خلص تقرير متخصص إلى أن تقدم أكثر من 30 امرأة للترشح للانتخابات المزمع إجراؤها في الـ22 من نوفمبر المقبل دليل صعود حظوظها في الانتخابات المقبلة، مشيرا إلى أن مستوى الحضور في كل جولات الانتخابات السابقة ارتفع تدريجيا.
وقال التقرير الذي بثته وكالة أنباء البحرين بنا إنه «مع تقدم أكثر من 30 امرأة للترشح للانتخابات يمكن الخلاص إلى أن للمرأة البحرينية حضورها الفاعل في ساحات العمل السياسي والمدني، وهو دور كبير ومتدرج منذ عقود، فضلا عن أنه يتسم بالتصاعد والتطور الملحوظ، ويُنتظر من المرأة سواء كانت مرشحة أو ناخبة والتي تشكل نصف عدد سكان المملكة تقريبا، أن تقوم بدور أكبر في المرحلة المقبلة التي تمثل فيها الانتخابات علامة فارقة في مسيرة الإصلاح الوطني».
ولا يعود هذا الدور المتعاظم للمرأة البحرينية في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بحسب التقرير، إلى ما تتمتع به من تعليم وثقافة ووعي تشكل في وقت مبكر منذ بدايات القرن الماضي الذي شهد انطلاقة التعليم الأهلي والنظامي، حيث أُنشئت أول مدرسة لتعليم النساء عام 1919، وإنما يعود أيضا إلى مشاركتها ودورها الفاعل في ميادين العمل العام بكل مستوياته وقطاعاته، خاصة السياسي منه، وهو الدور الذي اكتسب بمرور الوقت خبرة وحنكة حتى أصبحت المرأة البحرينية على قدر التحدي الذي تفرضه مستجدات الساحة السياسية حاليا.
ونظرة سريعة لتطور دور المرأة البحرينية ومشاركتها في الحياة السياسية يؤكد هذا المعنى، إذ بالإضافة إلى اهتمامها وصعود حظوظها في الانتخابات المقبلة بدلالة زيادة عدد المترشحات إليها، فقد ارتفع مستوى حضورها في كل جولات الانتخابات السابقة تدريجيا، حيث خاضت 31 مرشحة الانتخابات البلدية التي جرت في 5/ 9 / 2002 مقابل 306 مرشحين من الرجال، وتم تعيين 6 نساء في عضوية مجلس الشورى في الفصل التشريعي الأول عام 2002، وارتفع العدد إلى 10 عضوات في الفصلين التشريعيين التاليين.
كما ترشحت المرأة للمجالس البلدية والبرلمان خلال انتخابات 2002، وتمكنت إحداهن بالفوز بمقعد في برلمان عام 2006، ثم تمكنت من الفوز بمقعد في الانتخابات البلدية 2010، وفي الانتخابات النيابية التكميلية عام 2011 استطاعت الفوز بثلاثة مقاعد ليرتفع تمثيلها في مجلس النواب إلى 4 مقاعد.
وكناخبة، ازدادت قدرة المرأة البحرينية تدريجيا على التعبير عن نفسها والمشاركة بفاعلية في اختيار النواب الذين يمثلونهن، خاصة خلال الفصول التشريعية الثلاث السابقة، وهو ما دل على الثقة بها والتأكيد على جدارتها، وهو الأمر الذي يؤمل معه أن تشهد مشاركتها في الانتخابات المقبلة حضورا أكبر عنه في الانتخابات السابقة. وواقع الأمر، أن هذا الدور المتزايد والفاعل للمرأة البحرينية يجيء نتيجة لأسباب عدة، منها: الاهتمام والرعاية التي اكتسبتها المرأة في العهد الزاهر للعاهل المفدى، حيث كان لها حظها الوافر في التشريعات التي سعت إلى تمكينها سياسيا واقتصاديا وثقافيا، وانتقلت إلى الأمام خطوات عديدة في مجال العمل السياسي، فأعطى لها الميثاق الوطني ومن ثم الدستور بتعديلاته المختلفة حق التصويت والمشاركة للمرة الأولى في الانتخابات، كما تم إنشاء المجلس الأعلى للمرأة برئاسة قرينة جلالة الملك صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة في أغسطس 2001، ليكون المؤسسة التي ترعى المرأة وتعمل على النهوض بها في جميع المجالات، والذي أصر على أن تكون النجاحات التي تحققها المرأة بعيدا عن أي أنظمة تتيح لها ميزة نسبية مثل نظام الكوتا، وذلك ثقة في المرأة البحرينية وقدرتها على الوصول إلى البرلمان والمجالس البلدية بمجهودها وبدون تدخل.
يضاف إلى ذلك، جهود المجلس الأعلى للمرأة ذاته منذ إنشائه وحتى تاريخه في وضع استراتيجية متكاملة لتمكين المرأة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وهي الاستراتيجية التي تنفذ على مراحل مدروسة، وحققت نجاحات كبيرة طوال السنوات السابقة وحتى اللحظة، ولعل الشاهد على ذلك وصول نسبة تمثيل المرأة في السلطة التشريعية إلى ما يقارب 20%، وزوال المعوقات الاجتماعية التي تحول دون مشاركة المرأة مما أدى إلى تغير كبير في نظرة المجتمع إلى المشاركة السياسية والاجتماعية للمرأة. وتتسم هذه الجهود التي يقوم بها المجلس كجهة إشرافية بالاستمرارية والتفاني، حيث يشار للبرامج التدريبية التي يعدها المجلس للسيدات المشاركات في الانتخابات، والندوات التي عقدها عن دور المرأة البحرينية في الانتخابات، وتعاونه مع معهد البحرين للتنمية السياسية لإقامة عدد من الفعاليات التدريبية لتأهيل المترشحات وجعلهن في وضع يمكنهن من خوض التجربة الانتخابية.
وقد كان لهذا الاهتمام السامي بالمرأة البحرينية، والجهود التي قادها المجلس الأعلى للمرأة بالتعاون مع كل أجهزة الدولة، الرسمية منها وغير الرسمية، أثرها الذي لا يمكن تجاهله في تعظيم مشاركة المرأة وحضورها في ميادين العمل العام، وهنا يمكن إبراز نتيجتين سيكون لهما عظيم الأثر في الانتخابات المقبلة، حيث يتوقع وفقا لذلك زيادة حصة المرأة البحرينية في عضوية مجلس النواب والمجالس البلدية، النتيجة الأولى تتعلق بالثقة التي اكتسبتها المرأة في قدراتها وإمكاناتها إذا ما كُلفت وانخرطت في مهام العمل الوطني المختلفة، وهي ثقة تزداد يوما بعد يوم، وذلك بعد اقتحامها العديد من مجالات العمل العام والخاص، وتوليها العمل في مناصب رفيعة، وزارية وقضائية ودبلوماسية وإدارية، تعدت الوطن لتولي مناصب مرموقة في المنظمات العالمية.
النتيجة الثانية خاصة بزيادة وعي المرأة بالواقع البحريني المعاش، وإدراكها للتحديات التي تواجهه، وهي التحديات التي تتطلب التوحد من جانب كل مكونات المجتمع، رجلا كان أم امرأة، من أجل التعاطي معها في ظل هذه المرحلة الهامة من تاريخ المملكة، الأمر الذي يدفع إلى مشاركة المرأة البحرينية وتفعيل تواجدها في الساحة ليكون لها دور في الدفاع عن وطنها، وإفشال المخططات التي تحاك له، خاصة وأن الانتخابات المقبلة تواجه بمحاولات مستميتة لاستلاب إرادة المجتمع وإصراره ورغبته في تطوير وتحديث المشروع الديمقراطي للمملكة.
لا شك أن الانتخابات المقبلة كما هو منتظر، ومثلما تعكسه المؤشرات الأولية، ستشهد حضورا كبيرا للمرأة البحرينية التي تحرص على حاضر الوطن ومستقبله من أجل ترسيخ العمل المؤسسي وتدعيمه، الأمر الذي يفرض عليها العمل وبكل قوة من أجل التواجد ومشاركة الرجل أعباء النهوض بالمملكة والارتقاء بها في مصاف الدول المتقدمة.