عواصم - (وكالات): دارت اشتباكات في القدس الشرقية بين شبان فلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي، بعد انتهاء صلاة الجمعة أمس، بينما تشدد تل أبيب من إجراءاتها لتضييق الخناق على الفلسطينيين، في وقت أمر فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بهدم منازل منفذي الهجمات في القدس الشرقية. وذكرت تقارير أن المواجهات استمرت في مخيم للاجئين الفلسطينيين القريب من القدس الشرقية، رغم إقامة إسرائيل جداراً عازلاً فصل بين القدس والمخيم. وفي هذا المخيم - الذي خرج منه منفذ عملية الدهس التي وقعت في حي الشيخ جراح بالقدس قبل يومين وأدت إلى مقتل إسرائيليين - قامت إسرائيل بتصفية الشاب بدم بارد، ومنعت تشييع جنازته بصورة كبيرة، وفرضت أن يكون دفنه في حدود منتصف الليل، وألا يحضره سوى 35 فلسطينياً فقط. وأمس، انطلقت جنازة رمزية لهذا الشهيد انتهت بمواجهات بمخيم شعفاط. وذلك غداة اشتباكات وقعت بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية أمس الأول على خلفية إغلاق إسرائيل الحرم القدسي الجمعة الماضي.
وأشارتا التقارير إلى تصاعد دخان من المخيم جراء حرق الشبان الفلسطينيين الغاضبين بعض الإطارات داخل المخيم، كما سمعت أصوات القنابل الصوتية والقذائف التي تطلقها قوات الاحتلال بكثافة من حين لآخر باتجاه الشبان. وأفادت التقارير بأن هناك محاولات مستمرة من القوات الإسرائيلية التي تدفع مزيداً من الإمدادات لقمع الشبان الفلسطينيين، خلال الأيام الماضية التي ظل التوتر فيها يخيم على المخيم.
وفي نقطة أخرى، زادت حدة التوتر في حي قلنديا، خاصة عند معبر قلنديا المؤدي من مدينة رام الله إلى مدينة القدس، وتوجد مواجهات بين قوات الاحتلال الإسرائيلية وشبان فلسطينيين.
وفرضت قوات الاحتلال أمس قيوداً على الصلاة في المسجد الأقصى ومنعت الرجال تحت سن 35 عاماً من أداء صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى، معلنة حالة تأهب في مدينة القدس وباقي مناطق الضفة الغربية تحسباً لتجدد المواجهات. في هذه الأثناء، أعطى نتنياهو تعليمات بهدم منازل المتهمين بالعمليات التي وقعت في الأيام الماضية، وتصعيد حملات الاعتقال والإبعاد عن القدس، وقد دعا بعض أعضاء الحكومة لحملة واسعة واجتياح.
وذكرت مصادر من القدس أن هذه التعليمات تأتي في سياق محاولة إسرائيل مواجهة هذه الموجة من الاحتجاجات التي تشهدها مدينة القدس، في ممارسة فعلية للقبضة الحديدية على الفلسطينيين.
يأتي ذلك بعد عملية الدهس التي نفذها فلسطيني ضد مجموعات من الجنود الإسرائيليين، وأسفرت عن مصرع ضابط وإصابة 14 إسرائيلياً، قبل أن يتوفى آخر متأثراً بجراحه صباح أمس، كما أدت العملية إلى استشهاد منفذها بعد أن أطلقت شرطة الاحتلال النار عليه. وفي سياق ردود الفعل، حذّرت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي الجديدة فيديريكا موغيريني في القدس من تصعيد جديد لأعمال العنف في الشرق الأوسط في حال عدم استئناف الجهود لحل النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين. كما أعربت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جنيفر بساكي عن «قلق واشنطن الشديد»، من تصاعد التوتر مؤخرا في أنحاء القدس وفي المنطقة المحيطة بالحرم القدسي.
من جهته، شدد عاهل الاردن الملك عبد الله الثاني في اتصال مع نتنياهو على رفض الأردن المطلق أي إجراءات من شأنها المساس بقدسية المسجد الأقصى وحرمته، وتعريضه للخطر أو تغيير الوضع القائم إزاءه.
في سياق متصل، قال محللون ان الهجمات دهسا بالسيارة التي شهدتها القدس مؤخرا تطرح تحديا كبيرا لاجهزة الامن الاسرائيلية لكنها تكشف كذلك عن محدودية الوسائل التي يملكها منفذوها الفلسطينيون.
وفي غياب التنظيم وامام الطابع الفردي لهجمات قد يتقرر تنفيذها بين لحظة واخرى، تبدو المهمة مستحيلة للشرطة التي قررت وضع كتل اسمنتية امام مواقف الترامواي في القدس. من جهة اخرى، اعتبرت قيادات فلسطينية، ان التفجيرات التي استهدفت منازل قياديين من حركة فتح في غزة فجر امس، تهدد باعادة ملف المصالحة الفلسطينية الى المربع الاول بعد اتهام حماس بالمسؤولية عنها. واحدثت العبوات التي فجرت امام منازل اكثر من 10 من قياديي فتح اضرارا مادية بدون اصابات.
ووقعت حركتا فتح وحماس اتفاق مصالحة وطنية في ابريل الماضي بهدف اصلاح العلاقات التي انهارت عندما طردت حركة حماس فتح من غزة اثر اشتباكات دامية في 2007. ورغم تشكيل حكومة في يونيو الماضي، الا ان حماس بقيت القوة التي تحكم غزة. واتفق الجانبان بعد حرب غزة الاخيرة في 25 سبتمبر الماضي على ان تتولى حكومة التوافق الوطني زمام الامور في غزة. وهو شرط ضروري لحصول القطاع على الاموال الدولية اللازمة لاعادة الاعمار. وعلى الاثر قرر رئيس حكومة التوافق رامي الحمد الله ارجاء زيارته الى قطاع غزة والتي كانت مقررة للتوقيع على اتفاقيات مع الاتحاد الاوروبي. ولم تقتنع فتح بادانة حماس للتفجيرات من خلال المتحدث باسمها سامي ابو زهري، واتهمت الحركة الإسلامية بالمسؤولية الكاملة عنها، عقب اجتماع عقدته اللجنة المركزية للحركة في رام الله. واعتبر مسؤول ملف المصالحة مع حركة حماس عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد «إن هذه التفجيرات قنابل تفجيرية أمام مسيرة المصالحة وأمام مسيرة حكومة التوافق». وأضاف «هذا لا يعفي حماس من تحمل كامل المسؤولية، ولا نريد استنكارات». وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ «لا يوجد أدنى شك بأن حركة حماس تتحمل المسؤولية عما جرى بحق قيادات فتح في غزة». وقال شهود عيان إنه عثر أمام غالبية المنازل المستهدفة على رسائل تهديد موقعة باسم «داعش» وهو الاسم الرائج لتنظيم «الدولة الإسلامية» الذي يرتكب فظاعات في سويا والعراق.
واستهدفت سلسلة الانفجارات منازل وسيارات قادة ومسؤولي الحركة في عدة مدن في القطاع من بينها منزل عبد الله الإفرنجي عضو اللجنة المركزية للحركة في مدينة غزة وفيصل أبو شهلا عضو المجلس التشريعي، إضافة إلى منزل وسيارة فايز أبو عيطة المتحدث باسم الحركة في غزة.
وتأتي هذه الانفجارات مع التجهيز لإحياء ذكرى وفاة عرفات التي وافقت وزارة الداخلية في غزة على تنظيمها، كما اعلنت سابقا. وكانت حماس ترفض بعد سيطرتها على قطاع غزة السماح بإحياء الذكرى في غزة.