في لندن بحث عن اللقمة الشريفة ورغيف يسد به الأفواه الجائعة ومال يؤدي ديون والده
سنوات طويلة قضاها شكسبير أمام أبواب المسارح يمسك بأعنة الخيل للمتفرجين
في البداية استهواه ترقيع النصوص الفاشلة وإعادة كتاباتها وفي الـ25 كتب أول نص
خشبة المسرح منحت شكسبير الشهرة والمال والمجد وعشر سنوات قضاها بالكتابة دون انقطاع
كريستوفر مارلو ولد مع شكسبير بنفس العام وسبقه إلى الشهرة وكذا روبرت جرين


كتب ـ علي الشرقاوي:
الشرقاوي: يا سيد وليم شكسبير، قلما يجود الزمان بمبدع يستطيع أن يكون فناناً لكل المواسم وكل العصور.
شكسبير: هذه هي طبيعة الحياة يا ابني وطبيعة التاريخ، فالمبدع إن كان عادياً ينتهي مع دخوله مرحلة الفناء الجسدي، أما إذا كان مختلفاً مغايراً لما هو مألوف فنه سيكون في القمة دائماً، دون أن يستطيع الزمان أن يحرك من مكانته.
*أنت يا سيد وليم شكسبير أحد هؤلاء القلائل الذين بقوا رغم الكثير من حملات التشكيك في وجودك الحقيقي، أو كتابتك لبعض المسرحيات.
المبدع الذي يتحول إلى نوع من أنواع الأسطورة، يضاف إلى تجربته الحياتية والفنية، بين زمن وآخر، الكثير من القصص، فأنت تعرف أن قصة جحا على سبيل المثال، فهو شخصية واقعية، كل بلد يحاول أن ينسبها إليه، ولكن تحول إلى شخصية خيالية بعد أن أضيفت إليه الكثير من الملح والنوادر.
*في تصوري قبل أن نسترسل في الكلام، نعود إلى وليم شكسبير الواقع الذي مازالت أعماله تواصل الحياة، دون أن تستطيع اللغات المختلفة والأماكن العديدة والأزمنة المتعاقبة، أن تطفئ شموعها المضيئة.
من أين تريدني أن نبدأ؟
*منذ ولادتك يا سيد وليم شكسبير.
لكن أخشى أن تكون طويلة.
*لدينا الوقت الكافي يا سيد شكسبير.
ولدت في أبريل عام 1564 في ستراتفورد، وكان والدي تاجراً ناجحاً اسمه جون شكسبير.
*ولكن هذا التاجر، كما أعرف يا سيد شكسبير، كسدت تجارته.
نعم، وهذا ما جعلني أترك المدرسة وأبحث عن عمل لأساعد والدي وإخوتي.
*هل هذا يعني أن تعليمك كان بسيطاً يا سيد وليم شكسبير؟
في الواقع أني تلقيت تعليماً جيداً في المدرسة المحلية حيث تعلمت اللاتينية واليونانية، وحصلت على قدر كبير من المعلومات التاريخية، سواء في المدرسة أو في البيت.
*يقال إنك يا سيد شكسبير تزوجت مبكراً.
نعم هذا صحيح في عام 1582 تزوجت آن هاثاوي، وهي إحدى فتيات ستراتفورد.
*هل صحيح أنها كانت أكبر سناً؟
كانت تكبرني بـ8 سنوات، وقـد أنجبنا ثلاثة أطفال، بنتاً سميناها سوزانا، وتوأمـاً هما هـامنيت وجوديت.
*وفي تلك الفترة، كشف بعض الغموض الذي يكتنف حياتك عن طريق قصة مشهورة مازال البعض يتداولها.
عن أي غموض تتحدث؟
*قصة ذهابك إلى لندن وعملك بالمسرح؟ هل صحيح أنك هربت إلى لندن بعدما سرقت غزالاً من الغابة المتاخمة للقرية.
هذا الموضوع يحتاج إلى كتابة مسرحية.
*إذاً ما هي قصة ذهابك إلى لندن يا سيد وليم شكسبير؟
البحث عن اللقمة الشريفة، البحث عن الرغيف الذي به أسد الأفواه الجائعة، البحث عن المال الذي من خلاله أسدد ديون والدي.
*مهما يكن الدافع وراء انتقالك يا سيد وليم شكسبير إلى لندن، فإنك وصلتها في عام 1587.
ولم تكد تمضي سنتان على وصوله 1589 حتى أصبح مالكاً لمسرح بلاك فرايس.
*ماذا عن مهنتك السابقة، قبل امتلاكك للمسرح؟
من الممكن أن تقول إني اشتغلت في أكثر من مهنة، وما أذكره الآن جيداً هو اضطراري الدائم للوقوف طويلاً أمام أبواب المسارح أمسك بأعنة الخيل للمتفرجين وأحرسها حتى يعودوا من سهراتهم.
*ماذا عن خشبة المسرح يا سيد وليم شكسبير؟
أحياناً تواتيني الفرصة لأقف على خشبة المسرح وأؤدي دوراً تافهاً أو أعمل كصراف للفرقة، وبعد أعباء يوم شاق أحلم بالعودة إلى الريف كي أبني بيتاً جميلاً أعيش فيه مع أبنائي.
هذا الطموح مشروع يا سيد وليم شكسبير؟
في الواقع هو طموح شاب قادم من أعماق الريف الإنجليزي أصر على أن يصبح شيئاً مذكوراً في عاصمة الضباب لندن.
*كيف خرجت من الصفوف الخلفية إلى الصفوف الأمامية يا سيد وليم شكسبير؟
لم يكن الأمر سهلاً.
*على مستوى العمل المسرحي الحقيقي هل من الممكن أن نعرف الوظيفة التي شغلتها في المسرح يا سيد وليم شكسبير؟
الذي أذكره جيداً أن أول وظيفة شغلتها كانت وظيفة ممثل.
*هل كان التمثيل وظيفة يا سيد وليم شكسبير؟
كان التمثيل في أيامنا هو الباب الذي يدخل فيه الفنان إلى المسرح.
*مما لا شك فيه يا سيد وليم شكسبير أن التأليف المسرحي في بداية أمره كان خاضعاً لمهنة التمثيل الشاقة، ولكن متى بدأت شهرة شكسبير كمؤلف مسرحي؟
كما أذكر في عام 1592 بعدما ظهرت الطبعة الأولى من أحد مؤلفاتي «قصيدة فينوس وأدونيس»، وفي عام 1594 أخذت مسرحياتي تنشر بانتظام.
*وكان ذلك هو العام الذي أصبحت فيه عضواً بارزاً في إحدى الفرق التمثيلية المعروفة باسم فرقة رجال اللورد تشامبرلين.
هي الفرقة التي كتبت لها معظم مسرحياتي.
*أعرف أنه لم يكن سهلاً، حدثنا إذا سمحت عن صعودك القمة؟
استهوتني في البداية على نحو خاص عملية ترقيع النصوص الفاشلة وإعادة كتاباتها، وعندما بلغت الخامسة والعشرين من عمري كتبت أول نص خاص بي.
*بهذا المعنى نستطيع أن نقول إن الأعمال المختلفة كإداري وممثل ومخرج أحياناً أتاحت لك الفرصة للكتابة.
الأعمال المختلفة جعلتني أقترب من المشاهدين وأتقن حيل فن اجتذاب الجمهور دون أن أفقد أصالتي.
الحلقة الثانية
الشرقاوي: ماذا كان شعورك وأنت تتعامل مع الخشبة لأول مرة يا سيد وليم شكسبير؟
شكسبير: شعرت أن خشبة المسرح هي المنطقة السحرية التي تمنحني الشهرة والمال والمجد، فعكفت قرابة عشر سنوات على الكتابة بلا انقطاع.
*كم مسرحية في العام كنت تكتب يا سيد وليم شكسبير؟
كنت أكتب في العام الواحد ثلاث مسرحيات وأحياناً أربع مسرحيات.
*هل حياتك كانت كلها للكتابة يا سيد وليم شكسبير؟
نعم، لا أنكر ذلك، فحين كان أصدقائي يدعونني إلى السهر واللهو كنت أعتذر بلطف وأتعلل بالصداع والمتاعب الصحية.
*ما الداعي إلى ذلك وأنت تملك القدرة على الكتابة يا سيد وليم شكسبير؟
ربما لا تدرك كما كان يدرك الغريب عن لندن أن المنافسة شديدة وخصومي لن يتركوني وشأني، وخاصة أن هناك كتيبة من الشعراء العظام تتنافس على اجتذاب الجمهور إلى صفها.
*ممن تتكون كتيبة الشعراء العظام يا سيد شكسبير؟
كريستوفرمار لو الذي ولد معي في العام نفسه وسبقني إلى الشهرة، رو برت جرين وكيد وبن جونسون وغيرهم.
*كان عليك يا سيد وليم شكسبير أن تثبت ذاتك أمام هؤلاء العمالقة جميعاً.
خصوصاً أن المنافسة حامية الوطيس بين فرقة لورد تشمبرلين وفرقة لورد آدميرال.
*وكان الكتاب، كما أعرف، يتنافسون فيما بينهم لإنجاح هذه الفرقة أو تلك.
فإذا فشل النص الذي يكتبه جرين لفرقة آدميرال مثلاً من حق شكسبيرعلى سبيل المثال أن يعيد كتابته للفرقة الأخرى.
*وعادة ما ينسب العمل إلى الكاتب الذي حقق النجاح.
السبب في ذلك أن معظم الموضوعات كانت معروفة للجمهور ومستمدة من الأساطير الشعبية والتاريخية، وما يهم الجمهور هو الوقوف على طريقة الكاتب في معالجة الموضوع.
*من هنا نرى أن هناك محاولات كثيرة لكتابة نص هاملت قام بها كيد وجرين وأنت يا سيد وليم شكسبير.
دائماً كانت هناك روح عدائية بين الفرقتين المشهورتين وبين الكتّاب المسرحيين، ما تسبب في تدمير أغلب كتّاب هذا الجيل الفذ.
*أعرف أن جون للي توقف عن الكتابة نهائياً.
وقتل كريستوفر مار لو وهو في التاسعة والعشرين من عمره إثر شجار في إحدى الحانات.
واتهم كيد بالإلحاد وسيق للتعذيب حتى الموت أما رو برت جرين الذي شن حملة شعواء على زميليه مار لو وشكسبير فقد أفل نجمه ومات معدماً فقيراً.
الشرقاوي: إذاً كانت خشبة المسرح والكواليس أشبه بساحات الحرب بين هؤلاء الكتّاب جميعاً؟
وكما يقول المثل رب ضارة نافعة.
*ماذا تقصد يا سيد وليم.
يبدو أنني كنت أكثر المستفيدين من هذا الصراع، حيث خلت الساحة لي شيئاً فشيئاً فبدأ نجمي يسطع.
*ويتلألأ كأهم كاتب مسرحي ويصبح في لحظة قدرية مواتية سيداً للمسرح الإنجليزي دون منازع.
لكن الثمن كان باهظاً.
*من أي ناحية يا سيد شكسبير؟
للحفاظ على تلك المكانة تحملت كثيراً على آلامي الخاصة، فلم أجزع لوفاة ولدي هامنت، وانهمكت في العمل على نحو جنوني.
*ولسنوات طويلة يا سيد وليم شكسبير؟
ما أدى بي إلى الانهيار العصبي من كثرة ما تعرضت له من ضغوط في سبيل المحافظة على النجاح.
*في عام 1597 بلغت من النجاح حداً مكّنك من شراء منزل ضخم فـي سـتراتفورد والذي يعرف بـ»المنزل الجديد».
وفي العام التالي أصبحت شريكاً في ملكية مسرح كلوب GLOBE THEATER لعرض مسرحياتي.
*في عام 1612 قمت بالاستقرار في ستراتفورد.
في الواقع أمضيت السنوات الأخيرة من حياتي في محاولات متقطعة للتأليف.
*يقول البعض إنه لا يمكن وصف الوضع المالي لشكسبير بالثراء الفاحش أو البؤس.
ربما في هذا الكلام شيء من الصحة، إلا أني حينما وصلت لندن لم أكن أملك إلا ما يسد الرمق.
*لكن هناك من كان يرى أنك كنت بخيلاً.
ليس بخلاً، بقدر ما هو الحرص على عدم العودة إلى الحاجة لمد اليد والشعور بالذل أمام ضراوة اللقمة.
*السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف أمكن لرجل يبدو طبيعياً للغاية، أن يستكشف عبر مسرحياته كل تلك الجوانب من العواطف الإنسانية، من انفعالات المآسي العميقة، إلى الفكاهة الشعبية في مسرحياته الهزلية، فهو أمر ليس بأقل بعثاً للحيرة مما يحيط بشخصيته؟
هذه قضية لها علاقة بالموهبة.
*وبقدر ما كانت حياتك العامة عادية، كنت تدرك كل ما يمكن أن تنطوي عليه أخلاق البشر من سمات.
لقد كتبت ما لا يقل عن 154 قصيدة غنائية، وبعض هذه القصائد الغزلية كتبتها إلى «الجمال الأسود».
*هل لنا أن نعرف من هذه الجمال الأسود يا سيد وليم شكسبير؟
هي شخصية المرأة الحلم التي لا يجدها الإنسان في الواقع، فلكل امرأة فارس أحلامها، ولكل رجل امرأة تسكن في أحلامه، ومن النادر أن يلتقي بها، لهذا تظل دائماً حاضرة في أحلامه.
*لكنك يا سيد وليم شكسبير كنت قادراً على الحصول على أجمل النساء خاصة بعد وصولك إلى قمة الشهرة.
إنسان مثلي لا يريد المرأة الأحلى والأغلى، بقدر ما يريد المرأة الحلم والتي لا تأتي.
*هناك من يقول إنه في عصر كانت اللغة الإنجليزية في أوج ازدهارها، اكتشف فيها شكسبير آفاقاً جديدة من الجمال الشعري.
نعم فأسلوب جولييت السلس، والبرود المتعالي في أسلوب الملك لير، يسموان كثيراً فوق مستوى أسلوب الحديث العادي.
*ومسرحية «العاصفة» تتضمن الكثير من الفقرات الرائعة، بخلاف حديث بروسبير القائل «إن القباب التي تعلوها السحب، والقصور الفاخرة... والمعابد المهيبة، والكرة الأرضية العظيمة نفسها.
أجل وكل ما خلقته، سوف يتلاشى، وهي مثل هذا البهاء الزائف سوف تذبل ولا تترك وراءها أثراً، هكذا خلقنا، كأننا أطياف أحلام، وحياتنا القصيرة يكتنفها الكرى.
*أما شكسبير المؤلف المسرحي، فيكاد يكون كاملاً، التلاحم بين شخصياته محدد وواضح، وإحساسه بالزمن والنتائج رائع، وأننا لنجد مشاهد المسرحية تنتقل انتقالاً سريعاً من قارة إلى أخرى (كما في مسرحية أنطونيو وكليوباترا)، دون أن يفقد المشاهدون الإحساس بتتابع الأحداث، أو يبتعدون عن ملاحقتها، أن عبقريتك يا سيد وليم شكسبير تتجلى في أروع مظاهرها في شخصياتك.
وفي الأدوار الثانوية، مثل بولينيوس Polyclinics ومر كوشيو Mercuric واينوباربوس Barbarous وجاك Jacques تبرز شخصيات ظلت تجذب إليها المشاهدين طيلة قرون.
*أما المهرجون والمغفلون ومنهم بوطوم Bottom، وفالستاف Falstaff اللذان كان في استطاعتهما أن يتكلما بأكثر مما حدد لهما.
كانا قادرين على استدرار ضحكات مشاهديهما، بنكاتهما ذات الطابع المختلف.
*لا مغالاة في أن جميع المشاهدين يشعرون بالتأثر العميق لمواقف هاملت، وماكبث وعطيل ولير، وهم ينغمسون في الكوارث، في ظروف لا يمكن وصفها إلا بأنها «مآس شكسبيرية».
ولكن الناحية الأقرب إلى المأساة تكمن في أن ترديهم هذا، كان ناتجاً عن انحرافات في أخلاقهم نفسها.
*في شخصياتك يا سيد وليم شكسبير من التعقيد وفي الوقت نفسه من الإقناع، لدرجة أن النقاد لا يترددون في مناقشة دوافعها الحقيقية.
هذا متروك للنقد الأدبي الجاد.
*بعد ثلاث سنوات من عملك في لندن أصبحت ممثلاً وكاتباً مسرحياً وعندما بلغت الثلاثين بدأ نجمك بالصعود.
في الرابعة والثلاثين من عمري حققت نجاحاً اقتصادياً وازدهاراً فنياً حسدني عليه الكثيرون من المؤلفين للمسرح.
*وقد اعتبرت كاتباً مسرحياً رائداً، ومعنى الريادة أنك ستكون موجوداً في قمة التاريخ يا سيد وليم شكسبير.
إن الريادة لا تأتي إلا من خلال الجهد المتواصل، فخلال السنوات العشر التالية ألفت العديد من المسرحيات.
*هي الروائع الخالدة في تاريخ المسرح العالمي، هل لك أن تذكرها لنا يا سيد وليم شكسبير؟
الجميع بات يعرفها.
*لكن الأجمل أن يسمعها الآخرون من مبدعها.
هي يوليوس قيصر وهاملت وعطيل ومكبث والملك لير.
*هل لنا أن نعرف يا سيد وليم شكسبير عدد المسرحيات التي كتبتها.
38 مسرحية ألفتها بما في ذلك بعض المسرحيات الصغيرة التي ألفتها بالاشتراك مع الآخرين.
*والأعمال الأخرى يا سيد وليم شكسبير؟
كتبت مجموعة من 54 قصيدة سوناتا والسوناتا تتألف من 14 بيتاً وثلاث أو أربع قصائد.
*يبدو يا سيد وليم شكسبير أنك الأهم من بين الشخصيات الأدبية دون منازع، فقليل من الناس في هذه الأيام يقرؤون شوسر وفرجيل وحتى هوميروس، ولكن في أي حفلة مسرحية لإحدى رواياتك يحضرها الكثيرون وغالباً ما يقتبس من أقوالك من قبل أشخاص لم يقرؤوك أو يروا مسرحياتك.
في تصوري هذا يعود إلى أن مسرحياتي منحت السرور والمتعة لكثير من القراء والمشاهدين خلال أربعة قرون تقريباً، ومن المنتظر أن تظل أعمالي مألوفة من قبل الناس لعدة قرون نائية.
*ومع أنك يا سيد وليم شكسبير كتبت أعمالك المسرحية باللغة الإنجليزية، إلا أنك كنت ومازلت شخصية معروفة عالمياً، وترجمت معظم أعمالك بشكل واسع وقرأت مسرحياتك ومثلت في عدد كبير من الأقطار.
في تصوري أن المؤلف المسرحي إذا استطاع أن يقدم شخصيات قوية قادرة على اختراق الزمان والمكان، تعيش أعماله، فأنت من الممكن أن تتعاطف مع الملك لير في أبعد كوخ في قرية نائية وتكره بروتس.
*إضافة إلى التعاطف مع روميو وجوليت وكراهية الليدي ماكبث.
أجمل ما يفعله الكاتب أن يخلق شخصيات تعيش في كل القرون وكل المواسم.
*هناك من يقول إن شكسبير سرق المسرحيات التي كتبها؟
ممن سرقت هذه المسرحيات؟
*من الكونت دي فير حيث إن هذا النبيل المعروف اضطر بحكم موقعه لأن ينشر مسرحياته وسونيناته باسم ذلك الممثل المغمور الذي يدعى وليم شكسبير وأنت عملياً لم تدخل الجامعة.
ليس ضرورياً أن يكون المبدع خريج جامعة معروفة، فأنا أتقن الإليزابيثة واللاتينية وفن الخطابة، ومكنتي قدرتي على استيعاب الأساطير وحكايات التاريخ وملكتي التمثيلية الخاصة على كتابة نصوصي التي احتوت على تلك اللغة العالية.
*كما احتوت على حوارات سوقية وعامية كثيرة.
وهي حوارات لا يتقنها أمثال دي فير.
*السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا يحاول البعض التقليل من أهمية كتابتك يا سيد وليم شكسبير؟
البعض ينكر وجودي.
*وهذا دليل على تحولك إلى أسطورة، يضاف إليها في كل جيل المزيد من القراءات والتصورات الجديدة وهي في صالح المبدع ليظل باقياً في الزمان.
المهم أنني انتقلت إلى العالم الآخر في عام 1616 وأنا في الثانية والخمسين من عمري.
*كلمتك الأخيرة للمبدعين يا سيد وليم شكسبير.
كونوا أنتم وغوصوا الواقع بصورة أعمق.