حملت زيارة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، إلى أكاديمية الشرطة وتوجيهاته بإنشاء مركز صحي متطور خاص برجالها، وعلاج من تعرض منهم لإصابات بالغة في الخارج، ومنح وسام الواجب العسكري لشهداء الواجب، تأكيداً أن الأمن والاستقرار هما ركيزة البناء والتقدم، وأن التضحيات في سبيل ذلك مقدرة ومثمنة عالياً من جانب أعلى المستويات في الدولة.
وواقع الأمر أن جلالة العاهل المفدى بتحركاته وتوجيهاته الأخيرة، لا يدع فرصة إلا ليؤكد فيها على أمرين مهمين، أولهما تقديره العظيم لتضحيات رجال الشرطة وهم يسهرون على أمن الوطن وحمايته، مثابرين ثابتين رغم ما يتعرضون له من عنف وإرهاب ممن لا يريدون الخير للمملكة. وإضافة إلى أن المنح الملكية الأخيرة أثلجت صدور أهالي شهداء الواجب والمصابين ممن ضحوا بالغالي والنفيس لحماية وطنهم، فإنها تؤكد أيضاً تضامن جلالته معهم ووقوفه بجانبهم مستشعراً احتياجاتهم وملبياً قدر المستطاع طموحاتهم وتطلعاتهم. ثانيهما خطوات جلالته الحثيثة ومساعيه الحميدة لرفع الروح المعنوية لكل رجال الشرطة، وتحفيزهم على المثابرة لتقديم كل ما يستطيعون من جهد في سبيل حماية أمن الوطن، شاداً على أياديهم رغم سقوط شهداء ومصابين في صفوفهم، وهو ما تؤكده تكليفات جلالته الأخيرة لتكريمهم وتلبية متطلباتهم العلاجية والحياتية، والعمل بكل السبل الممكنة للوفاء بها، ما له كبير الأثر في بذل دمائهم وأرواحهم من أجل المملكة والمقيمين فوق ترابها. ولعل هذا ما عبر عنه وزير الداخلية الشيخ راشد بن محمد آل خليفة في رسالة الشكر الموجهة إلى جلالة الملك المفدى عقب الزيارة السامية للأكاديمية الملكية للشرطة بقوله «إن زيارة جلالتكم وما حملت من معان سامية أثلجت صدورنا، وزادت من عزيمتنا لمواصلة أداء الواجب الوطني وحمل مسؤولية أمانة تشرفنا بالنهوض بأدائها مهما كانت التضحيات والتحديات». وإذا كانت كل هذه المؤشرات تؤكد تقدير القيادة الرشيدة الكبير للتضحيات الغالية لرجال الشرطة، فإنها تعكس أيضاً عدة دلالات محورية، منها عزم جلالة الملك الأكيد على الارتقاء بالأداء الأمني، ودعم ومساندة رجال الشرطة البواسل في كل الأوقات وفي جميع المحافل، لذا كان افتتاح المنشآت الجديدة في الأكاديمية لتطوير أداء العاملين في الجهاز الشرطي وزيادة قدرتهم على التصدي للإرهاب والتطرف والعنف، مع تفادي وقوع أي خسائر بشرية إيماناً من جلالته أن الدم البحريني غال. وكانت الزيارة السامية تزامنت مع الذكرى العاشرة لافتتاح الأكاديمية الملكية للشرطة، وهي مناسبة اختارها جلالة الملك لإرسال رسالة شكر وتقدير لدور الأكاديمية في التعليم والتدريب ورفع مستوى الأداء الأمني انطلاقاً من رؤية جلالته لأهمية التعليم والتدريب لتخريج كوادر شرطية ذات كفاءة متقدمة وجاهزية عالية. ويضاف هذا إلى الإشادة بإنجازات وزارة الداخلية خلال الفترة الأخيرة على صعيد التقدم والتطوير ومواكبة المستجدات على الساحة المحلية والإقليمية، ووضع سياسات متكاملة تشمل الخطط التعليمية والتدريبية وبرامج المتابعة والتنفيذ، وهي إنجازات تعكس ليس فقط أهمية دعم رجال الأمن بأحدث التقنيات ومواصلة التدريب والجاهزية حتى يكونوا قادرين على أداء دورهم الوطني الكبير، وإنما استهدفت الارتقاء بقطاع الأمن ككل، باعتباره أحد الأعمدة الرئيسة التي ترتكز عليها خطط البناء والتقدم في المملكة على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
إن التعويل على دور رجال الشرطة في حفظ الأمن والثقة في قدراتهم، خاصة مع بدء العد التنازلي للانتخابات النيابية والبلدية، حيث يقع عبء كبير عليهم لبلوغ الاستحقاق الانتخابي بر الأمان، وهو ما أشار إليه جلالته عندما أكد أن لرجال الشرطة دوراً بارزاً في التعاون مع الأجهزة المختصة لضمان نجاح العملية الانتخابية. وكما كان لرجال الشرطة دور كبير في نجاح الانتخابات السابقة، فإنه يتوقع أن يكون لهم دور مشرف أكبر في نجاح الانتخابات المقبلة، رغم محاولات اعتداءات طالت بعض المترشحين وممتلكاتهم، لأن هذا طريق اختاره الشعب بالعمل من خلال مؤسساته الدستورية.
وأكد على هذه المعاني الواضحة جلالة العاهل المفدى في كلمته عندما أشار إلى «أن الأمن هو أساس البناء والتنمية وعماد نهضة المجتمع، وهذا يؤكد أهمية دور رجال الأمن في الذود عن أمن الوطن وحمايته، وهو دور كبير يستحق الإشادة والتقدير، فلا تنمية دون أمن ولا بناء دون أمن ولا استقرار دون أمن».