح ببناء خط أنابيب النفط «كيستون إكس إل» بين كندا وخليج المكسيك وتطوير إنتاج الغاز الطبيعي ومساعدة الشركات الصغرى والحد من القوانين والتنظيمات. وسيكون على أوباما بعد هزيمة الديمقراطيين التعامل مع كونغرس يهيمن عليه الجمهوريون الذين ينتقدون بشدة سياسته الخارجية خصوصاً في ملف إيران.
وعلاوة على الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» فإن برنامج إيران النووي، هو الملف الأول في السياسة الخارجية في جدول أعمال الكونغرس في الوقت الذي يفترض فيه أن تنتهي مفاوضات إيران مع الدول الست نظرياً في 24 نوفمبر الجاري. ومن المتوقع أن تحرج المعارضة أوباما في سياساته تجاه سوريا وإيران.
وبعد إعادة انتخابه اعلن السناتور الجمهوري ميتش ماكونيل المدعو بصفته رئيساً للغالبية في مجلس الشيوخ لتجسيد المعارضة لباراك أوباما أن «هذه التجربة القائمة على توسيع دور الدولة دامت أكثر ما ينبغي. حان الوقت لتبديل الوجهة! حان الوقت لإعادة البلاد إلى السكة!».
وأعلن رئيس مجلس النواب الجمهوري جون باينر على الفور أن الكونغرس الجديد الذي سيتولى مهامه مطلع يناير المقبل سيعمل على «إصلاح النظام الضريبي والحد من مشكلة النفقات وإصلاح نظامنا القانوني وتنظيماتنا وتحسين نظامنا التربوي». وأقر الرئيس الحالي للغالبية الديمقراطية هاري ريد بأن «رسالة الناخبين واضحة: يريدون أن نعمل معاً». وازداد تمثيل الجمهوريين في مجلس الشيوخ من 45 مقعداً إلى 52 مقعداً من أصل 100، بحسب توقعات الشبكات التلفزيونية الأمريكية.
أما في مجلس النواب فقد يزيدوا غالبيتهم بـ 14 إلى 18 مقعداً بحسب شبكة «‘يه بي سي»، ما سيوسع غالبيتهم الى ما لا يقل عن 247 مقعداً، وهي أكبر غالبية جمهورية منذ ثلاثينيات القرن الماضي.
وستشغل اكثر من 100 امرأة مقاعد في الكونغرس.
وسيترتب على الجمهوريين إعادة تفعيل الكونغرس بعد 4 سنوات من صراع برلماني منع الكونغرس المنقسم من إقرار أي اصلاح كبير خاصة في موضوع الهجرة التي تبقى ملفا ساخنا مع وصول عدد المهاجرين المقيمين بصفة غير شرعية في الولايات المتحدة إلى أكثر من 11 مليوناً.
وعكست استطلاعات الرأي لدى الخروج من مراكز التصويت خيبة أمل الناخبين حيث انتقد 79% منهم عمل الكونغرس واعتبر ثلثاهم أن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ. وأعرب أقل من الثلث عن ارتياحه لأداء إدارة باراك أوباما، كما إن عدد المؤيدين لأداء قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس لم تتخط هذه النسبة، بحسب ما نقلت شبكة سي إن إن.
وأعرب 22% فقط عن ثقتهم بأن الجيل المقبل من الأمريكيين ستكون حياته أفضل من الجيل الحالي. وانقذ الديمقراطيون مقعدهم في نيوهامشير حيث أعيد انتخاب السيناتورة جين شاهين، فيما انتزع الجمهوريون من الديمقراطيين مقاعد فرجينيا الغربية وداكوتا الجنوبية ومونتانا وأركنسو وكولورادو وايوا. وستنظم لويزيانا دورة ثانية في 6 ديسمبر المقبل، فيما لم تعرف بعد النتائج في آلاسكا.
ودعا أوباما قادة الكونغرس إلى البيت الأبيض غداً.
ويستأنف أعضاء الكونغرس الحالي مهامهم اعتباراً من 12 نوفمبر الجاري إلى أن يباشر الكونغرس الجديد ولايته في 3 يناير المقبل.
وبذلك ينهي الرئيس ولايته متعايشا مع الحزب المخاصم له في مجلسي الكونغرس، وهو وضع واجهه من قبله كل من جورج بوش وبيل كلينتون وجورج بوش الأب ورونالد ريغان، حيث تتخذ الانتخابات النصفية تقليدياً شكل عقوبة ضد الحزب الحاكم في البيت الأبيض.
ولم يحسب الناخبون للرئيس الديمقراطي تراجع البطالة إلى 5.9% وهو أدنى مستوى منذ 6 سنوات، ولا النمو الكبير لإجمالي الناتج الداخلي الذي سجل +3.5% في الفصل الثالث من السنة، ولا إصلاح نظام الضمان الصحي.
وتعزز الإحساس بإخفاق في «القيادة» في البيت الأبيض مع تراكم السجالات والفضائح ولا سيما الكشف عن برامج وكالة الأمن القومي للرقابة والتجسس والاستهداف السياسي في عمل مصلحة الضرائب والتقصير في المستشفيات العسكرية وتدفق المهاجرين غير الشرعيين على الحدود المكسيكية وإصابة ممرضتين أمريكيتين بفيروس إيبولا، وكذلك مع تزايد الأزمات في الخارج مع النزاع في أوكرانيا وسوريا.
ولا يعرف بعد كيف سيوظف الجمهوريون غالبيتهم في الكونغرس. ويعي مسؤولو الحزب أن باراك أوباما لايزال يمسك بسلطة النقض ولن يصدر على الأرجح قوانين تقضي على ورش رئاسته الكبرى، بدءاً بإصلاح الضمان الصحي الذي يطلق عليه اسم «أوباماكير».