تنطلق في البحرين اليوم أعمال المؤتمر الدولي لمكافحة تمويل الإرهاب بمشاركة منظمات إقليمية ودولية وخبراء ومختصين يمثلون أكثر من 30 دولة، بهدف الاتفاق على خارطة طريق بشأن سبل تعزيز مكافحة تمويل الإرهاب.
وتأتي استضافة البحرين لهذا المؤتمر المهم، في ظل ظروف إقليمية وعالمية، واعتراف دولي بمكانة البحرين الدولية ودورها في مكافحة الإرهاب على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي.
وفور إعلان وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة في كلمته أمام المؤتمر الدولي حول أمن واستقرار العراق المنعقد في باريس منتصف سبتمبر الماضي، استعداد المملكة لاستضافة المؤتمر، رحب أمين عام الأمم المتحدة وجميع الدول الحضور والاتحاد الأوروبي بالقرار، مثمنين مبادرات البحرين المتتالية لخدمة البشرية وحفظ الأمن والاستقرار في العالم.
ويعد الترحيب الدولي بقرار البحرين استضافة المؤتمر، تأكيداً عالمياً لمكانة المملكة كمركز مالي عريق للتمويل الإسلامي والتقليدي، وسياساتها المالية الناجحة في محاربة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال، إذ يمكن الاستفادة من تجربتها عالمياً، بعد أن أصبحت محل إشادة دولية.
ويحظى المؤتمر بمشاركة دولية واسعة تشمل أكثر من 30 دولة، إضافة إلى عدد من المنظمات الإقليمية والدولية، منها الأمم المتحدة، البنك الدولي، صندوق النقد الدولي، جامعة الدول العربية، مجلس التعاون الخليجي، المفوضية الأوروبية، مجموعة العمل المالي المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب FATF، والمنظمة الإقليمية العاملة على غرارها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومقرها البحرين MENAFATF، ونخبة من كبار الخبراء المختصين.
وتنبع أهمية المؤتمر من تزايد خطورة ظاهرة الإرهاب على المستوى الدولي، وآثارها المدمرة على العالم مع تنامي المنظمات الإرهابية واستغلالها التكنولوجيا في بث أفكارها الهدامة، ودعم بعض الدول للإرهاب، ولعل تجفيف منابع تمويل الإرهاب هو الطريق الأكثر نجاعة للقضاء على الظاهرة.
وتعد جهود البحرين في مجال مكافحة الإرهاب الدولي متعددة، ومنها التنسيق الدائم والمتواصل مع دول العالم للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب ومنها دول مجلس التعاون الخليجي ومعظم الدول العربية مثل المغرب والأردن، ودول آسيوية كباكستان وطاجيكستان ودول غربية بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، عبر اتفاقيات ومعاهدات وتفاهمات من أجل القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة.
وتشارك المملكة وعلى أعلى المستويات، في المؤتمرات الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب، لاسيما مؤتمرات تنظمها الأمم المتحدة، ولا يقتصر دورها على المشاركة، بل تسعى لتقديم مقترحات وحلول تنال دائماً الموافقة والتأييد الدوليين.
واقترحـــت البحريــن عــام 2009 علــى مجلــس التعاون الخليجي، إنشاء مركز لمكافحة الإرهاب على مستوى الخليج، وإيجاد نهج أمني متطور في مواجهة الإرهاب.
وأيدت المملكة ودعمت جهود المجتمع الدولي في محاربة تنظيمات مثل «القاعدة» و»داعش»، وأصبحت عضواً في «مبادرة إسطنبول للتعاون» منذ إنشائها عام 2005، وتعاونت مع «الناتو» على كافة المستويات السياسية والعسكرية.
وشاركت البحرين بوحدات قتالية وأمنية في جهود المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب، وبتوجيهات صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى القائد الأعلى، شاركت تشكيلات طائرات سلاح الجو الملكي يوم 23 سبتمبر 2014 وبالاشتراك مع القوات الجوية بدول مجلس التعاون والقوات الحليفة والصديقة، في ضرب وتدمير عدد من المواقع والأهداف المنتخبة للجماعات والتنظيمات الإرهابية، ضمن الجهد الدولي المتعلق بحماية الأمن الإقليمي والسلام الدولي.
وأرسلت المملكة عدداً من قطعها البحرية إلى خليج عدن، في مهمة غير مسبوقة للبحرية الملكية البحرينية خارج المياه الإقليمية، تنفيذاً لأربعة قرارات تبناها مجلس الأمن الدولي عام 2008، تدعو جميع الدول إلى تنظيم دوريات في الخليج والمياه قبالة الصومال، حيث تهدد القرصنة المتزايدة عمليات الشحن الدولية في أحد أكثر الممرات المائية ازدحاماً في العالم.
وشاركت إحدى القطع البحرية التابعة لسلاح البحرية الملكي البحريني، في مهمة دولية مطلع أكتوبر 2009، في إطار التعاون الدولي لجهود عمليات حفظ السلام ومكافحة القرصنة والإرهاب البحري، ضمن قوة الواجب المشتركة 151 تحت مظلة الأمم المتحدة، فيما شاركت بقوة شرطة في أفغانستان لتثبيت الأمن هناك ومحاربة التطرف.
وفي مجال مكافحة تمويل الإرهاب تشارك البحرين بصفتها عضواً بمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي، في مجموعة العمل المالي FATF، وتلتزم بتطبيق جميع المعايير الدولية في هذا المجال.
وتعتبر البحرين عضواً مؤسساً بمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا MENAFATF، وتستضيف مقر الأمانة العامة للمجموعة، بينما تتولى لجنة حكومية مسؤولية وضع السياسات الخاصة بحظر ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على مستوى المملكة، علماً أن اللجنة تأسست عام 2001، وهي تضم ممثلين عن الوزارات والهيئات الحكومية المختصة.
وتجري البحرين التدريبات والمناورات بشكل مستمر مع الدول الحليفة والصديقة من أجل مكافحة الإرهاب، إذ حضر جلالة الملك المفدى، التمرين الختامي المشترك لإحدى الدورات التدريبية لمكافحة الإرهاب سبتمبر الماضي، واشترك فيها الحرس الملكي البحريني وقوة من الحرس الرئاسي لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، وأكد جلالته في حفل ختام التمرين أهمية الاستعداد الدائم للتصدي للإرهاب بمختلف أشكاله.
وأقيم تحت رعاية قائد الحرس الملكي العقيد الركن سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة بقرية القدرة يوم 22 أكتوبر الماضي، حفل ختام التمرين المشترك «صقور حمد 2»، ودورة القفز المظلي الحر رقم 3، نفذه الحرس الملكي بمشاركة مجموعة من القوات البريطانية.
وخلال الفترة من 1ـ22 أكتوبر 2014، أجرت البحرين فعاليات التدريب المشترك بين الحرس الوطني ومجموعة من مشاة البحرية الأمريكية والبحرية البريطانية.
واستضافت المملكة ولعدة أيام فعاليات التدريب المشترك «خالد بن الوليد»، ونفذت خلاله عناصر من القوات الخاصة الملكية ووحدات الصاعقة المصرية في مايو 2014، العديد من الأنشطة والفعاليات شملت أعمال مقاومة الإرهاب، وتحرير الرهائن واقتحام الطائرات ووسائل المواصلات المختطفة، باستخدام أساليب الاقتراب الحذر لتحرير المحتجزين والتصدي للعدائيات المختلفة.
وتنطلق الجهود البحرينية المميزة في مكافحة الإرهاب وعمليات تمويله، من رؤية وطنية خاصة وموقف مبدئي ثابت، حيث ترى المملكة الإرهاب باعتباره جريمة دولية ليس بمقدور أية دولة من دول العالم أن تواجهه بمفردها، وأنه لا يمكن لأي دولة أن تعزل نفسها عن التهديدات والتحديات الإرهابية الجارية في محيطها الخارجي، وتشكل مصدراً لعدم الاستقرار الداخلي، وأن التحديات التي يشكلها الإرهاب المنظم تمثل مشكلة كبرى للعديد من دول العالم، ومنها البحرين، ما يحتم ضرورة الاهتمام بآليات التعاون الدولي فيما بين الدول، لاتخاذ خطوات وإجراءات عملية وفعالة تتناسب مع الأبعاد الجديدة والانتشار السريع لهذا الإجرام المنظم.
وأدركت البحرين خطورة ظاهرة الإرهاب منذ أمد، وأصدرت القانون رقم 58 لسنة 2006 بشأن حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية، وكان تعريف الإرهاب في القانون متسقاً مع مجمل ما نص عليه من تعريفات في الاتفاقيات الدولية المتعددة.
وأسست منذ عام 2001 لجنة حكومية مكونة من ممثلين عن الوزارات والهيئات المختصة، تتولى مسؤولية وضع السياسات الخاصة بحظر ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأدرجت البحرين العديد من المنظمات على لائحة الإرهاب، وتعد من البلدان المتقدمة في مجال الانضمام إلى الاتفاقات الدولية لمكافحة الإرهاب، وهناك عدة اتفاقات انضمت إليها، أبرزها اتفاقية دول مجلس التعاون الخليجي لمكافحة الإرهاب، والاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، والاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب، ومعاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب، والاتفاقية الدولية لقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل، واتفاقية قمع أعمال الإرهاب النووي وغيرها.
وتعتبر جهود البحرين في مجال مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه مشهودة ومحل تقدير عالمي كبير، نجده في الإشادات الدولية المتكررة بجهودها وفي التقارير الدولية كتقرير الخارجية الأمريكية والخارجية البريطانية.
وتمثل استضافة المملكة للمؤتمر إضافة لسجلها الوافر من الإنجازات في مجال حفظ الأمن والسلم الدوليين، كأهم هدف لإنشاء منظومة الأمم المتحدة، والداعية إليها كافة الأديان السماوية.