اعتبر المشاركون في الجلسة الثالثة للمنتدى الخليجي للإعلام السياسي، الدين والسياسة والمال، المحركات الأساسية للإعلام التقليدي والجديد، داعين إلى بناء منظومة إعلامية جديدة، تتحرر من التسييسوالأدلجة.
وأكد المشاركون في مقارباتهم لموضوع «صناعة الرأي العام عبر الفضائيات»، ضرورة تأطير الإعلام الجديد، للحيلولة دون قيادة شبكات التواصل الرأي العام إلى الهاوية.
وأعربت مقدمة البرامج بقناة العربية منتهى الرمحي، أن عنوان المنتدى «الإعلام وثقافة الاختلاف» عنوان جدلي خطير جداً، لاستحالة وجود رأي عام يمثل المجتمع بأكمله، والرأي بطبيعة الحال يتفرع إلى عالمي ومحلي ونخبوي وحتى فئوي، ودائماً ما تمثل الطبقة الوسطى وعامة الشعب الرأي العام في أغلب المجتمعات العربية، ومن الصعب جداً تشكيل رأي عام في نظام سلطوي ودكتاتوري، لعدم وجود مساحة من الحرية وقبول آراء عموم المجتمع والشعب.
وأضافت أن الإعلام الخليجي لا يقتصر تأثيره فقط على المحيط الخليجي، بل يتعداه لكافة الأقطار والبلاد العربية، لافتة إلى أن الشعوب العربية على قدر من الوعي، ولديها مقومات تشكيل الرأي العام.
واعتبرت الدين أهم مقوم من مقومات تشكيل الرأي العام، لأهميته في نشأة الوعي والفكر لدى الشعوب العربية، سيما إذا اجتمع معه الفقر والجوع والبطالة والجهل، باعتبارها جميعاً تشكل قوة في طرح الرأي العام.
وافترضت أن ينطلق الرأي العام من النخبة، لقربهم من المنطق بعيداً عن الانفعالات العاطفية، مستدركة «النخبة للأسف أصبحت سلطوية ولم تعد تقدر رأي الشارع».
وقالت إن العامل الأهم والأبرز في تحريك المؤسسات الإعلامية يتحكم بها رأس المال، لافتة إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تشكل دوراً كبيراً في تحريك الرأي العام، وبات يخشى أن يقود الشارع العربي الجميع بانفعالاته البعيدة عن المنطق إلى الهاوية.
وأكدت في ختام حديثها أن بعض القضايا لا تحتاج للحيادية مثل قتل الأطفال وغيرها من الجرائم، وأن المنابر الدينية غالباً تقلص فرص الحوار بفتاواها.
من جانبه تطرق الصحافي الإماراتي فيصل بن حريز، إلى مراحل صناعة الرأي العام بالنسبة للفرد وتأثره بداية حياته بالتربية والنشأة والدين، وبعدها التأثر ببيئة المسجد والحي والأصدقاء، وأخيراً القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث تلعب دوراً كبيراً في صناعة الرأي العام والتأثير.
وقال إنه في السابق لم تكن هناك تعددية في الآراء والقنوات، في المقابل غير الربيع العربي مجريات الأحداث وبالتالي الرأي العام، وأصبح للإعلام الجديد دور كبير في تمييز وتكذيب بعض القنوات لما تفرضه حرية الإعلام الجديد. وأكد أن الإعلام الجديد يحتاج لطريقة مغايرة في التعامل مع الآراء، وأن بعض القنوات أحدثت نقلة نوعية في الدخول على مواقع التواصل الاجتماعي، وبدأت تنافس وسائل الإعلام في عدد المشاهدات في اليوتيوب مثلاً. وأضاف أن الإعلام الجديد ورغم سرعته في إحراز عدد كبير من المشاهدات وتحريك الشارع والرأي العام، إلا أنه لم يستطع بعد التغلب على الفضائيات، مستدركاً «لكن لابد للقنوات الفضائية من مراعاة التنوع للوصول لأكبر عدد من الجمهور».
وذكر أن المجتمع الخليجي مبتلى بداء المجاملة والحساسية في طرح الآراء حفظاً للعلاقات، مضيفاً «من الضرورة حل هذه المشكلة والتحرر من المجاملة لإثارة الآراء والقبول بثقافة الاختلاف».
وقال الإعلامي السعودي بقناة روتانا خليجية عبد الله مديفر، إن داخل كل إنسان عربي مستبد صغير ولكنه قوي يحرك المرء للدفاع عن آرائه وما يتبناه، مشيراً إلى أن موضوع المنتدى في غاية الأهمية وخاصة للمجتمعات الخليجية، لأنها تعاني بشكل غير طبيعي من نقص في ممارسة ثقافة الاختلاف.
وتطرق مديفر إلى مفهوم الشفافية بوصفه أنه غير محترم في المجتمعات والمؤسسات الإعلامية العربية، وأنه من الصعب أن يضعها الإعلام الحكومي لاتباعه سياسة تخدم توجهاً معيناً. ودعا إلى تغيير مفهوم أن المؤسسة الإعلامية هي من يحرك الرأي العام، وضرورة أن ينطلق الرأي العام من الشارع ويضغط الشباب بدورهم على المؤسسات لإثارة الرأي العام، حتى يتحول الفضول الفطري الإنساني إلى حق المعرفة ليكون أصيلاً في كل إنسان.
وأضاف «نحن مجتمع معجون في الدين، وهو جزء لا يتجزأ من ثقافتنا كشعوب، ولكن الخلل في سوء توظيفه، واستعداء الناس باسمه للخوض في الموضوعات السياسية».
واعتبر السياسة والمال أكثر ما يؤثر في الإعلام، وأن الشارع يجب أن ينبع منه الرأي العام لتكون قاعدة الإعلام أكثر صلابة، ولو كان العكس نرى أنه يمثل طبقة لينة، والإعلاميون في الخليج للأسف ليسوا طبقة صلبة فهم يستخدمون ولا يخدمون.
وقال «لتحقيق الحيادية والموضوعية يجب النزول لرجل الشارع، والانحياز لما يجب أن يعرفه لا لما يرغب أو يحب، ومشكلتنا في الإعلام أننا نضيع الحقيقة من خلال سرد مجموعة من الحقائق».
وأكد «أننا كمنظومة إعلامية نحتاج لصناعة أنفسنا من جديد، والتحرر من الإعلام بشقيه المسيس والمؤدلج، وأن دوره الرئيس يرتكز على رقابة الجهاز التنفيذي ممثلاً في الحكومة وليس التسويق لها».